في اكثر من موقع ثقافي سعودي ثمة عاصفة تتهيأ للانطلاق. في جمعية الثقافة والفنون استقال مبارك الخالدي معتذراً عن منصب مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام ومبرراً استقالته بعدم ارتياحه الى جو العمل. واستقال كذلك سعود الجراد فرع حائل بعد مشاحنات طويلة انتقلت الى صفحات الجرائد بينه وبين رفيق دربه جارالله الحميد معللاً ان جار الله يصر على "استاذيته" محاولاً تحجيم دوره ومحاربة كل الأنشطة الثقافية التي تقدمها الجمعية. ونفى رئيس مجلس ادارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون محمد الشدي اي مشاحنات أو تفرقة بين اعضاء فروع الجمعية المترامية وسع مساحة السعودية. وعلل ما حدث من استقالات بأنها استقالات فردية ومحصورة في اثنين او ثلاثة اشخاص بينما لم يحاول تجاهل أو تناسي ترحيل نادي القصة تابع للجمعية في مركزها الرئيسي في الرياض مجموعة من كتّاب السرد وإغلاق الأبواب دونهم بعد خلاف نشب بين سكرتير نادي القصة وتلك المجموعة مما حمل الروائي ابراهيم الناصر على توجيه خطاب نشر عبر الصحف عمّا بادرت به الجمعية في حق مجموعة من كتّاب القصة في السعودية قائلاً إن هذا الفعل لا يليق أن يأتي من مؤسسة ثقافية مهمتها نشر أو تطوير فنون السرد. وحمل بعض اعضاء المجموعة سكرتير نادي القصة مسؤولية ابعادهم عن النادي. وفي "نادي الباحة الأدبي" تقدمت مجموعة من الأعضاء باستقالات متعددة الأسباب. وأسف لها نائب رئيس النادي علي بن صالح السلوك. لكن هذا الأسف لم يثنِ الأعضاء المستقيلين للتراجع عن استقالاتهم. ولم تثر استقالة هذه المجموعة تعاطفاً صحافياً كون "نادي الباحة" يضم اسماء مغمورة ليس لها أثر في الساحة الأدبية. وفي احتفالات نادي القصيم الأدبي بمرور عشرين عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم سجل عبدالفتاح ابو مدين رئيس نادي جدة الأدبي اعتراضاً على البحث الذي قدّمه محمود زيني واصفاً إياه بأنه بحث لا يرقى الى مستوى البحث العلمي وأن الباحث أهدر كثيراً من الروافد الثقافية ما جعل بحثه سقيماً غير صادر عن اكاديمي يفترض فيه المعرفة بأصول البحث. وحذر نادي القصيم الأدبي من طبع البحث الذي تقدم به زيني مما حمل الأخير على مهاجمة ابو مدين متهماً نادي جدة الأدبي بإهدار المال المخصص للنادي في مطبوعات حداثية لا تخدم المعترك الأدبي المحلي وبإغفال النشاط المنبري الذي يمكن ان يقدم اصواتاً واعدة في مجال الأدب. واهتم النادي بتقديم خدمات أدبية لغير السعوديين. وقال عبدالفتاح أبو مدين ان إصدارات النادي علامات، الراوي، جذور، نوافذ، عبقر هي إصدارات دورية متخصصة في حقول الأدب المتنوعة نقداً وسرداً وشعراً وتراثاً وترجمة، تحظى باهتمام الأدباء داخل المملكة وخارجها، ما يجعلها اصدارات ذات قيمة ادبية لا تقتصر في خدماتها على المفهوم الضيق للأدب. وأصر على موقفه من بحث محمود زيني مؤكداً انه بحث يفتقر الى المستوى العلمي الراقي، ومشيراً الى ان زيني اغفل كثيراً من الروافد في معالم التطور الثقافي في العقدين الماضيين. ولا يزال بعض المثقفين بين إقبال على نادي الرياض الأدبي واستقالة منه بعد التغيير الإداري الذي طرأ على النادي، وهم يترددون حيال دعوة الترحيب التي قدمتها الإدارة الجديدة وإن كان البعض يرى منهم ان مثل هذا الانفتاح سيقود الى تواصل حقيقي بين نادي الرياض ومثقفي العاصمة وبغية إحياء تفاعل ثقافي ايجابي. وبعد وفاة رئيس نادي المدينةالمنورة محمد هاشم رشيد يتطلع مثقفو المدينة الى الشخصية التي ستترأس النادي وإن كان معظمهم يرشح محمد عيد الخطراوي نائب الرئيس ليتولى رئاسة النادي. هذا التمني يذكّر برتابة أو تقليدية الأداء لنادي المدينةالمنورة. ووفق هذا الانتظار لا يزال الكثيرون يترصدون ظهور ثلاثة رؤساء تحرير لثلاث مطبوعات البلاد - الوطن - المدينة تعمل من دون رؤساء تحرير بعد تخلي هؤلاء عن مناصبهم لأسباب مختلفة. وينطبق الانتظار ايضاً على صدور مجلة "النص الجديد" وهي كانت ظهرت قبل سنوات حاملة على عاتقها مسؤولية نشر الأدب السعودي الحديث. وكان الأدباء انفسهم يموّلونها، وصدرت خارج المملكة. هذه المجلة تقاعست في مشوارها وظل ظهورها متباعداً زمنياً، وفي الآونة الأخيرة ظهرت بوادر توقفها نهائياً. ويعلل الشاعر علي الدميني أحد مؤسسي المجلة هذا الظن قائلاً ان ظهور المجلة جاء في فترة زمنية محددة انتفى خلاله سبب ظهورها الآن إذ تطورت وسائل الاتصال واتسعت دائرة الهامش، ما يعني ان الأدباء السعوديين باتوا معروفين في المعترك الأدبي العربي وقادرين على الكتابة والتواصل مع المجلات الأدبية المتخصصة. وعلى مستوى النقد "المجالسي" ما يقال في المجالس الخاصة يرتاب مرتادو هذه المجالس من الكم الروائي الذي ظهر اخيراً ويخشون تجاوزه مرحلة النضج معلّلين ظهور هذا الكمّ من الروايات بكونه يهدف الى اللهاث خلف الأضواء. والغريب ان الساحة الأدبية كانت تنتظر ظهور الرواية، إلا ان العمل الروائي قوبل بالصمت النقدي، ويفسر هذا الصمت على انه موقف نقدي من تلك الأعمال التي لم تتجاوز الحدود الدنيا فنياً، وما تجاوز منها يرجع سبب نجاحه الى ظروف لا علاقة لها بالفن.