تنذر الاجراءات الجديدة التي تنوي الحكومة البريطانية تطبيقها للحد من تدفق طالبي اللجوء السياسي باثارة توتر سياسي في العلاقات مع فرنسا، ومع جماعات حقوق الانسان. وتحولت قضية طالبي اللجوء الذين يتوارون عن الأنظار بعد رفض طلباتهم إلى قضية ملحة تفرض نفسها على الحياة السياسية في بريطانيا، في وقت تمانع وزارة الداخلية في نشر الأرقام الخاصة بعددهم. وتنص الاجراءات المتشددة التي ينوي وزير الداخلية ديفيد بلانكيت فرضها، بعد عرضها على البرلمان لاقرارها، على إبعاد اللاجئين الذين ترفض طلباتهم فوراً إلى البلد الأوروبي الذي أتوا منه، أو إلى بلدانهم الأم إذا كانت الظروف تتيح ذلك ليستأنفوا من هناك قرارات إبعادهم. وتشكل فرنسا الوجهة الأبرز التي ستعيد اليها السلطات البريطانية اللاجئين الذين نجحوا في التسلل اليها قادمين من أوروبا. وفي هذه الحال فإن فرنسا التي كانت قوات الأمن فيها تتغاضى عن طالبي اللجوء ممن ينجحون في دخول أراضيها، ويتسللون إلى المملكة المتحدة، سترى نفسها في مواجهة معضلة سياسية من نوع جديد. ولا يتوقع أن توافق الحكومة الفرنسية الجديدة على الاجراءات البريطانية، في ظل الجدل الحالي حول الهجرة في فرنسا، حيث فاز اليمين المتطرف بسبعة عشر في المئة في الانتخابات الرئاسية. ويعتقد أن السلطات الفرنسية ستلجأ إلى إقامة معسكرات قريبة من نقاط العبور الى بريطانيا، لاسكان اللاجئين المطرودين، على أمل أن ينجحوا مرة أخرى في الدخول الى الأراضي البريطانية خلسة. وينتظر أن تثير الأبعاد القانونية لمسألة الابعاد نزاعاً قد يستدعي الاحتكام الى المفوضية الأوروبية، ومحكمة حقوق الانسان الأوروبية، بعدما أبدت منظمات الدفاع عن حقوق الانسان احتجاجها على الاجراءات الجديدة معتبرة أنها غير إنسانية. ويحتل العراقيون المرتبة الأولى بين طالبي اللجوء، وبلغ عددهم في الشهور الثلاثة الأولى من السنة الجارية 2840 شخصاً، يليهم الأفغان بمعدل 2350، ثم 1495 من زيمبابوي. أما طالبو اللجوء الايرانيون فبلغ عددهم 600. وتنوي السلطات طرد 2500 طالب لجوء شهرياً ممن رفضت معاملاتهم، إلا أن عدد الذين تم طردهم في شهر آذار مارس الماضي لم يتجاوز 860 شخصاً في وقت يتكدس اللاجئون شهراً بعد شهر. وخلال الربع الأول من السنة تقدم 19520 شخصاً بطلبات لجوء سياسي، إلا أن عدد الذين تم إبعادهم ممن رفضت طلباتهم لم يتجاوز 2550 شخصاً. ويتم احتجاز طالبي اللجوء في معتقلات خاصة، يجري العمل حالياً على بناء مزيد منها في الريف البريطاني. إلا أن عدد الذين يقررون من بينهم العيش خلسة بعد رفض طلباتهم يتجاوز 80 في المئة. ويعترف العاملون في مراكز البت في طلبات اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية أنهم كثيراً ما يقررون رفض طلب اللاجئ "لأن ذلك يعني قدراً أقل من العمل لهم"، والسبب أن الموافقة على أي طلب يتطلب من الموظف "القيام بقدر كبير من العمل المكتبي لتبرير سبب الموافقة واقناع المسؤولين بوجهة نظره". وينجح 20 في المئة من الذين رفضت طلباتهم في انتزاع موافقة السلطات مجدداً، بعد تقدمهم باستئناف أمام المحاكم المختصة. ويقول المعترضون على خطة الحكومة الجديدة إن المبعدين بالقوة سيسمح لهم باستئناف الأحكام الصادرة برفض طلباتهم من بلدهم الأم، أو من البلد الذي سيتم إرجاعهم اليه. إلا أن خطة الحكومة البريطانية تبدو غير واضحة ولا تحمل أي قدر من التفسير حول كيفية الاستئناف، ومن يتحمل أعباء الترجمة والمحاماة، فضلاً عن عدم تقديم أي ضمانات حول شفافية الاجراءات وكيفية الاشراف عليها. ولم يحسم البرلمان البريطاني بعد النقاش حول التعديلات الجديدة على قانون الجنسية والهجرة والاقامة. إلا أنه من المعتقد أن جزءاً كبيراً من الاجراءات سيوافق عليها النواب، خصوصاً أن العامل غير المعلن في القانون يتعلق بتشديد اجراءات الأمن والتدقيق بالأجانب عند الحدود.