وفقاً لتوجيهات من الرئيس السوري بشار الاسد لحل ازمة السكن بين الشباب. اصدر رئيس الوزراء الدكتور محمد مصطفى ميرو القرار رقم 1940 الذي كلف بموجبه "المؤسسة العامة للاسكان" بتنفيذ عشرة الاف وحدة سكنية صغيرة جاهزة لا تتجاوز مساحتها ثمانين مترا مربعاً. وتأتي هذه الخطوة استجابة لمطالب عدد كبير من الشباب بإحياء مبادرة "السكن الشعبي" بعدما اصبح ايجاد مسكن حلماً للشباب من بعض ذوي الدخل المحدود نتيجة غلاء الاسعار خصوصاً وان معدل النمو السكاني مرتفع في سورية حيث يبلغ 2.3 في المئة. وعلى رغم الركود في سوق العقارات والبناء وانخفاض مبيعات "المؤسسة العامة لتجارة مواد البناء" شركة بناء من مادة الاسمنت الا ان سوق العقارات لاتزال على حالها مع انخفاض بسيط في الاسعار من دون حركة بيع ملحوظة. ولعب تجار البناء والسماسرة بالدرجة الأولى الدور الأكبر في الحركة العمرانية ورفع أسعار المنازل و خلق أزمة سكن لا يمكن التراجع عنها الآن. وعلى عكس الوضع قبل سنتين أو ثلاث يخيم الكساد على حركة البيع والشراء في ما يتعلق بالشقق السكنية بحيث أصبحت المنازل المعروضة للبيع أكثر من المنازل المطلوبة للشراء. ويعود السبب في ذلك إلى أن مالكي الشقق الذين ركبوا موجة شراء وبناء العقارات في السنوات القليلة الماضية وحقق بعضهم ارباحاً خيالية كانوا اشتروها بأسعار مرتفعة ولا يريدون ان يخسروا مبالغ كبيرة في بيعها، علماً ان البيع يساعدهم في تحريك أوضاعهم المتوقفة. كما ان الذين يريدون شراء تلك المنازل لا يملكون المال الكافي. وشهدت سوق العقارات ارتفاعاً كبيراً في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات بعد صدور قانون الاستثمار 10 للعام 1991، وسعى عدد كبير من التجار الى الافادة من الوضع الجديد والنمو المرتفع السكاني ووجود قانون للايجار مجحف اذ يحدد مدة العقد بستة شهور، ما دفع الناس الى اغلاق منازلها بدلاً من تأجيرها خوفاً من تملكها من قبل المستأجرين والاتجار بمواد البناء والعقارات، ما رفع الاسعار بنسبة 300 في المئة. ووصل الانفاق على مواد البناء في تلك الحقبة الى نحو 13 بليون ليرة سورية عام 1994 الدولار يساوي خمسين ليرة. لكن حال القلق والجمود الاقتصادي الذي عانت منه البلاد في الفترة الاخيرة اديا الى عزوف عدد كبير من المستثمرين عن العمل في العقارات. وتتركز الازمة في سوء توزع السكان في المحافظات وتستقطب مدينتا دمشق وحلب ذات الكثافة السكانية الاكبر القسط الاكبر من المشكلة لارتفاع درجة التحضر فيهما وتمركز الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية في كل من المدينتين وتحكمها بحركة الاسواق المحلية ما يجعلهما ملاذاً لأبناء بقية المحافظات. ولعل تفاوت الكثافة السكانية من محافظة لاخرى اوجد مشكلة اكثر تعقيداً الا وهي ارتفاع اسعار المساكن فيهما مقارنة مع اسعار المساكن في المحافظات ذات نحو خمسة ملايين وما فوق 100 الف دولار، في حين ان في مخيم اليرموك منطقة شعبية لا يوجد منزل بمساحة 100 متر مربع بأقل من مليون ونصف ليرة، بينما يقل هذا المبلغ كثيراً في المحافظات الاخرى البعيدة. وهذا بدوره ادى الى ايجاد مشكلة تحولت الى ازمة اصبحت الشغل الشاغل للجهات المسؤولة الا وهي مشكلة المخالفات المنتشرة على أطراف المدن الكبرى لا سيما دمشق حيث دفع غلاء اسعار المساكن الشبان والوافدين من بقية المحافظات إلى الإستيلاء على المناطق المشاع غير المملوكة وتشييد الأبنية المخالفة بأسوأ الشروط الصحية ويرافق هذه المخالفات إعتداء على شبكات الكهرباء والمياه العامة ما يزيد الاعباء على الدولة. وقال احد الخبراء: "نحن في سورية ليست لدينا أزمة سكن ومسكن او اسكان وانما مشكلة تسكين أو سكن واسكان"، مشيراً الى أن المساكن الجاهزة للسكن متوافرة بما يزيد عن حاجات السكان ولبضع سنوات مقبلة اكثر من 400 الف شقة خالية في دمشق وأن المشكلة في ظاهرها إسكانية لكن في جذورها إقتصادية واضاف ان السبب الاقتصادي هنا ليس ضعف القدرة الشرائية لدى طالب المسكن فحسب بما لا يقارن مع كلفة المساكن وانما السعر الرائج الذي تتجاوز قيمته ضعف او اضعاف الكلفة. وتتزامن خطوة "السكن الشعبي" مع مبادرة قام بها "المصرف العقاري" باعطاء قروض تراوح بين 50 و80 في المئة من كلفة المسكن الحقيقية وبذلك تكون العلاقة مباشرة بين متبني المشروع ومنفذه ومموله وذوي الدخل المحدود بعيداً عن الاتجار بالعقارات واحتكارها لاقامة ضواح سكنية باسعار مماثلة تمول وتسدد بالشراكة بين الدولة والمواطن. يذكر ان نسبة المساكن الخالية في سورية ارتفعت في الاعوام الاخيرة الى 16 في المئة من مجموع عدد المساكن بعدما كانت لا تزيد على 8 في المئة في السبعينات. ويبلغ عددالمساكن في سورية 2.457 مليون مسكن عام 1994 منها مليونا شقة مشغولة اي ما نسبته 84 في المئة من مجموع المساكن.