من منا لا يشكو من النحس أو قلة الحظ، خصوصاً خلال السنة الأخيرة؟ فالكثير من رجال الأعمال أحسوا انهم اصيبوا بالنحس بعد احداث 11 ايلول سبتمبر التي اصابت عمق الإقتصاد العالمي والأميركي في شكل خاص، وقد يكون الاميركيون "من وجهة نظرهم" من اشهر المنحوسين في هذا القرن بعد تلك الاحداث والجمرة الخبيثة وتصاعد التوتر في العالم. ويلحظ المتابع لأحاديث الشباب في العالم وفي السعودية في شكل خاص زيادة "المنحوسين" او الذين يعتقدون بالنحس. هل تحس انك كائن "منحوس" أو أن الحظ قد فارقك؟ هذا السؤال وجّهناه لمجموعة من الشباب في الرياض. يقول عبدالله الحكمي طالب في كلية الآداب قسم الجغرافيا: منذ ان وطأت قدمي كلية الآداب وأنا أعيش حال نحس عجيبة لم يمرّ في حياتي مثلها، فالمواد التي أختارها وأريد ان احرز فيها علامات متقدمة أجدني فاشلاً فيها أو ان استاذ المادة "يكنّ لي البغضاء بسبب مادة رسبت معه فيها سابقاً". اما فاطمة عبدالرحمن الموظفة في احد مستشفيات العاصمة فتقول: "اغرب موقف حصل لي قبل سنة عندما حاولت التقدم الى احد البنوك للعمل وكنت قد جهزت جميع الاوراق المطلوبة، إلا اني تأخرت عن موعد اغلاق البنك بخمس دقائق"، وتتابع "رحت اتوسل لرجل الامن كي يدخلني وبشق الأنفس سمح لي بالدخول وأحسست اني قد ملكت الوظيفة بيدي في تلك اللحظة، وعند تقدمي للموظفة المسؤولة اجابتني بكل برود أن التقديم قد انتقل الى فرع آخر وتعتقد ان اليوم آخر موعد لتقديم الطلبات ... عندها احسست أن هذا هو يوم نحسي فتوقفت عن المحاولة". وللشاب علي الرويلي رؤية اخرى إذ يقول: "أنا صراحة لا أؤمن بأن هناك أشخاصاً منحوسين للأبد أو اشخاصاً محظوظين للأبد، ولكن أؤمن بوجود اشياء قد تجلب النحس للانسان مثل نذائر الشؤم كالقطط السوداء والغربان، وهناك قصص تاريخية تربط بين الشؤم وبين هذه النذائر". ويشير شاب آخر الى ضحية مختلفة للنحس وهي مدينة "تايبيه" التايوانية، إذ يعتقد سكانها ان وجود تمثال "صرخة الاسكندر" في حديقتها العامة قد جلب النحس والشؤم على اهالي المدينة، مما جعلهم يطالبون البلدية بأزالته... ويرمز هذا التمثال إلى اسكندر الاكبر المغولي وكان قبل قرن رمزاً للنحس "كالذي نعيشه اليوم" والذي اصاب العالم والحضارات وأبرزها الحضارة الاسلامية والتي تبعثرت تحت ترسانة الزحف المغولي. الجانب الاخر "الحظ" في المقابل التقينا احد المحظوظين وقال لنا: "خمسة وخميسة في عيونكم". وسألنا الشاب محمد النشوان عما إذا كان عانى النحس في حياته أجاب: "لا والحمد لله هذا رضا من الله واني اذا سعيت لشيء اوفّق وهذا بعد فضل الله بفضل دعاء الوالدين". وعن نجاحاته في الحياة وما إذا كان يعزوها للحظ قال: "كثيراً ما اجد زملائي يشتكون من قلة الحظ، ولكن، احياناً يكون تقصيرهم هو سبب نحسهم وهم يقولون انني محظوظ لأن اموري تتسهل بدون تعب، ولكني محظوظ في ربح الكثير من الجوائز التي تعلن عنها الشركات والمؤسسات، والحمد لله". ويجمع الشباب في السعودية على ان النحس مرفوض والحظ مرغوب فيه، ولديهم قائمة بالمنحوسين في العالم ويظنون ان شخصية سياسية مثل الرئيس بيل كلينتون قد اصيبت بالنحس عند اكتشاف علاقته بمونيكا لوينسكي، لكنهم يستدركون "ولكن، هل هناك نحس اكبر من النحس الذي يلازم العرب والمسلمين في هذه الأيام؟ فكلما تقدموا خطوة نحو حظ افضل نجدهم انتكسوا مئات الخطوات". علم نفس "النحس" ومن الناحية النفسية يعتقد الشباب هنا ان التشاؤم عبارة عن عملية الارتباط الشرطي بمثير جميل وآخر منفر او مؤلم. فمثلاً قد لا يكون لفستان معين او حذاء معين تلبسه الطالبة وقت الاختبار اي معنى سيئ، إلا اذا ارتبط اللبس بعدم القدرة على الاجابة في الاختبار، سواء تكرر هذا الارتباط ام لم يتكرر، وبالتالي يصبح اللبس هو النحس، وهو السبب في الفشل كالشماعة التي تعلق عليها الاخطاء.