عندي على خطاب الرئيس بوش، وألف تعليق عليه، رد في ثلاث كلمات: المقاومة المسلحة مستمرة. الأخ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس وآخرون من قادة المقاومة الإسلامية، أكدوا لي في اتصالات هاتفية أمس وأول من أمس، ان العمليات الاستشهادية - الانتحارية لن تتوقف، وانها مربوطة فقط بالقدرة على التنفيذ. قال الأخ خالد ان آرييل شارون "يحاول ان يثبت ان العنف بحده الأقصى سيوقف العمليات الاستشهادية، فإذا اوقفناها فإننا نساعده، لذلك كان من الطبيعي ان تستمر هذه العمليات لإسقاط نظريته، وليصل الاسرائيليون والأميركيون وكل من يؤيد الارهاب ضد شعبنا ان لا سبيل لوقف الانتفاضة بالخيار الأمني أو العسكري، حتى لو استعمل بأقصى حده وبدموية بالغة". الاخوان في حماس يقولون ان العمليات لن تتوقف حتى يصل الشعب الفلسطيني الى حقوقه وينتهي الاحتلال، وكل حديث غير ذلك باطل. وهم يصرون على ان حماس تعمل بالتعاون مع سائر فصائل المقاومة مثل فتح والجهاد والجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية، ومعنويات الناس عالية جداً على رغم التضحيات، والكل مصر على استمرار المقاومة. غير ان هناك خلافات، والأخ خالد مشعل يقول ان أبو عمار يريد من الجميع ان يتبعوا الرأي السياسي للسلطة الوطنية، غير ان حماس ترى ان من الواجب تشكيل قيادة مشتركة تضع برنامجاً يعمل الجميع لتنفيذه، وحماس تؤكد انها لا تريد الاستئثار بالسلطة، ولا تنافس أبو عمار، فكل ما تطلب هو الخط السياسي السليم "أما ان يطلب منا ان ننفذ من دون كلام فهذا غير مقبول، ومن الخطأ ان نقاوم مرة ونفاوض مرة، ونظل نتأرجح بين هذا وذاك". الاخوان في حماس يتجنبون هذه الأيام أي انتقاد مباشر للرئيس الفلسطيني، ويحيون صموده في مقره، الا ان الأخ خالد مشعل حمل حملة عنيفة على الأخ جبريل رجوب، رئيس الأمن الوقائي في الضفة الغربية، واتهمه بتسليم المناضلين في سجونه الى الاسرائيليين لأنه يعد نفسه لخلافة أبو عمار. وفي حين انني لن أنقل كل كلمة سمعتها على الهاتف، فقد وجدت الأخ خالد مشعل يراجع تاريخ النشطين الإسلاميين مع الأخ جبريل، ويتهمه بتسليم أعضاء خلية صوريف الى الاسرائيليين سنة 1996، وبمساعدة الاسرائيليين في العملية التي أدت الى استشهاد الشيخ يوسف السركجي ورفاقه في نابلس. قال الأخ خالد مشعل ان حماس سكتت في الماضي من باب المصلحة العامة، غير ان ما فجر الخلاف مع جبريل رجوب في الأيام الأخيرة كان قضية سليم حجة ورفاقه الذين اعتقلهم الاسرائيليون بعد ان داهموا مقر الأمن الوقائي قرب رام الله، ورفض جبريل رجوب اطلاقهم قبل الهجوم الاسرائيلي أو اعطاءهم اسلحة للدفاع عن أنفسهم. وأعطاني رئيس المكتب السياسي لحماس اسماء ستة من كتائب القسام وواحد من الجهاد الإسلامي واثنين من كتائب شهداء الأقصى اعتقلهم الاسرائيليون في تلك العملية واعتبر ان "دمهم في رقبة جبريل رجوب". في المقابل حماس تمتدح الموقف الشجاع للرئيس الفلسطيني في رفض المطالب الأمنية الاسرائيلية، وتحذر من ضوء أخضر أميركي لقتل أبو عمار بسبب صموده. الأخ خالد مشعل يقول ان شارون يحاول الآن تدمير البنية التحتية للمقاومة لشل قدرة الفلسطينيين على العمل الجهادي، وهو إذا أنجز ذلك سيحقق هدفه السياسي بفرض شروط الهزيمة المذلة على الفلسطينيين. وقراءة حماس للوضع هي ان شارون يريد حسم المواجهة العسكرية بسرعة في وجه التداعيات الدولية وفترة السماح المحدودة التي اعطاها له الأميركيون، لذلك فواجب المقاومة هو اطالة أمد المعركة وتعزيز الصمود الفلسطيني، وهو ممكن بدعم عربي معنوي ومادي. الأخ خالد مشعل يقول "ان فرصة الحد الأدنى هي الصمود وعدم الانكسار، وهذا ممكن. أما فرصة الحد الأقصى، فهي ان ننتزع من هذا المخاض نصراً يرغم العدو على الرحيل". والاخوان في حماس والجهاد يقولون ان مثل هذا النصر يحتاج الى دعم عربي عام. ويبدو ان ضغط الشارع العربي على الحكومات، والاتصالات مع الولاياتالمتحدة أسفرت عن تغيير بسيط، ولكنه ملحوظ، في الموقف الأميركي، فالرئيس بوش على ما يبدو يريد دوراً أميركياً أكبر لأن وعود شارون المتكررة له بحسم عسكري وهزيمة سياسية للفلسطينيين لم تتحقق، وإذا حدث انفجار عام فإن المصالح الأميركية ستتأثر. الإدارة الأميركية لن تتأثر بقتل فلسطيني أو ألف كل يوم، الا انها ستتدخل عندما تتأثر مصالحها في المنطقة، وقد أصبح ضرورياً أن تتأثر هذه المصالح بشكل ملحوظ، لرفع الضغط عن الفلسطينيين.