دعا معظم المتحدثين في جلسة لمجلس الأمن عقدت أول من أمس، للبحث في مشروع قرار يدعو الى التطبيق الفوري لقراري مجلس الأمن 1402 و1397، الى ايفاد مراقبين دوليين أو قوات فصل بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وأجمعت غالبيتهم على عدم شرعية أو قانونية أو أخلاقية الحرب الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، رافضين وصف الحكومة الاسرائيلية اجراءاتها العسكرية بأنها "دفاع عن النفس". استأنف مجلس الأمن اجتماعاته أمس للمرة الخامسة في ستة أيام للبحث في مشروع قرار يدعو الى التنفيذ الفوري لقراري المجلس 1402 و1397. وكان المجلس عقد سلسلة جلسات علنية تحدث خلالها نحو ستين عضواً طالب معظمهم بضرورة تطبيق الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني قرار المجلس رقم 1402 الذي نص على وقف النار وسحب القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية. واقترح سفير فرنسا في الاممالمتحدة جان-دافيد لوفيت ارسال مراقبين، وقال: "ربما من الضروري التفكير جديا في نشر قوة فصل لمرافقة تطبيق قرارات مجلس الامن". واضاف لافيت الذي كان يتحدث خلال المناقشة العامة في مجلس الامن ان "المسألة باتت تستحق ان تطرح بعدما بات الوضع الراهن يشكل خطرا على المنطقة بأكملها". واكمل "ان وجود هؤلاء المراقبين سيكون لمصلحة الشعب الاسرائيلي كما للشعب الفلسطيني. وهذا الاقتراح الذي يزداد تأييده يمكن ان يكمل مقترحات الجنرال زيني المبعوث الاميركي انتوني زيني وان يساعد في تطبيق خطتي تينيت وميتشل"، كما انه "يسهل استئناف المفاوضات السياسية عبر اسهامه في اعادة الهدوء". وطالب المبعوث الفلسطيني في الاممالمتحدة ناصر القدوة مجلس الأمن بتبني قرار في اقرب وقت ممكن. وقال إن كثيراً من اعضاء المجلس يرون ان من السابق لأوانه المطالبة بالتصويت على قرار جديد بخصوص الشرق الاوسط ولم يمض سوى أيام على التصويت على القرارين السابقين. لكنه اضاف: "لا يمكن لهذا ان يكون سابقاً لاوانه ما دامت المعاناة والمأساة الانسانية مستمرة وما دام الحصار مستمراً". وحذر من ان رئيس الوزراء الاسرائيلي "يبدو مصمماً على جرنا جميعاً الى حافة الكارثة في الشرق الاوسط". غير ان السفير الاسرائيلي لانكري قال: "لا بد من ان يدرك المجتمع الدولي ان الفلسطينيين قرروا ممارسة الارهاب خياراً استراتيجياً من اجل تحقيق اهداف سياسية". وكان لافتاً تبدل المواقف الأميركية والسورية في مجلس الأمن. فالولاياتالمتحدة صوتت لمصلحة القرار 1402 الذي أهاب المجلس بموجبه "بكلا الطرفين أن يقدما فوراً على تنفيذ وقف فعلي لاطلاق النار"، ودعا إلى "انسحاب القوات الإسرائيلية من المدن الفلسطينية، بما فيها رام الله". لكن الولاياتالمتحدة اختلفت بعد ذلك مع بقية أعضاء مجلس الأمن بشأن "التدرج" في القرار 1402، فتبنت الموقف الإسرائيلي بوقف النار أولاً، ثم الانسحاب والتعاون مع زيني لتنفيذ "تينيت" و"ميتشل". وتزامن ذلك مع تلكؤ في إعادة المطالبة بالتنفيذ الفوري للقرار 1402، كما طرحت المجموعة العربية. وكان لافتاً أيضاً تغيير سورية مواقفها في المجلس. فسورية كانت امتنعت عن التصويت على القرار 1397 الذي أكد "رؤية قيام دولة فلسطينية" وطالب بوقف العنف والإرهاب، وقاطعت جلسة التصويت على القرار 1402، كما رفضت تبني تقديم مشروع قرار عربي يطالب بالتنفيذ الفوري للقرار 1402 ويعيد تأكيد القرار 1397 الذي تبنت الولاياتالمتحدة تقديمه إلى التصويت. وفجأة، انقلبت سورية على مواقفها قبل بضعة أيام، ووافقت على استئناف تقليد قيام العضو العربي في المجلس بتبني طرح المشاريع العربية في المجلس. وبذلك انقلبت سورية على مواقفها من القرارين 1397 و1402، مصححة بذلك الانطباع بأنها خارج السرب والتقليد العربيين، وانها أخذت معركتها السياسية مع السلطة الفلسطينية إلى قاعة مجلس الأمن. في الوقت ذاته، بدت الولاياتالمتحدة في نوع من التراجع عن القرار 1402، وأصيبت الديبلوماسية الأميركية ب"وعكة" عكست بعض الخلاف بين وزارتي الخارجية والدفاع والبيت الأبيض. وأجمع معظم المتحدثين في جلسة مجلس الأمن أول من أمس على ضرورة ايفاد مراقبين دوليين أو أي طرف ثالث للفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كي لا يزداد التدهور، والمطالبة بفك الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وبضمانات دولية بعدم اتخاذ الحكومة الإسرائيلية اجراءات لترحيله أو تعرضه للأذى. وطالب كثيرون السلطة الفلسطينية بالتعهد بنبذ العمليات الانتحارية باعتبارها "إرهاباً" ضد المدنيين الإسرائيليين. وقال مندوب المملكة العربية السعودية السفير فوزي شبكشي إن الأحداث تؤكد أن "إسرائيل لا ترغب في السلام ولا تسعى إليه". وأشار إلى مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وتبني القمة العربية لها، وقال: "نأمل من الشعب الإسرائيلي عدم اضاعة فرص السلام، وان يراهن على العدل والانصاف للجميع، إذ أن الأمن لا يتحقق ولن يسود بالعدوان، وإنما يتجسد من خلال تفهم العقول وتفاعل المصالح وتعاون الشعوب". ودعا المندوب السعودي مجلس الأمن إلى "نشر قوات حفظ السلام الدولية ومراقبين دوليين للاشراف على عملية الانسحاب والفصل بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني". وحمّل مندوب قطر السفير ناصر بن عبدالعزيز النصر "مجلس الأمن المسؤولية الكاملة عن تطور الأحداث في الأراضي العربية المحتلة"، بسبب رفضه ارسال مراقبين دوليين إلى الأراضي الفلسطينية. واعتبر رفض إسرائيل القرار 1402 تأكيداً لعدم ايلائها أي اهتمام لقرارات مجلس الأمن. وحذر من أن منطقة الشرق الأوسط تعيش حالاً من الضغط "على حافة الانفجار، لن يسلم أحد من ناره". وطلب من المجلس "انقاذ ما يمكن انقاذه" عبر خطوات ملموسة "تجبر إسرائيل للاستجابة والتنفيذ الكامل" للقرار 1402، والعمل على نشر قوات حفظ سلام دولية واجبار إسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات.