علمت "الحياة" أن اللقاء بين وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني أحمد قريع أبو علاء فشل في التوصل إلى أي نتيجة، لأن هدف إسرائيل منه كان اقناع الفلسطينيين ب"التخلي عن خطة تينيت وعن المبادرة السعودية، والتركيز على ما عُرف بتفاهم أبو علاء - بيريز"، راجع ص4 وسمح قرار إسرائيلي، أعلن أمس رسمياً، بتحرك عرفات في الضفة الغربية وغزة، وحذره من محاولة السفر إلى الخارج من دون إذن من تل أبيب، ووصف مستشار عرفات القرار بأنه "وقاحة وخرق للاتفاقات". وفيما عاودت القوات الإسرائيلية احتلال مدينة قلقيلية ومخيم الدهيشة القريب منها واعتقلت 600 فلسطيني، ليصل عدد المعتقلين إلى 2500 خلال أسبوع، اعتبر اليمين الإسرائيلي أن تصعيد رئيس الوزراء ارييل شارون غير كافٍ، واتهمه بالتراجع عن شروطه عشية وصول الموفد الأميركي انتوني زيني إلى المنطقة، وقرر حزب "الاتحاد القومي" المتطرف سحب وزيريه، افيغدور ليبرمان وعوزي لنداو من الحكومة، ويتوقع أن تحذو حذوه أحزاب يمينية أخرى، مما يهدد بإطاحة حكومة شارون. وفي نيويورك، طلب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان عقد جلسة علنية لمجلس الأمن اليوم "لمناشدة الفلسطينيين والإسرائيليين للتجاوب مع الضغوط الأميركية". بيريز - أبو علاء وأعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان لقاء أبو علاء مع بيريز لم يسفر عن نتائج، ولم يحدد موعد لاجتماع آخر. أما وزير الإعلام والثقافة ياسر عبدربه فقال ل"الحياة" إن بيريز يحاول "تطويق" مهمة المبعوث زيني، وتعطيل مفعول المواقف الأميركية الأخيرة المتمثلة بدعم المبادرة السعودية، والمطالبة بالتنفيذ الفوري ل"خطة تينيت" ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي الفلسطينية، ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني بمن فيهم الرئيس ياسر عرفات. وقال إن الاجتماع يدخل في إطار "المناورات الإسرائيلية وهو مثير للسخرية"، وحذر الإسرائيليين من "اللعب بالنار وإطالة الصراع". وكان بيريز وأبو علاء التقيا في فندق "لاروم" في القدس الغربية، على رغم تواصل الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، في مسعى للتحضير لمهمة زيني المقرر وصوله الخميس المقبل. وخلافاً لما أعلنته مصادر إسرائيلية، نفى الفلسطينيون عقد أي لقاء أمني بين مسؤولين عسكريين من الطرفين بالتلازم مع الاجتماع السياسي. وقال عبدربه إن الحكومة الإسرائيلية تحاول الالتفاف على الموقف الأميركي القاضي بالتنفيذ الفوري ل"خطة تينيت"، بما في ذلك إمكان نشر مراقبين أميركيين للتحقق من تنفيذ الطرفين التزاماتهما. ووصف نبيل أبو ردينة، مستشار الرئيس الفلسطيني، قرار إسرائيل السماح لعرفات بحرية التنقل داخل أراضي الحكم الذاتي بأنه "وقاحة لا مثيل لها وخرق للاتفاقات". وأكد مسؤولون في أجهزة الأمن الفلسطينية أن 50 دبابة وسيارة مدرعة وجرافات إسرائيلية احتلت ليل الأحد - الاثنين مدينة قلقيلية المشمولة بالحكم الذاتي الفلسطيني والتي دخلتها القوات الإسرائيلية من الشمال والشرق والغرب، وفرضت حظر التجول عليها، وفتش الجيش منازلها بيتاً بيتاً. وأعلن ناطق عسكري إسرائيلي أن "هذه العملية تهدف إلى اعتقال إرهابيين ومصادرة أسلحة"، وهو التبرير نفسه عندما احتل مخيم الدهيشة وقبله طولكرم ومخيمها. في تل أبيب، اتخذ الحزب اليميني المتطرف "الاتحاد القومي" قراراً بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، احتجاجاً على تخلي شارون عن شرط الأيام السبعة من الهدوء ورفع القيود عن حركة عرفات داخل أراضي السلطة الفلسطينية، ما يعتبر بداية نهاية عهد شارون، ويتوقع مراقبون أن تتخذ أحزاب يمينية أخرى الموقف نفسه. واعتبر زعيم حركة "شاس" الدينية الشرقية الوزير ايلي يشاي قرار رفع الحصار عن عرفات خطأ جسيماً، وقال لإذاعة الجيش إن على إسرائيل أن تقرر أين يكون عرفات في كل لحظة ومتى يغادر المناطق ومتى يدخلها "لا أن يكون حراً طليقاً في مختلف أرجاء العالم". وتوقع معلقون في الشؤون الحزبية انسحاباً وشيكاً لحزب "إسرائيل بعليا" الذي يتزعمه الوزير ناتان شيرانسكي.