باشر مجلس النواب التونسي أمس مناقشة مشروع لتعديل أكثر من نصف بنود الدستور سيعرض على استفتاء شعبي الشهر المقبل. ويرمي المشروع للافساح في المجال للرئيس زين العابدين بن علي للترشيح لولاية رابعة تستمر خمسة أعوام عندما يستكمل ولايته الأخيرة طبقاً للدستور الحالي والتي تنتهي في السنة 2004. وتساءل نواب المعارضة في المناقشات الماراثونية التي يرجح أن تستمر اليوم عن "سبب الاستعجال بعرض المشروع على الاستفتاء قبل تنقية المناخ السياسي"، فيما رأى آخرون أن "الأولوية ينبغي أن تعطى لتعديل القوانين المنظمة للحياة السياسية، خصوصاً قانوني الصحافة والجمعيات". وتداول على الكلمة ستة وتسعون نائباً من أعضاء المجلس الذي يستأثر "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم بأكثر من ثمانين في المئة من مقاعده. "حركة التجديد" وقال نائب "حركة التجديد" نجيب حلواني: "إن المسار الديموقراطي معطل"، ورأى ان المشروع "لا ينسجم مع التطلعات إلى انعطاف في المسار السياسي للبلد"، فيما انتقد زعيم الحركة النائب محمد حرمل "الفجوة الكبيرة بين الخطاب الديموقراطي للحكم والممارسة الاحادية"، واستدل على ذلك بمصادرة العدد الأخير من المجلة الفكرية الشهرية التي تصدرها الحركة "الطريق الجديد". وحذر نائب "الاتحاد الديموقراطي الوحدوي" المحامي طيب الجلالي من اللجوء إلى منطق التخوين. ولمح إلى أنه "اشتم هذه اللغة" في مداخلات زملائه أعضاء "الدستوري". وحض على "إقامة استشارة وطنية واسعة بالنظر إلى أهمية التعديل وانعكاساته في مستقبل البلد"، ولاحظ أن المشروع "لم يكرس الفصل بين السلطات ولم ينشئ محكمة دستورية ولم يعزز دور المؤسسة الاشتراعية في إطار النظام الرئاسي". وانتقد ما تضمنه التعديل من إلغاء لسقف الولايات الرئاسية الذي كان محدداً بثلاث ولايات. وحض على "تكريس مبدأ التداول على الحكم"، معتبراً أن التعديل "يفتح الباب للبقاء في سدة الرئاسة خمسة وثلاثين عاماً من سن الأربعين إلى الخامسة والسبعين"، وعلق بأن "هذا لا يختلف عن تكريس الرئاسة مدى الحياة" في إشارة إلى انتخاب الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة رئيساً مدى الحياة في العام 1976. ترسيخ التعددية إلا أن نواب "الدستوري" اعتبروا التعديل "خطوة مهمة في طريق ترسيخ التعددية، كونه دمج حقوق الإنسان والحريات في الدستور". واعتبر النائبان محمد العويني وعبدالسلام العفاس أن تعديل الدستور "أتى تتويجاً لنجاح في المجال السياسي متزامن مع تحقيق معدلات مرتفعة في المجال التنموي". فيما شدد رئيس اللجنة السياسية في المجلس النائب التيجاني الحداد على أن المشروع "ارتقى بالمبادئ الأساسية للحريات إلى مرتبة النص الدستوري". لكن النائب المعارض طيب الفقيه رد بأن "المؤسسات الديموقراطية لا يمكن أن تنتعش في ظل سيطرة حزب واحد عليها"، في إشارة إلى "الدستوري"، وحض مع نواب آخرين على "فصل مؤسسة الرئاسة عن التنظيمات الحزبية". ويرأس الرئيس بن علي "التجمع الدستوري الديموقراطي" الذي حل محل "الحزب الاشتراكي الدستوري" في العام 1988.