استمر اقبال المستثمرين على شراء اصول مقومة بالدولار على مدى سبعة اعوام شهدت مرحلة ركود وتراجع اسعار الأسهم واحتيال في حسابات شركات وانتظار ما يقرب من شهر لتحديد اسم الفائز في انتخابات الرئاسة الاميركية، اضافة الى نشوب حرب. ويقود هذا لطرح السؤال التالي: لماذا تواجه العملة الاميركية الرفض الان؟ لندن، نيويورك، كروفورد تكساس - "الحياة"، رويترز - يقول محللون ان الادوات الاستثمارية الاميركية فقدت بريقها وجاذبيتها لدى المستثمرين، اذ تبدو الاسهم باهظة الثمن بينما لا تبدو اسواق السندات التي اجتذبت اكبر حجم استثمارات في العام الماضي في حال افضل في مواجهة ارتفاع اسعار الفائدة. ويضيف المحللون ان الولاياتالمتحدة لا يمكنها في ظل هذه الظروف ان تواصل جذب رؤوس الاموال لتمويل العجز الهائل في الحساب الجاري الذي بلغ بالفعل 400 بليون دولار ويتسع يومياً. ويقول محللون ان عجز الحساب الجاري، الذي يعادل اربعة في المئة من اجمالي الناتج المحلي، يعني ان الولاياتالمتحدة بحاجة الى تدفقات صافية تصل الى 1.5 بليون دولار يومياً لوقف هبوط الدولار. لكن الاحصاءات الاخيرة التي أعلنتها الخزانة الاميركية تشير الى ان حجم هذه التدفقات الصافية بلغ في كانون الثاني يناير الماضي نحو 9.5 بليون دولار مقابل 17.8 بليون دولار في أيلول سبتمبر الماضي. وهبط الدولار خلال الاسبوع الماضي الى ادنى مستوى له في ثلاثة اشهر ونصف مقابل اليورو وادنى مستوى في ثلاثة اشهر مقابل الاسترليني وادنى مستوى في اربعة اشهر مقابل الفرنك السويسري والدولار الكندي واقل مستوى في 14 شهراً مقابل الدولارين الاسترالي والنيوزيلندي. وسجل اليورو في اواخر التعامل يوم الجمعة 0.9001 دولار والاسترليني 1.457 دولار، في حين بلغ الدولار 128.02 ين. ولا يبدو غريباً ان يتغير حال العملة الاميركية في الاسبوع نفسه الذي أعلنت فيه مجموعة "أي. أو إل تايم وارنر" للانترنت والاعلام العملاقة انها منيت بخسائر بلغت 54.2 بليون دولار في الربع الاول، ما يعكس تراجع قيمة صفقة شراء "أي أو إل" ل"تايم وارنر" بمبلغ 106 بلايين دولار. وكانت هذه الصفقة القياسية في كانون الثاني عام 2000 القياسية رمزاً لاعجاز الاقتصاد الاميركي، ولكن بعد اكثر من عامين على الصفقة هبط مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 15 في المئة، فيما يبدو ان النمو السريع لقطاع الانترنت الذي دفع المستثمرين لضخ الاموال في الولاياتالمتحدة امراً عفا عليه الزمن. ولم يتأثر صعود الدولار بانهيار بورصات الاسهم، اذ حوّل المستثمرون اهتمامهم لاسواق السندات في عام 2001، كما ان خفض مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي اسعار الفائدة 11 مرة لتصل الى 1.75 في المئة، وهو أدنى مستوى للفائدة الاميركية في 40 عاماً زاد من الاقبال على الدولار. والآن فقدت السندات الاميركية جاذبيتها كملاذ آمن، فيما يتردد الحديث عن الانتعاش الاقتصادي العالمي على ألسنة الجميع، اضافة الى توقعات بأن يبدأ مجلس الاحتياط في رفع اسعار الفائدة في وقت لاحق من السنة الجارية. وقال ايان ستانارد محلل العملة في "بي.ان. بي باريبا": "السؤال هل مازالت الاوعية الاستثمارية الاميركية مغرية كما كانت قبل عام". وأوصى عدد من البنوك عملاءه في الشهر الماضي بشراء اسهم اوروبية على حساب الأسهم الاميركية. وقال محللون ان مجرد توقف المستثمرين عن ضخ اموال جديدة سيضر بالدولار وان الأمر لا يحتاج لبيع اصول اميركية، إذ سينهار الدولار مع نمو حجم العجز في المعاملات الجارية. وبدأ مسؤولون اوروبيون بصفة خاصة الحديت عن خطورة العجز في المعاملات الجارية في الولاياتالمتحدة. وقال كلاوس ليبشر عضو مجلس البنك المركزي الاوروبي الجمعة ان حجم العجز الكبير اثار قلق الناس فيما دعا وزير المال الفرنسي لوران فابيوس الى اتخاذ اجراء ازاء ذلك. كما حذر الان غرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي ووليام ماكدونو رئيس مجلس الاحتياط في نيويورك من ان نمو العجز لا يمكن ان يستمر لأجل غير مسمى. كما ابدى صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قلقهما. وربطت الحكومة الاميركية بشكل محدد بين قرارها بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والعجز في المعاملات الجارية وبين قوة الدولار. وتدخلت مجموعة الدول الصناعية السبع في الماضي، اذ ادى القلق في شأن عجز ميزان المعاملات الجارية وما تلاه من اجراءت حمائية الى اتفاق بلازا الشهير في 1985 وتدخلت المجموعة لخفض سعر الدولار. بوش والاقتصاد وصف الرئيس الاميركي جورج بوش النمو الاقتصادي الاميركي في الربع الاول من السنة الجارية بأنه "علامة مشجعة". وقال للصحافيين في كروفورد في ولاية تكساس أول من أمس: "هذه علامة مشجعة للغاية للعمال الاميركيين والاسر الاميركية. ولكن على رغم ان هذه الارقام مشجعة فلست راضياً. هناك المزيد مما يجب علينا ان نقوم به".