انقلاب كل التوقعات... كان هذا هو العنوان الرئيس لمونديال عام 1990 في إيطاليا، لأن الذين فرضهم الإعلام الغربي نجوماً تساقطوا من الدور الأول كحبات العنب. وقلب "مشاغبو" العالم الثالث المعادلات رأساً على عقب، ما استوجب إعادة فتح ملفات توزيع بطاقات المشاركة بعد النتائج التي حققها الأفارقة خصوصاً فنالت قارتهم بطاقة ثالثة. أما النهاية، فكانت أشبه بالفضيحة التي اختير أبطالها بإتقان ودقة وكتب لهم السيناريو بعناية فائقة. قد تكون المباراة النهائية بين ألمانيا والأرجنتين القشة التي قصمت ظهر البعير، لكن الروائح أزكمت الأنوف قبلها بكثير وما مباراة الكاميرون مع انكلترا إلا خير دليل. وفي هذه المناسبة عاد المصريون إلى النهائيات بعد 56 عاماً وتألقوا من دون أن يتجاوزوا الدور الأول... وكذلك فعل الإماراتيون في أول تجربة لهم في هذا المحفل العالمي وسجل لهم خالد إسماعيل أول هدف لهم في تاريخ المونديال. وحقق الألماني فرانتس بكنباور انجازاً جديداً على الصعيد الشخصي اذ بات ثاني رجل في العالم يحصل على الكأس لاعباً ومدرباً بعد البرازيلي زاغالو. عكس الفوز "الودي" الأخير الذي حققته كوريا الجنوبية على كوستاريكا في سيول، آمالها في تجاوز الدور الأول من نهائيات كأس العالم السابعة عشرة لكرة القدم التي ستنطلق في 31 أيار مايو المقبل على أرضها وتستمر إلى 30 حزيران يونيو في ضيافتها واليابان معاً. والواقع أن كل المعطيات تشير إلى امكانها تحقيق هذا الحلم الآسيوي الكبير هذه المرة، فمباريات الدور الأول ستقام على أرضها أمام جماهير متعطشة منذ زمن بعيد أن ترى منتخبها يصول ويجول على ملعبه، ثم أن عامل الخبرة لا ينقص لأن هذه هي المرة الرابعة على التوالي التي يتأهل فيها الكوريون إلى هذا المحفل العالمي الكبير... والأهم من ذلك كله أن لديهم المنتخب المثالي الذي يمكنه أن يحقق أحلامهم: مدرب هولندي قدير هو غوس هيدينك، ولاعبون يحملون كل المؤهلات اللازمة لإثبات أن الكرة الكورية تجاوزت مرحلة التمثيل المشرف الذي صاحب عروضها في المونديالات السابقة. ويعتمد هيدينك على مجموعة من المواهب التي تتميز، إلى جانب المهارات الفنية، بلياقة بدنية هائلة تمكنهم من الجمع بين التطبيق التكتيكي المقنع لخطط المدرب والأداء السريع المجهد لمنافسيهم. ومن بين ابرز هؤلاء اللاعبين المهاجم تشا دو ري 22 عاماً، والذي يشبهه المدرب براقص ال"تشا- تشا" من فرط سرعته وتحركاته المستمرة في كل ارجاء الملعب وهو ابن اشهر لاعبي كوريا على الإطلاق تشا بوم كوين، وهذا اسم موسيقي أخر، والذي كان أول من احترف في أوروبا. ولا يمكن لأي متابع للكرة الكورية أن يغفل اسم "الزبون" الدائم في تشكيلة المنتخب سون هونغ هوانغ الذي يخوض تجربته الرابعة في نهائيات كأس العالم المقبل بعد "ايطاليا 90" و"اميركا 94" و"فرنسا 98"... ولا ينسى كوري واحد الهدفين الرائعين اللذين سجلهما في بطولة العالم للقارات التي أقيمت عام 2001 في كوريا الجنوبية واليابان معاً كبروفة أخيرة قبل استحقاق المونديال. يلعب هوانغ في مركز رأس الحربة، لكنه يحسن أيضاً اللعب في مركزي صانع الألعاب ومساعد الهجوم. وهو منذ أن انضم إلى المنتخب في 7 تشرين الثاني نوفمبر، خاض 96 مباراة دولية سجل خلالها 49 هدفاً وهو معدل جيد للتهديف. في مطلع تموز يوليو عام 1998، رضي هوانغ بنصيبه في عالم الاحتراف، حين انتقل من فريقه المحلي بوهانغ ليلعب محترفاً ضمن صفوف فريق سيروس أوساكا الياباني ملقياً خلف ظهره كل أحلامه بخوض هذه التجربة في أوروبا... وحصل على لقب الهداف عام 1999 حين هز شباك منافسيه اليابانيين 24 مرة. وهيدينك مسرور جداً بوجود مثل هؤلاء اللاعبين وغيرهم ضمن تشكيلة منتخبه "العمل معهم ممتع جداً لأنهم طموحون ولديهم الرغبة في التعلم والقدرة على استيعاب الخطط الفنية الموضوعة لهم، وكل هذه الأمور تساعد على تضييق الفارق الفني بينهم وبين الأوروبيين". ورأى أن تجاوز الدور الأول الذي يواجه فيه بولندا والولايات المتحدة والبرتغال "سيمثل انجازاً كبيراً في حد ذاته". وهذه هي المرة الثانية التي يشارك فيها هيدينك مدرباً في نهائيات كأس العالم، اذ سبق له أن قاد هولندا إلى الدور نصف النهائي عام 1998 في فرنسا. إصابات على صعيد آخر، عاد اللاعب سيول كي هيون الى التدريبات بعد شفائه من الاصابة، وقال: "شعرت بالحزن جداً إذ أعتقدت بأنني لن ألحق بالمونديال، لكن الازمة مرت ويبقى أمامي فقط استعادة كامل لياقتي لأكون جاهزاً لهذه المهمة الوطنية". واضاف هيون المحترف في فريق اندرلخت البلجيكي "آمالنا كبيرة في تحقيق انجاز افضل من المرات السابقة، واعتقد ان الفرصة مؤاتية هذه المرة... ويكفي الاهتمام الجماهيري الذي نحظى به منذ الآن، وهم لن يغيبوا طبعاً عن مساندتنا بقوة خلال النهائيات". من جانبه، أوضح هيدينك أنه يتعامل بحرص شديد مع اللاعبين الذين يعانون من إصابات طفيفة حتى لا تتفاقم قبل انطلاق المونديال "المهم أن يتعافوا سريعاً حتى يتمكنوا من استكمال لياقتهم البدنية والمشاركة في المباريات الرسمية، فلاعبون من عجينة هيون ولي ايل يونغ وكيم تاي يونغ يمثلون عناصر أساسية في تشكيلتي". واضاف: "لكنني مسرور لأنهم يبذلون كل جهد لديهم من اجل اللحاق بالمونديال، قد يسبب لهم ذلك آلاماً اضافية لكنهم يتحملوها في سبيل غاية كبيرة". وتخوض كوريا الجنوبية امام الصين مباراة تجريبية مهمة الاحد المقبل في اطار استعدادات المنتخبين للمونديال، وينتظر ان ينتقل نحو 20 ألف صيني الى سيول لمتابعة اللقاء.