على رغم اعتزاله العمل السياسي بعد انتهاء ولايته الرّئاسيّة في جنوب افريقيا 1994 - 1999 وبلوغه الرابعة والثمانين من العمر، فإن نلسون مانديلا المناضل الذي أمضى 25 عاماً من حياته في السّجن لا يزال محطّ أنظار المعجبين والمعجبات في أنحاء العالم قاطبة. يتباهى الجميع بالتقاط صورة الى جانب هذا الرجل الذي يفيض جاذبيّة ربما بفعل أعوام نضاله الطويلة التي أكسبته موقعاً مهمّاً جعلته يحظى باحترام أهمّ الزعماء العالميين. واللافت أنّ محبّي مانديلا لا ينتمون الى فئة أو لون أو بلد انهم أشخاص عاديون ينتمون الى المجتمع المخملي للسياسة والفنّ والأعمال ومعظمهم مّمن تلاحقهم عدسات المصوّرين حيثما ذهبوا. في "كونو" القرية الجنوب افريقيّة النائية التي لا تتمتّع بأية مواصفات سياحية إذ لا فنادق كبرى فيها ولا شواطئ لازورديّة ولا نوادي، يرصد المراقب حركة غير مألوفة لسيارات أنيقة خاصّة بمشاهير عالميين يقصدونها من أنحاء العالم: فرقة السبايس غيرلز، العارضة السوداء نعومي كامبل، مايكل جاكسون، بيل كلينتون، الأمير تشارلز، توني بلير سيلفستر ستالون وسواهم. جميع هؤلاء المشاهير يقصدون القرية المجهولة ويمضون ما لا يقلّ عن ثلاثة أيام في أحيائها شبه المقفرة، همّهم الوحيد أن يحظوا بلقاء وصورة مع الشخص الوحيد المميّز القاطن فيها: نلسون مانديلا الذي يعيش مع زوجته الثانية غراسا في منزل متواضع يتألف من طبقتين ويقع على إحدى التلال العالية. كلّ يوم صباحاً يقف مانديلا على شرفة منزله الوسيعة وينظر الى سيارات "الليموزين" التي تملأ شوارع القرية وفي داخلها المشاهير العالميين وما إن يقتربوا من منزله حتى يروح يتساءل إن كان يستقبلهم أم يأوي الى فراشه وينام. الغريب أنّه ما إن يقف "النجم" أمام مانديلا ليصافحه حتى يشعر بشيء من الإحراج، وتنتابه القشعريرة. هذا ما صرّحت به مورغان فريمان مثلاً التي قالت أنها بدأت تتفهّم مدى إضطراب المعجبين حين يلتقون به. فرقة "السبايس غيرلز" زارت "كونو" عام 1997 برفقة الأمير تشارلز الذي طلب اليها الغناء في حفلة خيرية. وما إن التقت الفتيات بمانديلا حتى راحت كلّ واحدة منهنّ تتقرّب من السجين الأكثر شهرة في العالم وتطلب توقيعه، أما هو فكان متعجباً من أن يسافر أشخاص من إنكلترا ليتعرفوا اليه ويخبروه قصصهم. الواقع أن ّالمشاهير يزورون مانديلا كما يزور النجوم ورؤساء الجمهورية البابا في روما، كأنّهم يرغبون في نيل بركته أو كأنهم يكفّرون برؤيته عن خطاياهم. كثيرون آخرون يعتقدون أن التقاط صورة الى جانبه أمر يفيد صورتهم أمام الجمهور ويعطيهم أكثر مما يكسبهم المال. أمام الزّحمة اليومية في منزله لا يملك نلسون مانديلا سوى تاريخه النضالي الطويل وطبيعته الخلوقة والمحبّة للناس وإعجابه الأنيق بالفتيات الجميلات هو الذي طلّق منذ عامين زوجته "ويني" التي ارتبط بها عام 1958 ليتزوّج غراسا. بعض النجوم يعبّرون عن إعجابهم بمانديلا بقليل من المبالغة: مايكل جاكسون إعتبر نفسه إبنه بالتبني، نعومي كامبل تعمد عند زيارته الى تقبيل يده! أمّا هو فلا يقدّم لهم سوى البسمة والكلام اللطيف، ومتعة التعرّف اليه والتقاط صورة للمفاخرة أمام أصدقائهم المشاهير قائلين: أنظروا هذا أنا مع نلسون!