من هو جورج بوش؟ هو الرئيس الأميركي الذي رأى ابو عمار محاصراً في غرفة واحدة من دون هاتف او كهرباء وقال انه يستطيع فعل المزيد ضد الارهاب. وهو الرجل الذي رأى المغني الأعمى ستيفي وندر في حفلة موسيقية فلوح له بيديه وكأنه يتوقع ان يستطيع المغني رؤيته. هل جورج بوش عبيط، او انه "يتعابط" كما يقول المصريون؟ ليس لي من فضل في الرد على هذا السؤال سوى النقل والترجمة، فالرد يلقي ضوءاً على عمل المجموعة اليمينية المتشددة التي هي الادارة الحقيقية، وهل ان الرئىس يديرها، او انها تسيطر عليه. ليس عندي جواب خاص وانما انقل اليوم وغداً، او اترجم، من كتابين جديدين عن الرئيس وادارته، ومقال طويل مشغول بعناية فائقة وجهد في العدد الاخير من مجلة "نيويوركر" كتبه نيكولاس ليمان الذي اجرى مقابلات خاصة مع اركان الادارة، او العصابة اليمينية داخل الادارة. ابدأ بالكتابين وهما "رجال بيض اغبياء" من تأليف مايكل مور، و"مشياً نحو التاريخ" من تأليف فرانك بروني، فما لفتني اليهما بسرعة انهما يكادان يكونان متناقضين في حكمهما على بوش، وليس السبب في ذلك خلاف عقائدي بين المؤلفين، ففي حين ان مور يساري معروف، فإن بروني ليس يمينياً، وانما هو مراسل سياسي لجريدة "نيويورك تايمز" شهرته انه ليبرالي وسطي الى يساري. مع ذلك مور يقول ان جورج بوش سرق الرئاسة. فمنافسه آل غور نال 898،539 صوتاً اكثر منه في الاصوات الشعبية، وهذا معروف، إلا ان المؤلف يشرح كيف ان شقيق المرشح الجمهوري، اي حاكم فلوريدا جيب بوش، حذف اوراق 000،173 ناخب، غالبيتهم من السود، ما جعل جورج بوش يفوز بالولاية وبالرئاسة. ويعلن مور، وهو ابيض، ان كل مصيبة كبرى اصابت الولاياتالمتحدة ارتكبها رجال من البيض الغالبية العظمى من المجرمين الذين ارتكبوا جرائم جماعية من البيض وان بوش اختار رجالاً من البيض الاغبياء المعروفين بتطرفهم ضمن ادارته، مثل نائب الرئىس ديك تشيني ووزير العدل جون اشكروفت ووزير الصحة تومي تومسون. ويُشرّح مور اجراءات الرئىس ضد الاقليات، من سود وغيرهم، ويقول ان رؤساء الشركات البيض طردوا من العمل 700 الف موظف السنة الماضية، وان اجر الاسود في السنة ألفين كان 61 في المئة من اجر الابيض عن العمل نفسه، وهي النسبة نفسها التي كانت قائمة سنة 1880. في المقابل، يقدم بروني صورة افضل للرئىس، ويسجل انه تخرج في هارفارد ويال، وكانت علاماته اعلى من علامات منافسه آل غور، والسناتور جون ماكين. وفي حين يعترف بروني في كتابه الصغير بأن بوش مهرج، ويورد قصصاً عما شاهد بنفسه من تصرفات الرئيس الصبيانية، إلا انه يصر مع ذلك على ان جورج بوش قادر على العمل الجاد والتركيز عندما يحتاج الى ذلك. ويذكر قراءه بأن بوش بدأ الاستعداد لمناظراته التلفزيونية مع آل غور قبل اشهر من نائب الرئىس الديموقراطي، وهزمه في المناظرات الثلاث، ما أعطاه في النهاية الفوز بالرئاسة. ويلاحظ المؤلف ان شعبية بوش بعد انتخابه لم تهبط يوماً عن 57 في المئة وارتفعت بعد 11 ايلول سبتمبر الى 80 في المئة، وهي نسبة حافظ عليها على رغم اخطائه، وما يبدو من جهله بالتفاصيل، واقتصاره في الحديث على عبارات معروفة يرددها في كل مناسبة. ليس لي ان احكم اي الكتابين افضل، او اقرب الى الصواب، ولكن اقول ان كتاب مور يحتل المركز الاول في قائمة اكثر الكتب مبيعاً منذ اسابيع، من دون ان يعني هذا نقصاً او خللاً في كتاب بروني. كذلك لا انتقص من قيمة الكتابين معاً اذا قلت انني وجدت مقال ليمان اهم منهما، فهو يتحدث عما يهمني ويهم القارئ العربي وموضوعه "النظام العالمي الجديد" الذي تحاول ان تبينه مجموعة من صقور الادارة، اخطر ما فيها لنا انها عصابة اسرائيلية خالصة، بعض اعضائها يميني فعلاً، وبعضهم يتستر تحت غطاء اليمين لخدمة اسرائيل. ومرة اخرى، فليس لي فضل في الموضوع سوى الترجمة والنقل، مع رجاء ان يلاحظ القارئ الاسماء الواردة ويسجلها في ذهنه للمستقبل. ليمان يبدأ روايته سنة 1990 في مشهد ابطاله، او اشراره، نائب الرئيس الآن ديك تشيني، وزير الدفاع في حينه، وبول وولفوفيتز، مساعد وزير الدفاع الآن، ولويس ليبي، كبير موظفي مكتب نائب الرئىس الآن، واريك ايدلمان، وهو مستشار رئيسي لنائب الرئىس في الشؤون الخارجية. كلهم، باستثناء تشيني، يهود اميركيون من انصار اسرائيل، وكلهم عمل في ادارة جورج بوش الأب. ويقول ليمان ان تشيني طلب وضع "استراتيجية كبرى" بعد سقوط جدار برلين، وفي 21 ايار مايو 1990 استمع الى عرض وولفوفيتز وشغل به الى درجة انه لم يسمع شرح رئيس الاركان في حينه كولن باول، وزير الخارجية الآن. وقدم التقرير الى بوش الأب في الثاني من آب اغسطس يوم اجتياح الكويت فطوي الى ان اعاد اصحابه نبشه مع بوش الابن. وأكمل غداً.