في وقت لا يزال الزعيم السياسي التركي نجم الدين اربكان ينتظر انقضاء فترة الحظر السياسي المفروض عليه، آملاً في العودة الى الساحة السياسية من جديد عام 2003، فوجئت الاوساط التركية باصدار محكمة جزاء انقرة حكماً ضده بالسجن لمدة 28 شهراً بعد ادانته بالاحتيال في فضيحة مالية. ودين اربكان 75 عاماً أول رئيس وزراء اسلامي في تركيا بسوء استخدام اموال الدولة المخصصة للاحزاب وتقديم ايصالات مزيفة اثناء رئاسته لحزب "الرفاه" الذي حظر عام 1998 بعد عام من اجباره على التنحي من منصبه كرئيس للوزراء ومنعه من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات "لاثارة الكراهية" في خطاب القاه عام 1994. ويشمل الحكم أيضاً 71 شخصاً من اداريي الحزب ونوابه لمدد تتراوح بين 10 و14 شهراً، قالت المحكمة انهم شاركوا جميعاً في تزوير اوراق رسمية ووصولات استلام وهمية بهدف الاستيلاء على تريليون ليرة تركية 750 ألف دولار من خلال زعم توزيع هذا المبلغ على عدد من فروع الحزب بتاريخ سابق لاعلان المحكمة الدستورية العليا حظر حزب الرفاه في شباط فبراير 1999 والحجز على ممتلكاته وتحويلها الى خزينة الدولة. وفيما امتنع اربكان عن حضور الجلسة او التعليق على الحكم أشار محاميه الى انه سيستأنف قرار المحكمة ما يعني ان القضية ستمتد الى فترة اخرى قد تصل الى اكثر من سنة. ودعا محامي أربكان يشار جوركان المحكمة الدستورية العليا الى النظر في هذه القضية لأنها تتعلق بحزب سياسي وليس لمحاكم الجزاء صلاحية البتّ فيها، واضاف ان الاوراق التي تمّ اتّهام اربكان بتزويرها لم تعرض على أي خبير تزوير، معتبراً أن كل ذلك "يوضح ان القرار في هذه القضية سياسي مئة في المئة". فيما جاء أول ردّ فعل من أربكان على لسان صديقه شوكت كازان الذي قال ل"الحياة" بأنه هو من أبلغ أربكان القرار فكان أول ما قاله: "باسم تركيا كلها آسف لهذا القرار". ولم يخف دهشته مشيراً الى ان القرار فاجأه. وأكد كازان من جهته على ان القرار سياسي وليس قضائي.وفي حال تأييد محكمة الاستئناف الحكم سيدخل اربكان الذي شغل منصب رئيس وزراء تركيا مرتين السجن، وسيفقد بقية ما تبقى لديه من امل العودة الى المعترك السياسي، وهو ما يصب في مصلحة المؤسسة العسكرية والعلمانية التي عملت على اقتلاع القوى الاسلامية من سدة الحكم واطاحت بحكومة اربكان سلمياً عام 1997، وشغلت التيار الاسلامي من خلال ملاحقته قضائياً في كل مكان. وهو ما كان قد علق عليه رجائي كوطان صديق اربكان وزعيم حزب "الفضيلة" الذي ورث تركة "الرفاه" متسائلاً العام الماضي عن سبب "ملاحقة الاسلاميين في كل مكان، فيما يترك الفاسدون والمرتشون الذين سرقوا المصارف وأفرغوا خزينة الدولة ولم يُحكم عليهم بشيء"، وهو التساؤل الذي عجّل ايضاً في حل حزب "الفضيلة" في وقت لاحق بدعوى تهديده النظام العلماني في البلاد.