قال مسؤول يمني أمس ان الحكومة اليمنية ستقر الشهر المقبل الصيغة النهائية لاستراتيجية التخفيف من الفقر تمهيداً لعرضها على الدول والمنظمات المانحة. وأوضح وزير التخطيط والتنمية أحمد محمد صوفان أن اليمن يدرس تبني عقد مؤتمر للمانحين بعد إنجاز وثيقة الاستراتيجية بغرض تأمين مساندة دولية لتطبيقها على مدار السنوات الأربع المقبلة. وأعرب صوفان، في رده على سؤال ل"الحياة" في مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارة التخطيط والتنمية، عن اعتقاده بأن المساعدات الدولية ستتدفق بشكل قوي في ضوء مؤشرات ايجابية تتعلق بسياسات الاصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة اليمنية واتصالات تجرى حالياً مع المانحين فضلاً عن الارتياح الدولي لسياسات اليمن الخارجية. وأعلن الوزير اليمني أن مشروع استراتيجية التخفيف من الفقر يستهدف خفض فقر الغذاء من 27.3 الى 21.7 في المئة وخفض النمو السكاني من 3.5 الى ثلاثة في المئة وتراجع البطالة السافرة من 11.3 الى 9.5 في المئة. وقال صوفان ان وزارة التخطيط والتنمية ستنظم في الأيام المقبلة ندوات وحلقات نقاش في مختلف محافظات اليمن يشارك فيها أكاديميون في الجامعات وأعضاء السلطة المحلية بغرض اثراء مشروع استراتيجة الفقر والحصول على دعم كامل من المنظمات المدنية والاجتماعية المحلية. وتأمل الحكومة اليمنية أن يسهم تطبيق الاستراتيجية في رفع الخدمات الصحية من 50 الى 68 في المئة وزيادة التغطية لمياه الشرب في الريف من 59 الى 64 في المئة ورفع نسبة تغطية الكهرباء من 30 الى 40 في المئة وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل من 21.5 الى 24.4 في المئة. وتشير الورقة المرحلية لاستراتيجية التخفيف من الفقر الى أن برنامج الاصلاح الاقتصادي نجح في تحقيق نتائج ايجابية في الاقتصاد اليمني مثل خفض عجز الموازنة الى أقل من ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج المحلي خلال الفترة من 1995-2000 على رغم التذبذب الواسع في أسعار النفط العالمية. وتمكن البرنامج من تخفيض معدل التضخم الى أقل من 10 في المئة وحصل تحسن واضح في الحساب الجاري لميزان المدفوعات. ولفتت الورقة الى أنه الى جانب تصحيح الاختلالات المالية الكلية تم تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي وتبني سياسات واجراءات لمواجهة الفقر عكست مجموعة الجهود القائمة لتخفيف الفقر على المدى البعيد وبدرجة رئيسية من خلال تحقيق معدلات نمو مرتفعة، واتخاذ اجراءات تستهدف التخفيف من الآثار السلبية قصيرة المدى على الشرائح الفقيرة والمجموعات الأخرى المهددة والناتجة عن تنفيذ برنامج الاصلاح. وقالت الوثيقة الحكومية انه كان متوقعاً أن يتبع نجاح سياسات التثبيت نجاح مماثل في مرحلة اعادة الهيكلة، الا أن ذلك لم يتحقق بالشكل الكامل نتيجة أن نمو اجمالي الناتج الحقيقي خلال الفترة نفسها كان متواضعاً ولم يتجاوز خمسة في المئة وبالتالي استمر قطاع التوظيف في الركود وتجاوزت البطالة نسبة 20 في المئة. ويشير التحليل الأولي لمسح موازنة الأسرة في عام 1998 الى أن الفقر في اليمن تضاعف تقريباً ما بين العامين 1992 و1998 في حين ارتفع عدد الأسر التي تعيش تحت خط فقر الغذاء من تسعة الى 17 في المئة. واذا أضيفت نفقات الملبس والسكن والتعليم والصحة والنقل للحصول على خط أعلى للفقر فان النسبة ترتفع من 19 الى 33 في المئة خلال الفترة نفسها. وتعكس المؤشرات الاجتماعية تدني مستوى التنمية البشرية مع وجود نمط متسق للتباين بين الذكور والاناث، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة الأمية 44 في المئة بين الذكور و72 في المئة بين الاناث كما أن وضع القطاع الصحي ليس أفضل حالاً، اذ يحصل 55 في المئة فقط من السكان على الخدمات الصحية. وتشير الورقة المرحلية الى أن من بين عوامل انتشار الفقر في اليمن الزيادة المرتفعة في معدلات السكان ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة وندرة المياه وضعف البنية التحتية وعدم كفاءة الخدمة المدنية وتدفق أعداد كبيرة من العائدين بعد حرب الخليج واللاجئين من منطقة القرن الأفريقي وضعف مشاركة المرأة. وتعترف الوثائق الحكومية بأن ثمة اجماع عام على أن تحدي الفقر في اليمن يتطلب معالجة عاجلة، اذ أن اختلال التوازن بين الاتجاه الديموغرافي ونضوب قاعدة الموارد الطبيعية والهيكل الاقتصادي المتخلف خلقت عملية تولد الفقر والحرمان بدلاً من توفير فرص العمل وسبل العيش. ويقول مشروع استراتيجية التخفيف من الفقر انها تشمل عناصر محددة أبرزها توسيع وتعزيز منهج التنمية وتنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة وتخفيف الآثار السلبية لبرنامج الاصلاح الهيكلي على الفقراء وتقليص النمو السكاني وتعزيز الأصول البشرية والرأسمالية للفقراء وتوسيع وزيادة الفرص الاقتصادية للفقراء في القطاع الزراعي وفي المناطق الريفية، وتحسين أنظمة التأمينات الاجتماعية والتقاعد وتحسين البنية التحتية وترشيد استخدام المياه ومكافحة التصحر وتدهور البيئة ودعم الاجراءات التي تتناول قضايا تحد من حصول المرأة على الفرص الاقتصادية والموارد وبناء القدرات وبرامج الأمان الاجتماعي ومراجعة وتعديل التشريعات ومشاركة المواطنين واشراك مؤسسات المجتمع المدني.