احتدم القتال أمس على الجبهات جنوب مدينة غارديز، عاصمة ولاية باكتيا في شرق أفغانستان. وأُفيد ان القوات الأميركية التي مُنيت الإثنين بأكبر خسارة لها منذ بدء "الحرب على الارهاب" قبل خمسة أشهر، حققت بعض التقدم على الأرض وباتت على مسافة تصل احياناً الى مئة متر من مواقع مقاتلي حركة "طالبان" و"القاعدة" الذين تردد انهم فقدوا بين 200 و300 قتيل. وأعلن مير وائز ظاهر، نجل ملك أفغانستان السابق ظاهر شاه، ان والده ربما يؤجل عودته الى بلاده من منفاه في روما. وقال ل"رويترز" ان العودة المقررة في 21 آذار مارس الجاري، بعد 30 عاماً في المنفى، قد لا تحصل إذا كان ازداد تدهور الوضع الأمني وبات يُشكّل تهديداً كبيراً لحياته. وتزامن ذلك اف ب مع إعلان ممثل عن وزارة الخارجية الافغانية في هيرات انه لا يملك "اي معلومات" في شأن وجود المعارض قلب الدين حكمتيار في هذه الولاية غرب افغانستان. وجاءت الأنباء عن تقدّم الأميركيين في غارديز، في وقت أكدت مصادر عسكرية ان الولاياتالمتحدة دفعت بثلاث كتائب تضم الواحدة منها بين 500 و600 جندي، الى ساحة المواجهة. ونُقل الجنود من كل انحاء أفغانستان الى قاعدة باغرام، قرب كابول، قبل نقلهم الى ولاية باكتيا. وتُعتبر المعارك الدائرة هناك حالياً الأعنف منذ بدء السنة. وحصلت آخر المواجهات في نهاية العام الماضي في منطقة جبال تورا بورا حيث كان يُعتقد بان أسامة بن لادن وقادة تنظيمه مختبئون في كهوفها. وانتهت معارك تورا بورا من دون معرفة مصيرالمقاتلين المتحصنين فيها والذين تردد انهم نجحوا في التسلل الى خارجها. ويقول محللون عسكريون ان الأميركيين حريصون على عدم تكرار ما حصل في تورا بورا مع المقاتلين المحاصرين في الجبال الشاهقة المكسوة بالثلج جنوب غارديز. لكن ذُكر ان عناصر "القاعدة" و"طالبان" تحسبوا لذلك، فوزعوا انفسهم مجموعات صغيرة جداً تعمل على عرقلة تقدّم الأميركيين في حين تقوم القوة الأساسية منهم، والتي تُقدّر ببضع مئات، بالانسحاب الى مناطق أخرى على الحدود مع باكستان. وخفّت حدة القصف الجوي للمنطقة أمس، في إشارة الى ان الأميركيين يبدون واثقين من ان قدرتهم على بدء الهجوم الأرضي. وكانت المحاولات الأولى لاقتحام جبال غارديز مُنيت بفشل ذريع، إذ أجبر مقاتلو "طالبان" و"القاعدة" المهاجمين على التراجع تاركين وراءهم عدداً غير محدد من الإصابات بينهم قتيل أميركي وعدد من الأفغان. ثم حاول الأميركيون القيام بعملية انزال للقوات الخاصة، لكن العملية فشلت أيضاً عندما أُصيبت طائرتان لنقل الجنود. وقُتل سبعة عسكريين بعد هبوط الطائرة الأولى اضطرارياً في منطقة العمليات، في حين قتل جندي ثامن في الطائرة الثانية. كذلك أصيب نحو 40 جندياً في الطائرتين وفي المواجهات على الأرض. ونُقلت جُثث القتلى الى المانيا أمس في طريقها الى الولاياتالمتحدة. وقالت مصادر أفغانية ل"الحياة" في إسلام آباد ان حركة "طالبان" شنّت هجوماً جديداً في وسط ولاية غزني، جنوب غربي كابول، استهدف موقعاً للقوات الأميركية التي ردّت بقصف شنّته الطائرات الحربية على مواقع يُشتبه بان المهاجمين لجأوا اليها. وأضافت أن "طالبان" ربما تسعى أيضاً إلى فتح جبهات جديدة في كل من زابل وأورزجان حيث يعتقد بان زعيمها الملا محمد عمر يتحصن. وفي حين أفاد بيان صدر أمس عن زعيم قوات "طالبان" في منطقة غارديز سيف الرحمن منصور ان القتال ضد القوات الأميركية سيتواصل حتى الرمق الأخير، أشارت معلومات الى تصاعد موجة العداء ضد الأميركيين والأجانب في بعض المناطق. ووزّعت منشورات أول من أمس داخل بعض المساجد في مدينة جلال آباد، شرق أفغانستان، تدعو البشتون إلى التمرد على الحكومة الحالية وتصفها بأنها "عميلة للأميركيين" وتشكلت ضد رغبة الشعب الأفغاني.