بعد ساعات قليلة من انفضاض جلسة "المطبخ الامني" لحكومة اسرائيل الذي بقيت قراراته طي الكتمان، نفذت قوات الجيش الاسرائيلي جريمتين بشعتين قضى ضحيتهما خمسة اطفال وأم في مدينة البيرة المتاخمة لرام الله وطاقم اسعاف طبي في مخيم جنين للاجئين الذي قتل فيه ايضاً احد قادة "كتائب شهداء الاقصى" وسقط فيه ستة فلسطينيين آخرين شهداء و30 جريحاً معظمهم من المدنيين. وبلغ مجموع الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا امس في الضفة الغربية وقطاع غزة 21 شهيداً سقطوا في عمليات قصف بمدافع الدبابات وقنص متعمد للمدنيين الهاربين من نيران الاسلحة الرشاشة الثقيلة، كما حدث في رفح. وطاول القصف بالطائرات مساء امس محيط مبنى "المقاطعة"، مقر الرئيس ياسر عرفات في رام الله، كما قصفت مقاتلة "اف-16" اسرائيلية في المساء ايضا مبنى تابعاً لأجهزة المخابرات الفلسطينية و"القوة 17" الحرس الشخصي للرئيس الفلسطيني في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية ودمرته بصاروخين. راجع ص 4 و 5 وفي مدينة البيرة، كانت السيدة بشرى قد خرجت بسيارتها، كعادتها مع انتهاء الدوام المدرسي لإعادة اطفالها عزيزة 14 عاماً وبراء 12 عاماً ومحمد 10 أعوام عندما عاجلتها، وهي على بعد عشرات الامتار فقط من باب منزلها في مخيم الامعري للاجئين، قذيفة دبابة اسرائيلية من بين الدبابات المتمركزة في محيط مستوطنة "بساغوت" المقامة على جبل الطويل جنوب مدينة البيرة، لتحول اجساد الأم واطفالها الثلاثة الى جثث متفحمة واشلاء وبقايا أدمغة ولحم تناثر خارج السيارة التي اصطبغت بلون ادمائهم التي سالت بغزارة على الاسفلت. وبالقرب منها، حيث كانت سيارة اخرى تمرّ في الاتجاه المعاكس، حطمت شظايا القذيفة جمجمة الطفلة شيماء المصري اربعة اعوام في المقعد الخلفي للسيارة واصابت ابن عمها عرفات المصري 16 عاماً بجروح بالغة فارق الحياة متأثراً بها بعد نقله الى المستشفى بلحظات. وارتكبت الجريمة في الموقع ذات الذي تعرض قبل يوم واحد لقصف صاروخي لم يسفر عن اصابات تبعه اطلاق قذيفة دبابة من المستوطنة ذاتها بعدما احتشد الناس لتفقد الاضرار فأصيب ستة شبان بجروح مختلفة واتهم الجانب الفلسطيني الجيش الاسرائيلي بمحاولة قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين فردّ شارون بقوله ان الفلسطينيين "يجب ان يتكبدوا خسائر فادحة جداً، واذا لم يشعروا بالهزيمة فلن يكون في الامكان العودة الى المفاوضات". وفي مكان آخر من الضفة الغربية وفي مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين الذي لم تفارقه الدبابات والطائرات الاسرائيلية منذ خمسة ايام، استهدفت قذيفة مدفعية اخرى سيارة اسعاف فلسطينية كانت تقل مدير عمليات الطوارئ في الهلال الاحمر في مدينة جنين الطبيب خليل سلمان ما ادى الى استشهاده واصابة اربعة اخرين من افراد الطاقم الطبي بجروح خطيرة. وقال الطبيب سلمان في كلماته الاخيرة قبل ان يلقظ انفاسه لمركز المستشفى ان الجنود الاسرائيليين يمنعون دخول اي سيارة اسعاف ما ينذر بوقوع عدد كبير من الشهداء. واضاف: "كما قلت اكثر من مرة عندما يصاب الجريح بنزيف من شريان رئيسي، لن يستطيع ان يصمد اكثر من خمس دقائق، وهم في ما يبدو يريدون قتل أكبر عدد من الناس". واكدت مصادر في الهلال الاحمر ل"الحياة" ان سيارة الاسعاف التي أقلت سلمان وطاقمه دخلت الى المخيم بتنسيق بين الصليب الاحمر الدولي وقوات الاحتلال الاسرائيلي. وقال الاسرائيليون من جانبهم انهم اطلقوا النار باتجاه سيارة تقل مسلحين فلسطينيين. الى ذلك ا ف ب، انحت وزارة الخارجية الاميركية باللائمة على كل من اسرائيل والسلطة الفلسطينية في تقريرها السنوي حول حقوق الانسان الصادر امس، لعدم تطبيقهما ايا من توصيات لجنة ميتشل من اجل وقف النار في الشرق الاوسط. واقترح الرئيس حسني مبارك امس عقد قمة تجمع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في منتجع شرم الشيخ في مصر.