كشف نص الحكم القضائي في قضية النائب السوري محمد مأمون الحمصي ان محكمة الجنايات الثالثة استندت الى اجتهاد محكمة النقض الفرنسية لدى قرارها ب"الأكثرية" سجن الحمصي مدة خمس سنوات، وعدم موافقة المستشار القضائي عباس ديب الذي أشار الى ان "أفعالاً كانت مجرمة سياسياً تصبح لاحقاً من أعمال النضال". جاء ذلك في نص الحكم القضائي الذي حصلت "الحياة" امس على نسخة منه بعدما أعلنه رئيس المحكمة جاسم محمد جاسم وعضوية المستشارين سليمان كرباج وعباس ديب وممثل النيابة أحمد ابراهيم في 20 الجاري. وبعدما أشار القرار الى ان المادة 66 من الدستور السوري للعام 1973 نصت على انه "لا يسأل أعضاء مجلس الشعب جزائياً أو مدنياً بسبب الوقائع التي يوردونها أو الآراء التي يبدونها أو التصويت في الجلسات العلنية أو السرية أو في أعمال اللجان"، اكد "ان النائب الذي يتجاوز نيابته يسأل عن أقواله التي يبديها خارج الوكالة النيابية اذا كان القانون يطالها كما لو كتب مقالاً في جريدة أو ألقى خطاباً في اجتماع حزب أو قدح وذم أحد الناس أو حرض العمال على الإضراب حسب ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض الفرنسية تحريض نائب اشتراكي العمال على الاضراب لا يعتبر من أعمال الوكالة النيابية نقض فرنسي في 19/6/1897". وأفادت المحكمة ان النائب الحمصي أصدر بياناً سياسياً في آب اغسطس الماضي "تضمن ان الدولة تقوم بخرق الدستور وعدم وجود سيادة للقانون ... وان رئيس مجلس الشعب عبدالقادر قدورة يمارس اسلوب القمع والضغط على بعض الأعضاء وان الدولة تقوم بفرض الضرائب الوهمية". وان "بعض المسؤولين وأولادهم يجب رفع ايديهم عن خيرات هذا البلد وان الاجهزة الأمنية تتدخل في الحياة اليومية لكل مواطن والتدخل بكرامة المواطن". وعزت تحرك الحمصي الى قرار وزارة المال "فرض ضرائب مالية عليه بقيمة خمسة واربعين مليون ليرة سورية نحو مليون دولار اميركي على أعماله التجارية"، وليس الى قناعات سياسية. وبعد اظهارها الأدلة والوقائع "جرمت" المتهم بأربع جنايات، بينها "جنايتا استهداف تغيير دستور الدولة بطريق غير مشروعة والاعتداء المقصود منه منع السلطات القائمة من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور" ما يعني "وضعه في سجن الاعتقال الموقت" مدة خمس سنوات بعد "دمج العقوبات الأربع" واعلان براءته من جرمي "اثارة النعرات الطائفية والعنصرية ومقاومة اعمال موظفي الدولة المشروعة". لكن اللافت ان نص الحكم الذي يقع في 10 صفحات تضمن الأسباب الثلاثة لمخالفة المستشار ديب رأي الغالبية، اذ كتب: "لا بد من النظر لطبيعة الحق المعتدى عليه، وهنا الدستور وفق ما جاء بقرار الاتهام، ولا بد من النظر الى الشخص الفاعل، والمتهم هنا هو عضو في مجلس الشعب، اذن، من خلال العضوية لمجلس الشعب التي اكتسبها في الانتخابات هو ممثل لشرائح من المجتمع ولم يتم تعيينه. والدليل ان الكثير من الأصوات كانت ترتفع في بهو المحكمة وخارج القصر العدلي تناشد الرئيس وتشد على يد المتهم. هذا ثابت لكل من حضر الجلسات، ونظرة واقعية الى المجتمع وتقدير لأفعال كانت مجرمة سياسياً وفي زمن لاحق تصبح من أعمال النضال. وبالتالي فإن عضو مجلس الشعب يقوم بواحد من أعمال الاباحة وذلك لانتفاء علة التجريم لأن الفعل لم يعد محققاً الاعتداء الذي من أجله قرر المشرع تجريمه في زمن معين، خصوصاً ان المتهم اشار في العديد من مداخلاته الى خطاب وتوجيه رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد في خطاب القسم الذي طالب أولاً الأمة ومجلس الشعب وكل فرد في موقعه بتطوير وتحديث القوانين والنهوض بالأمة الى مستوى المسؤوليات التي تتطلب ازدهار الوطن. خصوصاً ان المتهم عضو في مجلس الشعب ولا تنسلخ العضوية خارج قبة المجلس ... وبالتالي فإن عضو مجلس الشعب يمارس حقاً كفله الدستور في التعبير عن رأيه داخل المجلس أو خارجه وتمثيل لخطاب الرئيس. لهذا، فإن فعله مباح ويتعين عدم مسؤوليته مما نسب اليه".