رداً على الخبر المنشور يوم السبت 24 أيلول (سبتمبر) 2011، بعنوان: «بعد موت تكرر 28 عاماً.. «سجين حائل» يأمل الحياة في «يوم الوطن». العفو من شيم الكرام، عبارة نعرفها جميعاً، ولهذا فإن القرآن الكريم لم يأتِ فيه لفظ القصاص إلا وجاء معه لفظ آخر يفيد العفو. والإسلام طهّر المسلمين من سجايا الانتقام والثأر، وعلّمهم أن حق القتيل عند الله، وأن العافي عن الناس يعفو الله عنه. والعفو عند المقدرة ليس كالعفو قبل المقدرة. فالنبي «صلى الله عليه وسلم» عندما قدر على المشركين يوم فتح مكة قال لهم: «ما تظنون أني فاعل بكم؟»، قالوا: «أخ كريم وابن أخ كريم»، قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». ويوسف عليه السلام حين قدر على إخوته الذين عذبوه وشردوه واتهموه بالسرقة وتآمروا على قتله قال لهم: «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين». وقال تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله). وقد سئل ابن تيمية عن قوم قالوا: إن الله تعالى أوجب علينا الثأر بقوله: «وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس». فأجاب ابن تيمية رحمه الله: «وأما قول القائل: إن الله أوجب علينا طلب الثأر فهو كذب على الله ورسوله، فإن الله لم يوجب على من له عند أخيه المؤمن المسلم مظلمة من دم أو مال أو عرض أن يستوفي ذلك بل لم يذكر حقوق الآدميين في القرآن إلا ندب فيها إلى العفو، فقال تعالى: (والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له). وقال تعالى: (فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح). وأما قوله تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون). فهذا مع أنه مكتوب على بني إسرائيل وإن كان حكمنا كحكمهم مما لم ينسخ من الشرائع: فالمراد بذلك التسوية في الدماء بين المؤمنين كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم». وقد يقول أحدهم: إذا كان حق القاتل عند الله، فمن الذي يرضي أقاربه؟ والجواب عن ذلك أن الله تعالى هو الذي يرضي العافي بأحسن مما هو آخذه لثأره، وما زاد الله أحداً بعفو إلا عزّاً، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث إن كنت لحالفا عليهن: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله». [email protected]