سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قراءة جديدة للشرعية الدولية في موضوع النزاع العربي - الاسرائىلي . القرار 242 حمل في طياته تعديل حدود 4 حزيران وايجاد دولة للفلسطينيين في الضفة وغزة 1 من 2
هذه القراءة للشرعية الدولية في صدد النزاع العربي - الاسرائىلي، يهديها الكاتب الى القمة العربية التي تعقد بعد أيام، ويبين من خلال القرارات الدولية، بدءاً من 242، ما رسمته هذه الشرعية من امكانيات لتعديل الحدود بين اسرائىل والدول العربية المجاورة بما فيها دولة فلسطين التي لم يكن بدأ التداول في شأنها في ذلك الوقت. في حلقة اليوم مقدمة في نقاط النزاع الكامنة في قرارات الشرعية الدولية ونص القرار 242 وتحليله. تعقد القمة العربية بعد أيام في بيروت، في مرحلة دقيقة وحسّاسة اقليمياً ودولياً بفعل عاملين: الوضع المتفجر في فلسطين، وانعكاسات احداث 11 ايلول سبتمبر 2001 على المنطقة والعالم. وفي حين كانت عملية السلام في الشرق الاوسط تشق طريقها صعداً: من مؤتمر مدريد تشرين الاول/ اكتوبر 1991 مروراً بأوسلو 1993 ووادي عربة 1994 وكامب ديفيد تموز/ يوليو 2000 وانتهاء باقتراحات الرئيس كلينتون لإنهاء النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي 23 كانون الاول/ ديسمبر 2000 وتمت مراجعتها في طابا كانون الثاني/ يناير 2001 ... إذا بالأمور كأنها تعود الى نقطة الصفر بين اسرائيل والفلسطينيين، اي الى وضع التمزق والعنف المتبادل، المستمر والمتصاعد منذ ايلول 2001 زمن اندلاع الانتفاضة الثانية ... الى الآن! السؤال الكبير الذي يطرح نفسه على الجميع هو: لماذا فشل الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي في التوصل الى حل نهائي بينهما، على رغم الجهود التي بذلها الرئيس الاميركي بيل كلينتون شخصياً للتوصل الى مثل هذا الحل وجعَلَه هدفه الأكبر والأوحد خلال الأشهر الأخيرة من رئاسته؟ كثيرة هي الاجابات والتفسيرات والاستنتاجات التي قيلت وتقال. وهي في مجملها تعكس جانباً من الحقيقة. أما الجانب الآخر، الذي يمثل عمق الاشكالية، فهو في نظرنا، وبعد دراسة متأنية ومعمّقة، وجود عيب بنيوي يجعل مثل هذا الحل صعباً وشبه مستحيل عنيت به، الالتباسات Ambiguites الكامنة في أسس الحل اي في ما جرى التوافق على تسميته "بالشرعية الدولية". فهذه الشرعية هي المرجعية والمعيار لصياغة هذا الحل والقبول به من جانب افرقاء النزاع. وعندما يقع الاختلاف على هذا المبدأ على القاعدة/ المعيار فسيقع الخلاف حكماً على التطبيق/ الحل! حدّد راعيا مؤتمر مدريد 30/10/1991 الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي، في رسائل الدعوة الى المؤتمر، وفي "رسائل التطمينات" الى كل من سورية ولبنان والأردن والفلسطينيين واسرائيل، مضمون "الشرعية الدولية" كأساس للسلام الشامل للنزاع العربي - الاسرائيلي بمحادثات تستند الى ثلاثة: قرارا مجلس الأمن الدولي 242، 338، ومبدأ الأرض في مقابل السلام. ان حضور المؤتمر يعني حكماً، قبولاً بهذه الأسس. مع الاشارة الى ان لبنان كان يتمنى اضافة القرار 425 1978 الداعي الى انسحاب اسرائيل من الجنوب، والفلسطينيين كانوا يتمنون اضافة القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة 11/12/1948 لأن فقرته الحادية عشرة تشير الى موضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين. وللنزاع العربي - الاسرائيلي ثلاثة أبعاد متداخلة: - البعد الديني/ الرموز - البعد الايديولوجي/ الارض/ الهوية - البعد الجيو-استراتيجي/ الحدود/ الأمن/ المصالح. لذا حاول القرار 242 الذي هو القرار الأم والمرجع أن يوفق بين ما ليس متوافقاً باعتماد اسلوب الغموض والالتباس والإيحاء والمعنى غير المباشر في فقراته. ثم جرت ترجمته الى العربية بشكل غير ناجح. كل ذلك أفسح في المجال لتفسيرات مختلفة لمفهوم الشرعية الدولية. وصار كل جانب أسيراً لنظرته وتفسيره الخاص. فهو الى جانب الشرعية الدولية كما "يترجمها" ويراها ويريدها، وهو في الوقت عينه يضع شروطاً ويتخذ مواقف تناقض هذه الشرعية كما يعبّر عنها النص التمامي Integral للقرار. الى هذا الالتباس السياسي الفكري أضيف موقف ثان هو الموقف الديني أي: الشرعية بمضمونها الاسلامي والقائلة ان الشرعية الوحيدة هي المبنية على شرعية الله. وبالتالي فإن السيادة لا تعود بشكل مطلق لا الى الشعب ولا الى الأمة ولا الى الجماعة الدولية او الى الأممالمتحدة. فالشرع الإلهي هو فوق كل شرع انساني. ومثل هذا الموقف ينسحب حكماً على الشرعية الدولية وتحديداً على شرعية وجود اسرائيل/ الدولة والكيان السياسي كما يعترف بها القرار 242. وفي هذا المجال نشير الى وجود خطّين لدى علماء المسلمين والدول الاسلامية: الأول: يقول بجواز الصلح مع اسرائيل وبالتالي في الاعتراف بأن وجودها في فلسطين شرعي وقانوني، ضمن أسس معيّنة واقعة في "حدود الحكم الاسلامي والتشريع الاسلامي" بحسب البيان الصادر عن الأزهر ممثلاً في جميع هيئاته: "مجمع البحوث الاسلامية، وجامعة الأزهر والمجلس الأعلى للأزهر، ولجنة الفتوى، والإدارة العامة للدعوة والإرشاد، والمعاهدة الأزهرية". ويدخل في هذا الباب جميع الدول العربية والاسلامية التي أعلنت قبولها بالقرارين 242، 338. الثاني: يذهب الى "ان الوجود الاسرائيلي القائم على ارض فلسطين اليوم بكل اشكاله هو وجود غير شرعي وغير قانوني ناتج عن الغزو والاحتلال وأن المفاوضات والاتفاقات والتسويات التي تعقد معه باطلة لأنها لا تستند الى أي اساس شرعي أو قانوني". بحسب البيان الصادر عن "مؤتمر علماء الاسلام" الذي عقد في بيروت كانون الثاني/ يناير 2002. ويعبّر عنه بعض الحركات السياسية والدينية والاسلامية. من الطبيعي ان تؤدي الالتباسات في النص وفي المواقف ببعديها السياسي والديني في واحدة من أعقد قضايا العصر النزاع العربي/ الاسرائيلي الى صياغة صعبة للحل النهائي. فالاتفاقات المرحلية الاتفاق - الإطار كأوسلو مثلاً يكتفي عادة بالعموميات، ويترك لكل جانب امكانية التصور بقدرته على ملء هذا الكادر بما يراه حقاً ومصلحة له وفق الشرعية الدولية أو وفق ميزان القوى في المستقبل فهو اتفاق على "خلاف مؤجل"! أما الحل النهائي فهو نهاية التصورات حيث توضع حدود نهائية للحقوق والمصالح ويرى كل جانب كل ما له وما عليه في اطار السلام الشامل. من هنا أهمية مقترحات الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون للسلام في المنطقة والتي حاول فيها ان يرسي حداً أدنى من التوازن في الشرعية الدولية واجتهد في صياغة الرؤية التي تحقق السلام الشامل والعادل من منظور اميركي. أمام واقع الطريق المسدود، رأينا من واجبنا الوطني والعلمي ان نقدّم قراءة علمية وجيو-استراتيجية للشرعية الدولية ممثلة بالقرار 242 وبعض ملحقاته: القرار 338 والفقرة 11 من القرار 194، وهي قراءة تهدف الى 4 أمور: أ - جلاء الحقائق المتصلة بالشرعية الدولية وذلك بالعودة الى تمامية النص Integralite du texte وفي هذا مصلحة وفائدة لكافة الأطراف العربية وغير العربية في المنطقة وفي العالم. وفيه أيضاً دفاع عن ثقافة السلام التي دعت إليها منظمة الأونيسكو. ب - وضع هذه القراءة بتصرف اصحاب الجلالة والسيادة والفخامة والسمو رؤساء الدول العربية وسعادة الأمين العام لجامعة الدول العربية والرأي العام العربي والعالمي لمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العربية في بيروت كي تكون هذه القراءة مساهمة لبنانية متواضعة في صياغة الرؤى ومواجهة التحديات. ج - الاضاءة على دقة وأهمية النصوص والقرارات التي تصدر عن المؤسسات الدولية ولا سيما تلك التابعة للأمم المتحدة وضرورة المشاركة في صياغتها وتدقيقها من جانب المندوبين العرب في هذه المؤسسات حيثما أمكن. والتنبه والتنبيه الى مدى مفاعيلها السياسية والقانونية في الحاضر والمستقبل. د - الانتقال من الشرح النظري للشرعية الدولية الى الشرح العملي من خلال عرض مشروع الرئىس بيل كلينتون تنفيذاً للقرار 242 الذي قدّمه لرئىس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقد أدى رفض هذا المشروع/ الحل الى وصول الوضع الى المأزق الحالي الذي يهدد بمضاعفات وانعكاسات خطرة على شعوب المنطقة. وهذه الدراسة، محاولة اكاديمية تهدف الى جلاء الكثير من الالتباس المقصود وغير المقصود بالنسبة لأسس الحل للنزاع العربي - الاسرائيلي علها تسهم في توضيح النص والمواقف وتصويب الخيارات والخروج بموقف اكثر وضوحاً: موقف ملتزم ومدرك بالعمق مخاطر الوضعية التاريخية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط ويمر بها العالم، موقف ساع الى تحقيق سلام عادل وشامل للنزاع العربي - الاسرائيلي الذي هو لبنة اساسية في سلامة العالم. القرار 242: النص والملاحظات! اهم وأول ما ينبغي عمله، هو ترجمة القرار 242 الى العربية عن النص الأصلي للأمم المتحدة باللغتين الانكليزية والفرنسية بفوارقه الدقيقة Nuances لمقابلته بالنص المتداول في المراجع العربية، لا سيما نص وزير الخارجية المصري محمود رياض في مذكراته والكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام 1967. القرار 242 1967 متخذ في 22 تشرين الثاني نوفمبر 1967 إن مجلس الأمن، معبّراً عن قلقه المتواصل الناجم عن الوضع الخطر في الشرق الأوسط، مشيراً الى عدم القبول باكتساب أراضٍ بفعل الحرب وإلى ضرورة العمل من اجل سلام عادل ودائم يسمح لكل دولة في المنطقة بأن تعيش بأمان، مشيراً بالإضافة الى ذلك الى ان جميع الدول الأعضاء، بقبولها ميثاق الأممالمتحدة، فإنها قد وقّعت عقد الالتزام بالعمل طبقاً للمادة 2 من الميثاق، 1 - يؤكد ان انجاز مبادئ الميثاق يوجب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط مما يستوجب تطبيق المبدأين التاليين: أ - انسحاب القوات المسلحة الاسرائيلية من أراضٍ محتلة إبان القتال الحديث العهد Recent Conflit. ب - إنهاء جميع ادّعاءات او حالات الاحتراب، والاحترام لِ والاعتراف بِ السيادة والتمامية الاقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة وبِ حقها في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها بمنأى عن التهديدات او اعمال القوة. 2 - يؤكد بالإضافة الى ذلك ضرورة: أ - ضمان حرية الملاحة على الممرات المائية الدولية في المنطقة. ب - تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين. ج - ضمان المناعة الاقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة، عبر اجراءات من ضمنها إنشاء مناطق مجرّدة من السلاح. 3 - يدعو الأمين العام الى تعيين ممثل خاص لزيارة الشرق الأوسط كي ينشئ ويثبّت فيه، علاقات مع الدول المعنية بقصد تسهيل التوصل الى اتفاق ودعم الجهود الهادفة للوصول الى تسوية سلمية ومقبولة، طبقاً للترتيبات والمبادئ الواردة في هذا القرار. 4 - يدعو الأمين العام لأن يقدّم لمجلس الأمن، في اقرب فرصة ممكنة تقريراً حول تقدّم جهود الممثل الخاص. موافق عليه بالإجماع، في الجلسة الرقم 1382. هذا النص للقرار 242 يسمح بابداء الملاحظات الاساسية التالية: الملاحظة الاولى: الحل السلمي... والمفاوضات غير المباشرة. إن مجلس الأمن، بتأثير أميركي ذي صلة بالعلاقات الأميركية - الاسرائىلية، وضع القرار 242 وجميع القرارات المتعلقة بالنزاع العربي - الاسرائيلي ضمن الفصل السادس من الميثاق المتضمن "حل النزاعات حلاً سلمياً" وبالتالي لا تمكن المقابلة مع القرارات المتعلقة بحرب الخليج الثانية الموضوعة ضمن الفصل السابع من الميثاق الذي يسمح بفرض عقوبات عسكرية وديبلوماسية واقتصادية في ازاء حالات "تهديد السلم الدولي والاخلال به ووقوع العدوان". دعا القرار بطريقة غير مباشرة الى حل النزاعات بين العرب واسرائيل من طريق التفاوض حين أشار الى الالتزام بالمادة الثانية من الميثاق. فقد كان من الصعب دعوة العرب للتفاوض مع اسرائيل علانيةً ومباشرةً في أثر القمة العربية في الخرطوم 29/8/1967 التي عرفت بقمة اللاءات الثلاث: لا صلح، لا اعتراف ولا تفاوض مع اسرائيل وبحيث يبدو القرار وكأنه تحدّ مكشوف للموقف العربي آنذاك. من هنا أهمية القرار 338 1973 الذي دعا فوراً الى مفاوضات مباشرة بين الجانبين تحت الاشراف الملائم "لتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 1967 بجميع اجزائه". بهذا المعنى يعتبر القرار 338 أشبه بملحق للقرار 242 ألزم الذين قبلوه ولم يكونوا قد قبلوا القرار 242 بعد بقبول القرار 242 من خلاله وبقبول مبدأ التفاوض المباشر لتنفيذه مما يعني سياسياً وقانونياً سقوط لاءات الخرطوم الثلاث. الملاحظة الثانية: "أراضٍ"... و"الأراضي"! النقطة التي أثارت جدلاً كبيراً قبل اقرار 242 وخلال جلسة 23 تشرين الثاني نوفمبر 1967 وبعدها وحتى اليوم هي لفظة أراضٍ من دون تعريف التي وردت فيه بديلاً من "الأراضي" المعرفة. فالدعوة الى انسحاب اسرائيل من أراضٍ محتلة يترك باب الاجتهاد مفتوحاً على القول بانسحاب من بعض الاراضي وليس من جميع الاراضي. فالتعريف فيه معنى الكليّة والتنكير فيه معنى الجزئية. حول هذه النقطة لا بد من الأخذ في الاعتبار الامور التالية: 1- ان لفظة "اراض" المنكّرة وردت مرتين في القرار: - الأولى في اعلان المبادئ في المقدّمة "عدم القبول باكتساب اراض بفعل الحرب". - والثانية في التطبيق بطلب "انسحاب القوات الاسرائيلية من اراضٍ محتلة". 2 - ان نص القرار وضع في الأساس باللغة الانكليزية وقدّمه مندوب بريطانيا اللورد كارادون الى المجلس من دون اداة التعريف The في الحالتين: of territory وfrom territories. 3 - هذه الاشكالية لم يجر تسريبها على غفلة من أحد بل نوقشت في الجلسة وكانت محور اهتمام الكثيرين وعلى رأسهم السيد محمود رياض ومنظمة التحرير الفلسطينية التي رأت ان القرار يخوّل اسرائيل "بأن تنسحب من المناطق التي تختارها وتحتفظ بالمناطق التي ترغب الاحتفاظ بها". وعلى رغم كل المداخلات، ولا سيما مداخلة مندوبي الاتحاد السوفياتي والهند، أصرّ المندوب البريطاني اللورد كارادون على المشروع بنصه من دون تعديل أية فاصلة أو كلمة فيه: فإما ان يقبل كلّه كما هو وإما ان يُرفض كله كما هو. إكثر من ذلك فقد كشف اللورد كارادون ان صيغة "أراضٍ" مأخوذة من نص المشروع الاميركي الذي كان سيقدّم للمجلس. 4 - ان ورود التعريف في النص الفرنسي: Retrait des forces armees israeliennes des territoires occupes جاء مبتوراً لأنه أدخل التعريف في القسم التطبيقي من القرار "ونسيه" في القسم المبدئي التبريري في المقدّمة L'acquisation de territoire فلم يستعمل أداة التعريف des territoires وهذا يضعف صدقية النص الفرنسي في هذه النقطة بالذات. 5 - ان مندوب أميركا في الأممالمتحدة آرثر غولدبرغ صرّح "بأن الغموض الذي يشوب القرار 242 لم يكن قد حدث سهواً بل كان مقصوداً" وهو الذي صرح لمحمود رياض عام 1967 "بأغرب حجة" وهي ضرورة وجود غموض "لتخطي بعض العقبات. والمهم ان يكون هناك توازن في الغموض". 6 - ان الاتحاد السوفياتي تراجع عن موقفه وتبنّى النظرة الأميركية البريطانية الاسرائىلية الى "أراضٍ" في القرار 242 ضمن البيان الأميركي - السوفياتي المشترك 1/10/1977 بين سايروس فانس واندريه غروميكو. ونص البيان على "الانسحاب من أراضٍ عربية محتلة". ما أفقد القرار توازنه السياسي بعد فقدانه توازنه اللفظي!... مع ان البيان تحدث عن حقوق مشروعة للشعب الفلسطين. وهذا أشبه بعملية "المقايضة"! 7 - ورد في الضمانات السبع عشةر التي قدّمتها الولاياتالمتحدة لاسرائيل عشية الدعوة الى مؤتمر مدريد، الضمانة التاسعة ومنها "لاسرائيل الحق في تفسير قراري مجلس الأمن 242 و338 كما تريد". باختصار، ومهما كانت التفسيرات التي قُدّمت في الماضي والتي ستقدّم اليوم، فإن الاصرار على نص القرار في هذه النقطة يعني الاقرار غير المباشر لاسرائيل بالاحتفاط ببعض الاراضي المحتلة على حدودها كما سنرى لاحقاً. فلو لم تكن هذه نيّة "المشترع" صاحب النص لذكر بوضوح "الأراضي" وذكر أكثر: "الانسحاب من جميع الأراضي المحتلة". وفي وضع اختلال ميزان القوى حصل العرب على وعود كلامية وحصلت اسرائيل على التزامات خطّية من مجلس الأمن الدولي عبر القرار 242. الملاحظة الثالثة: "... حدودٍ آمنة ومعترف بها" ان نص القرار على "حق كل دولة في المنطقة في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها" هو تأكيد للنص السابق بل تطبيق عملي له وهذا ما يؤكد نية المشترع. فالأرض المطلوب تغيير هويتها أو تبادلها واقعة حكماً على الثغور بين اسرائيل وجيرانها بحسب كل حالة بمفردها وليس بذات القدر او المدى او الأهمية او الضرورة لدى كل جيرانها. 1 - هذا النص يعني عملياً إقامة حدود جديدة بين اسرائيل وجيرانها. 2 - عدم الانسحاب من كل الاراضي يبرر مثل هذه الحدود الجديدة. 3 - لو كانت هذه الحدود "الآمنة والمعترف بها" المقصودة في النص هي حدود 4 حزيران يونيو 1967 لما وقعت حرب 5 حزيران 1967 ولكان بإمكان المشترع بأن ينصّ صراحة على ضرورة "عودة اسرائيل الى حدود 4 حزيران 1967". 4 - اسرائيل أكدت دائماً انطلاقاً من القرار 242 ان "لا عودة الى حدود 4 حزيران 1967". 5 - الولاياتالمتحدة أكدت منذ أكثر من ثلاثين عاماً "ضرورة اجراء تعديلات طفيفة على الحدود" والرئيس جورج بوش الأب في افتتاح مؤتمر مدريد للسلام قال: "لا أشير الى خريطة توضح أين هي الحدود النهائية، لكن الحل الوسط بالنسبة الى الاراضي أمر أساسي للسلام"... وهو ما حاول ان يطبقه الرئيس بيل كلينتون في مشروعه للسلام. فالحل الوسط هو بالتأكيد غير الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب أي عشية 5 حزيران 1967. 6 - إشارة أخيرة متعلقة بالنص حول "واو" الاضافة و"معترف بها". ذلك بأن احد كبار دارسي الحدود في العالم، الفرنسي Michel Foucher يعرّف الحدود الآمنة بأنها "حدود معترف بها" وبالتالي من الأصح القول "حدود آمنة / معترف بها" فالاعتراف بها ليس إضافة اليها بل تعريف بها. الملاحظة الرابعة... مصير القرار 181 1947 ان دعوة مجلس الأمن، في القرار 242 الى "انسحاب القوات المسلحة الاسرائىلية من أراض محتلة إبان القتال الحديث العهد recent conflit وليس الأخير dernier فُسّر ايضاً على انه، وبشكل غير مباشر إلغاء لقرار الجمعية العامة رقم 181 1947 أو المعروف بقرار التقسيم. ذلك ان تحديد المجلس لنطاق الاحتلال انطلاقاً مما كانت عليه القوات الاسرائىلية عشية 5 حزيران 1967 يعني اعترافاً من المجلس بشرعية المواقع التي كانت عليها اسرائيل في الخامس من حزيران 1967 وبالتالي الغاءً للقرار 181. والجدل القائم يصبح حول المواقع الذي خرجت اليها وليس المواقع التي خرجت منها! الملاحظة الخامسة: ... ادعاءات وحالات الاحتراب Bژlligerance. الفارق بين ادعاءات الاحتراب وحالات الاحتراب واضح: 1 - فادعاءات الاحتراب تشمل الدول العربية غير المجاورة لاسرائيل والتي اعلنت أنها في حال حرب مع الدولة العبرية وتقاطعها سياسياً واقتصادياً. 2 - وحالات الاحتراب تشمل دول الجوار الجغرافي لاسرائيل التي هي في حال حرب حقيقية معها وبين الجانبين توجد اتفاقات هدنة. وفي الحالين مطلوب انهاء ادعاءات وحالات الاحتراب مع الجانبين ووقف المقاطعة... والاحترام ل والاعتراف ب السيادة والتمامية الاقليمية!. integritژ territoriale لكل دولة في المنطقة. ان لفظة الوحدة الاقليمية لا تؤدي سوى جزء من المعنى المقصود في النص. في حين ان لفظة التمامية تشمل أمرين: الوحدة وعدم التجزئة في آن. الملاحظة السادسة: حرية الملاحة... والمناعة الاقليمية ان ضمان حرية الملاحة على الممرات المائية الدولية في المنطقة لا يشمل فقط قناة السويس ومضائق تيران، بل يشمل باب المندب ومضيق هرمز. اما التشديد على المناعة أو الحصانة الاقليمية وليس الحرية لكل دولة في المنطقة فلكي لا تكون أي من هذه الدول عرضة للتشكيك في شرعيتها في المستقبل. وفي مقتضيات الجغرافيا السياسية فان الدول الصغيرة والضيّقة هي الاكثر حاجة الى مناطق منزوعة السلاح لدى جيرانها كي لا تكون تحت تهديد الهجمات المباغتة. لذا تحتوي اتفاقات السلام على مناطق منزوعة السلاح ومراكز مراقبة وقوات فصل وتحديد لحجم القوات العسكرية المتواجدة قرب الحدود المشتركة. الملاحظة السابعة: القرار 242... والدولة الفلسطينية هناك من يرى مفارقة بين القبول بالقرار 242 كأساس للسلام في المنطقة وبين قيام الدولة الفلسطينية. وذهب الكثيرون، وعلى رأسهم منظمة التحرير الفلسطينية الى رفض إدانة القرار 242 لدى صدوره لأنه حوّل القضية الفلسطينية الى مجرد مشكلة لاجئين. ولم تعترف المنظمة به الا عام 1988 مترافقاً مع اعلان المجلس الوطني الفلسطيني "دولة فلسطين". وفي قراءة معمقة لنص القرار فإن أبرز ما يسم الرجل السياسي كما كان يصفه فردريتش راتزل Ratzel هو: التبصّر السياسي La Prژvoyance Politique بمعنى الفطنة والذكاء في إدراك احتمالات المستقبل. ولسنا نعرف اذا كانت هذه السمة تعود الى اللورد كارادون ام الى وزير خارجية بريطانيا آنذاك جورج براون لكنها بالتأكيد، والحق يقال، تعود الى الديبلوماسية البريطانية. نقول ذلك لأن نواة الدولة الفلسطينية موجودة في صياغة القرار. كيف؟ 1 - ان كل دولة في المنطقة تقوم فوق حيّز جغرافي Espace Geographique. 2 - في العام 1967 هناك حيّز جغرافي شاغر دولاتياً Vacant Etatiquement هو الحيّز الآخر من فلسطين = الضفة الغربية وقطاع غزة. 3 - ان قيام الدولة الفلسطينية على هذا الحيّز وارد في القرار في شكل ضمني Implicite وليس بشكل جليّ وصريح Explicite كيف؟ 4 - في العودة الى النص نجد ان "المشترع"، في كل مرة يشير الى الدول يستعمل أسلوب التنكير المقصود ثلاث مرات: "يسمح لكل دولة في المنطقة". "... والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة". "المناعة الاقليمية... لكل دولة في المنطقة". هذا الاستعمال ليس اعتباطياً بل هو مقصود. وفي العودة الى اللغة: في الانكليزية every state والفرنسية chaque ژtat والعربية كل دولةٍ يمكن القول بل الجزم لغوياً بما يلي: لو استعمل المشترع في أي من الحالات الثلاث أعلاه تعبير: لكل دول المنطقة التعريف بالاضافة. او لكل الدول في المنطقة التعريف بآل التعريف لتحوّل معنى النص تماماً وأصبح يختص بالدول القائمة آنذاك اي عام 1967 في المنطقة والتي عبّر عنها التعريف اللغوي وليس من بينها الدولة الفلسطينية غير الموجودة. ولكن اعتماد التعبير المنكّر المنوّن ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية قيام دولة جديدة هي بالضبط الدولة الفلسطينية. فنص القرار يتناول كل دولة في المنطقة ما هو قائم منها وما سوف يقوم... وهو الدولة الفلسطينية. وبالتالي ما يصحّ على دول المنطقة القائمة آنذاك 1967 يصحّ على الدولة الفلسطينية التي ستقوم في يوم من الأيام. الملاحظة التاسعة: اللاجئون... والتسوية! ماذا يعني "تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين"؟ 1 - لم يحدد النص هوية اللاجئين بل تركه مفتوحاً على الاثنين معاً: أ. اللاجئون الفلسطينيون الى الدول العربية من فلسطين. ب - اللاجئون اليهود من الدول العربية الى اسرائيل. 2 - مفهوم التسوية Rژglement في خلاف أو اختلاف بين جانبين أو جهتين أو أمرين يعني = المساواة والعدل بينهما على أساس المصالحة والتسوية الودية Reglement amiable, arrangement، ومعنى ذلك ان التسوية بحاجة الى رضى جماعي أي كافة الاطراف المعنية بموضوع اللاجئين. 3 - اذاً، موضوع التسوية بحاجة الى قرار من الجانبين يحقق العدالة بينهما وليس قراراً من جانب واحد ضد الجانب الآخر. وهذا ما يفتح الباب لمراجعة القرار 194 في فقرته الحادية عشرة المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين. * كاتب لبناني.