كانت صدمتها عندما اخبرها الطبيب انها حامل اكبر بكثير من الفرح الذي يفترض ان يعتلي وجه كل امرأة تحمل جنيناً للمرة الأولى في حياتها. استفسرت مرة اخرى من الطبيب. كان لديها حدس بوجود خطأ ما. لكنه اكد لها ما كانت تخشاه... وما أنبأتها به اعراض بداية الحمل الوحام التي جعلتها تشعر بالوهن والكآبة والغثيان. كانت تحس بمسؤولية كبيرة تجاه الطفل القادم. مسؤولية قدرية بلا مفرّ. كانت مقتنعة على الدوام بأن الطفل مخلوق ثمين يجب ألا تنجبه سوى القادرة على الوفاء بجميع التزاماته واحتياجاته، ومن في مقدورها الحفاظ عليه بكل الوسائل. إلا ان إنجاب طفل يشكل بالنسبة إليها فقدان عملها الذي يعيلها، ومجيئه الى مستقبل غامض لا تعرف عنه شيئاً بعد... كانت تتساءل هل سيعيد معاناة طفولتها؟ ام ان وضعه سيكون افضل وفرصه في الحياة اكثر؟ ألن يعاني ويلات حروب ام ان حياته ستكون حافلة بالسعادة والأمان؟ أمن الممكن ان تستطيع تربيته والإنفاق عليه كما يجب؟ هل سيدخل الجامعات، ام ان التعليم سيكون عصياً عليه؟ هواجس كثيرة كانت تقلقها وتبعد النوم من اجفانها... فكرت بالتخلص من الجنين لأن الوقت غير مناسب لتنجب بعد. ما زال الأمر بحاجة الى تفكير طويل. كانت تشعر انها بحاجة الى أن تقوم بأمور كثيرة قبل ان تنجب. ان تسافر، ان تتعلم اكثر، وأن تصبح اكثر قدرة على تحمّل اعباء الحياة التي بدأ ينوء بها كاهلها. بأية حال، فكيف بوجود طفل يقلق ايامها ولياليها؟ لكنها سرعان ما استبعدت الفكرة بعدما اقنعتها والدتها بأن "الولد يأتي ورزقه معه" وأن الإنسان لا يرزق بالأطفال دائماً. وأن المرأة عندما تسمع كلمة "ماما" تنسى الدنيا وما فيها. تنسى مشكلاتها وأعباءها. وتسعى الى راحة ابنها وخدمته فقط. وهكذا بعدما بدأ جنينها يتحرك في احشائها في شهره الرابع، راح شعور الأمومة يدغدغ خيالها ومشاعرها وجعلها تنسى همومها تجاهه وتجاه حياتها المقبلة. وها هي تعاهد نفسها وجنينها ان تمنحه كل ما تملك وتجاهد في سبيل تربيته وتعليمه والحفاظ عليه. وأصبح همها الأوحد ان تنجب طفلاً سليماً معافى، وأخذت تحسب الدقائق والثواني التي تفصلها عن يوم ولادة طفلها الحبيب.