رسمت عائلة الفنان المصري محمد نادي دائرة ضوء حول أفرادها وكل من هو داخلها يمارس الفن، ومزجت هذه العائلة المتحدرة من صعيد مصر ألواناً شتى من الفن في بوتقة ذاب فيها الاحساس المرهف بالطبيعة، والنبض المتأثر بالعروبة، فخرجت العائلة الفنية كلوحة واحدة لأربعة فنانين تشكيليين، ترسم بريشة واحدة ملامح فكرة متنوعة ظهرت في كلاسيكية الفنان محمد نادي وواقعية زوجته الفنانة ايمان عزت، وطبيعية ابنته الفنانة ناريمان، وتعبيرية ابنه الفنان احمد نادي. ومازالت محافظة المنيا تدين للفنان محمد نادي ابنها البار الذي انشأ فيها شُعبة الفنون التشكيلية في قصر ثقافة المنيا العام 1967 لتكون بداية لتعليم الفنون الجميلة لأبناء عروس الصعيد المنيا التي كرمته عام 1997 مع مجموعة من رواد الفن أمثال عبدالسلام الشريف وعبدالبديع عبدالحي وصبحي الشاروني. وانطلق نجم الفنان نادي في سماء العالم، وعلّقت لوحاته في مختلف المعارض في ألمانيا واليابان وتركيا وكوريا وإيطاليا وأصبح أول مصري يتخصص في فن تجميل المدن ومن أبرز أعماله "سوق العبور" و"جداريات 10 رمضان" و"قرى السيول". وأبدع في رسم وجوه نساء البدو والصعيد واشتهر بأعماله التي تفوح بأريج العروبة بعدما شارك في تظاهرات الجميعة المصرية للكاريكاتير حول الارهاب ضد التطبيع في جنوبلبنان وآخرها فلسطين في تشرين الأول اكتوبر العام 2000 في جامعة الدول العربية ونقابة الصحافيين، وكان أول من سارع الى تسجيل انتصارات اكتوبر في لوحات مساحة احداها 53 متراً مربعاً في الاسماعيلية العام 1976. وعندما تطوف عين المشاهد على لوحات الفنان نادي يشدها وجه المرأة الصعيدية، وبسؤاله عما اذا كان لم يزل العاشق في احضان الماضي بلدته الصعيدية قال: "الفنان يعكس بريشته ما في داخله من مشاعر وافكار، واعتقد انني مررت بمراحل في تاريخ حياتي الفني، فأنا عشت طفولة حزينة، وعانيت كثيراً في بداية خطواتي العملية وكانت اعمالي تعبر عما بداخلي من الحزن على فقد الاهل، ومن الظروف المادية الصعبة، وخصوصاً في فترة الستينات. وكانت صورة المرأة الصعيدية تتراءى لي، المرأة التي ترتدي الوشاح الأسود وخلفها تبدو القرية ومساكنها الطينية، والجو المُلبد بالغبار، والضباب الذي يلف المكان، والألوان التي تبلورت كلها في لون واحد هو اللون الترابي المائل الى لون تراب الارض. وفي فترة الثمانينات كان الخوف من المستقبل يخيّم على لوحاتي. أما الآن فأنا سعيد بحياتي الخاصة وبكفاحي الطويل، وبما اعطته لي مصر من تقدير، سعيد بواحة سيوة والمدن الجديدة". ولدى سؤاله عن سعادته بفن زوجته وابنته وابنه، ورأيه في النجاح الذي حققوه، أجاب: "الفنانة إيمان عزت فنانة متميزة وباحثة انها تريد أن تقدم الجديد، ولا تحب أن تكون صورة عن فنان آخر، فهي خلطت بين فن النحت وفن التصوير، وقدمت مجموعة متميزة جداً. أما الفنانة ناريمان نادي فهي انسانة شاعرية ورسامة رومنطيقية، تفوح أعمالها بعبق انوثتها وهدوئها وسكينتها وهي ترسم الورود والازهار، وتجسم الواقع في صورة الغروب والشمس تودع النهر. بينما اكتسب الفنان احمد نادي مهارة في الاسكتش متجهاً نحو درجة من درجات الفن الراقي، وأنا دائما انصحه بالرسم كثيراً لكي يجدد شباب أفكاره".