ليست أميركا من الغباء حيث تشن عملاً عسكرياً على العراق او ايران قد يشعل المنطقة كلها، ولا تعرف نتائجه. صحيح ان الضربات في نيويورك وواشنطن اطارت صواب الولاياتالمتحدة، لكنها لم تصل بها الى درجة الجنون. إن أميركا تعرف ان العراقوايران ليستا كأفغانستان، وان التأييد الدولي الذي لاقته في افغانستان لن تجده اذا ضربت العراق او ايران. وبعد ضربات 11 ايلول سبتمبر كانت الاولوية، عند الولاياتالمتحدة، ان تستعيد هيبتها في العالم. فكان العمل العسكري في افغانستان، والقضاء على طالبان، وإحلال حكومة حليفة لأميركا في كابول. واليوم تستغل اميركا انتصارها السريع في افغانستان، والجو العالمي المشحون لتبتز اعداءها سياسياً. انها توتر الاجواء، وتهدد لتستعيد هيبتها، وتفرض تنازلات على الاطراف الاخرى. وها هي ايران تتحدث عن طرد حكمتيار، والعراق يسرب انباء عن استعداده لعودة المفتشين. وعلى رغم ان الحجج التي استخدمتها اميركا لضرب افغانستان كانت واهية، فهي معدومة في العراق، او ايران، او كوريا الشمالية. وحتى لو افترضنا ان الولاياتالمتحدة تريد ضرب هذه الدول عسكرياً فلا اعتقد انها ستشن حرباً عليها دفعة واحدة، كما انه ليس من الذكاء ان تعلن اسماء هذه الدول ثم تبدأ بضرب واحدة منها، لأن البلدين الآخرين سيتحركان عسكرياً وسياسياً في ذلك الوقت لاتقاء الضربة. وستفقد اميركا عنصر المفاجأة. ولو افترضنا انها تريد توجيه ضربة عسكرية فذلك يقتضي تحريك قوات واستعدادات عسكرية لا نسمع بأن اميركا تقوم بها. الموضوع، في رأيي، هو ابتزاز سياسي، واستغلال لوضع عالمي قد لا يتكرر ثانية، تريد اميركا فيه ان تفرض هيمنتها على العالم، تارة بالارهاب العسكري وتارة بالارهاب السياسي. ولا اعتقد ان "محور الشر" الذي تحدث عنه بوش في خطاباته الاخيرة يخرج عن اطار "الارهاب السياسي". سورية - الدكتور ياسر العيتي طبيب سوري مقيم في دمشق