في تجسيد لمهمة المستوطنات اليهودية المشرفة على المدن الفلسطينية، اخترقت عشرات الدبابات سكون ليل لم تشهد له مدينة رام الله مثيلاً بهدير محركاتها الهائل، نزولاً من مستوطنة بساغوت التي تطل على الأحياء السكنية، واطبقت دبابات اخرى قدمت من مستوطنة بيت ايل شمالا ومعسكر كفر عقب جنوباً، لتطبق على شكل كماشة على المدينة التي يزيد عدد سكانها على 100 ألف نسمة. ومع بدء الهجوم تجمع مئات الشبان الفلسطينيين المسلحين وغير المسلحين في مركز المنارة وسط مدينة رام الله. وسرعان ما انتشروا في مختلف المحاور مع تقدم الدبابات الى الاحياء، باستثناء بضعة مئات من الامتار تصل بين مقر الرئيس ياسر عرفات ووسط المدينة. وللمرة الأولى استخدم الفلسطينيون صواريخ "آر بي جي" لصد الدبابات، ما أدى الى عطب اثنتين، على الأقل، واصابة جنديين وفقاً للمصادر الاسرائيلية. واستشهد خمسة فلسطينيين، من بينهم مسن في السادسة والخمسين، جراء اطلاق النار المكثف والاشتباكات المسلحة التي وصلت الليل بالنهار، فيما وصل تسعة جرحى الى مستشفى رام الله الذي تعرض بدوره للنار والمحاصرة. ومن بين الجرحى أحد حراس مكتب عرفات الذي اطلقت دورية اسرائيلية النار عليه أمام المقر واصابته بجروح خطيرة. وأطلق الجنود نيران أسلحتهم الثقيلة باتجاه سيارة اسعاف تابعة للخدمات الطبية العسكرية كانت تقل جثماني شهيدين وجريحاً في أحد شوارع المدينة التي تحولت الى مدينة أشباح. ومنع الجنود سيارات الهلال الاحمر الفلسطيني من التحرك لاخلاء الجرحى قبل التنسيق المسبق مع الصليب الأحمر الدولي والجيش الاسرائيلي وهددوا باطلاق النار على سيارات الاسعاف التي تخالف الأوامر. وفي تحد لأوامر قوات الاحتلال التي لم يبرح جنودها دباباتهم وآلياتهم المدرعة. رفض أهالي مخيم الامعري للاجئين الفلسطينيين النداءات التي دعتهم الى خروج الذكور من المنازل. وسمعت أصوات الجنود ينادون بلغة عربية ثقيلة المسلحين الى الخروج: "والذي معه سلاح لا يخاف سنعامله معاملة حسنة". غير ان أحداً لم يخرج. وهدمت الجرافات الاسرائيلية منزل الشهيدة وفاء ادريس من سكان المخيم التي نفذت عملية تفجيرية في القدس الغربية قبل اسابيع، في اطار سياسة انتهجها الجيش الاسرائيلي ضد عائلات منفذي الهجمات المسلحة. واكدت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" انه اتخذ قرار بالمقاومة المسلحة. وشوهدت حشوداً عسكرية كبيرة في محيط مدينة نابلس ظهر امس، وما زالت مدينة قلقيلية بسكانها ال40 ألفاً ترزح تحت حظر التجول. وفي مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين الذي يعيش فيه حوالى 80 ألف فلسطيني، نفذ الجيش الاسرائيلي مجزرة جديدة بلغت حصيلة الشهداء فيها خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة 19 شهيداً، فيما قتل سبعة فلسطينيين آخرين، معظمهم من المدنيين في هجمات في دير البلح وخان يونس ورفح، ليرتفع عدد الشهداء في القطاع الى 26 شهيداً. وفشل الجيش الاسرائيلي في اقتحام المخيم الذي شهدت مداخله مقاومة شديدة وفقاً لشهود اكدوا ان مقاتلين من مختلف الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية تصدوا لهم. وانسحبت الدبابات بعد تنفيذ المجزرة ترافقها حافلات فارغة كانت اصطحبتها استعداداً لنقل مئات كانت تنوي اعتقالهم. وسادت حال من الغليان الشديد أزقة المخيم الذي ودع ضحايا مجزرة ليل الاثنين في مسيرات حاشدة. وهددت "حماس" و"الجهاد الاسلامي" و"فتح" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، بالرد على مجزرة جباليا، وأعلن عبدالعزيز الرنتيسي الناطق باسم "حماس" ان الاسرائيليين "سيقتلون في كل مكان رداً على جرائم الاحتلال". وقصفت الزوارق الحربية الاسرائيلية موقعاً للشرطة الفلسطينية في مدينة دير البلح وسط القطاع ما أدى الى استشهاد الشاب أحمد أبو هلال 20 عاماً فيما قصفت مروحيات "اباتشي" منطقة البركة جنوب غربي المدينة. وفرضت قوات الاحتلال نظام حظر التجول على قرية وادي السلق وأمرت الرجال من سن 16 عاماً وحتى 60 عاماً بالخروج الى الطريق الرئيسية واعتقلت 8 أشخاص. كما اعتقلت من منطقة مجاورة في القرية 11 مواطناً آخر واقتادت الجميع الى جهة غير معلومة. وقصفت مروحيات "أباتشي" قبل ظهر امس ورشة لسكب الحديد بأربعة صواريخ ما أدى الى تدميرها واستشهاد أربعة مواطنين واصابة أربعة آخرين بجروح. وفي وقت متقدم من ليل الاثنين - الثلثاء سقط شهيدان في محيطة مستوطنة "نتساريم" اليهودية جنوب مدينة غزة بعدما ألقيا عدد من القنابل اليدوية على دورية قرب المستوطنة.