يتزايد القلق الفلسطيني من الدور الذي تلعبه الادارة الاميركية في نزاعهم مع الاسرائيليين في ضوء ما رشح من نتائج زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون ووزير دفاعه بنيامين بن اليعيزر، على رغم التصريحات "العائمة" التي اطلقها الرئيس جورج بوش ولاقت ترحيباً من السلطة الفلسطينية. وأكدت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى ل"الحياة" انها تنظر بخطورة بالغة الى التصريحات التي وردت على لسان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني ومستشارة الامن القومي كونداليزا رايس، خلال لقائهما بن اليعيزر، واعتبرت انها بمثابة "ضوء اخضر" لشارون وحكومته بتنفيذ خططتهم العسكرية "طالما لا تقف عائقاً في طريق تحقيق الانتصار" في معركة اميركا المقبلة ضد العراق. وقالت ان تصريحات تشيني ورايس، على رغم التباين الظاهري بينهما، تصبان في النهج الاميركي ذاته حيال القضية الفلسطينية والذي يغلب عليه طابع "رفع اليد" طالما لا يضر ذلك بمصالح واشنطن المستقبلية في المنطقة. وكان بن اليعيزر قال في تصريحات انه "فوجئ بالموقف المتطرف" لكبار مسؤولي الادارة الاميركية من عرفات. وصرح لصحيفة "يديعوت احرونوت" ان تشيني "كان اكثر تطرفاً من الوزير رحبعام زئيفي"، صاحب فكرة ترحيل الفلسطينيين والذي اغتيل قبل اربعة اشهر على يد الفلسطينيين. وزاد: "قال لي تشيني: تستطيعون شنقه"، في اشارة الى عرفات. واكد بن اليعيزر الى انه سمع اقوالاً مشابهة من مستشاري وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد. وعلى رغم ترحيب السلطة الفلسطينية على لسان نبيل ابو ردينة بتصريحات بوش خلال المؤتمر الصحافي مع شارون، واعتبارها "خطوة في الاتجاه الصحيح"، الا ان الفلسطينيين ينظرون الى تصريحات رايس بأنها لا تقل خطورة عن تشيني. ونقلت الصحف العبرية عن رايس طلبها من اسرائيل رفع الحصار عن عرفات "لان محاصرته بالدبابات تعزز قوته ولا تضعفه". واضافت ان "الحديث مع عرفات مضيعة للوقت. ليس هنالك ما يمكن الحديث معه عنه". ويستشف مما رشح من محادثات المسؤولين الاسرائيليين مع نظرائهم الاميركيين وفقاً للتقارير الاسرائيلية ان "هم" الادارة الاميركية الحالية هو ضمان جبهة هادئة "نسبياً" على الساحة الفلسطينية - الاسرائيلية لتمهيد الطريق أمام هجوم على العراق بغطاء عربي، ان لم يكن سكوتاً عربياً. وفي هذا الاطار، نقل عن مسؤولين اميركيين تخوفهم من ان "يشعل العنف الفلسطيني المنطقة برمتها" وان تتعرض مكانة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني للخطر، وهذا امر ناقشه العاهل الاردني خلال زيارته الاسبوع الماضي لواشنطن. ودعا ابو ردينة الادارة الاميركية الى "اتخاذ خطوات اخرى لوقف العدوان والحصار الاسرائيلي" وعدم الاكتفاء بما سماه "خطوة واحدة لا تكفي"، في اشارة الى اعلان بوش انه لا يزال يعتبر عرفات الزعيم المنتخب للشعب الفلسطيني. وتدل المؤشرات، على رغم معارضة شارون الشديدة، الى ان الضغوط الاميركية على الحكومة الاسرائيلية لرفع "الاقامة الجبرية" المفروضة على عرفات في مقره في رام الله ستتزايد وسيدعمها ضغط اوروبي تمثل بالدعوة التي اطلقها الاتحاد الاوروبي للرئيس الفلسطيني لالقاء كلمة امام البرلمان الاوروبي، من دون ان يعني ذلك من وجهة النظر الاميركية تغييراً جذرياً في موقفها ازاء عرفات نفسه بقدر تخفيف الضغط على المحيط العربي الذي يقف على ابواب قمة بيروت والتحضيرات الميدانية والديبلوماسية الاميركية لضرب العراق. ويبرز الفلسطينيون في هذا الشأن ما نشر في الاسابيع الماضية عن "الخيارات" التي درستها الادارة الاميركية في معرض نقاشها عن الدور الاميركي المستقبلي في الشرق الاوسط. واستناداً إلى هذه الخيارات، يبدو ان الادارة اختارت الابقاء على عرفات مع مواصلة الضغط عليه من خلال فتح قنوات اتصال ومحادثات مع المحيطين به من القادة الفلسطينيين وانتظار تغيير موقفه بطريقة أكثر وضوحاً.