تستقبل براغ يومياً مئات المواطنين العرب الذين يفدون طلباً للعلاج في المصحات الطبيعية المنتشرة في عموم البلاد. فأينما تحل تجد مجموعات من السياح العرب الذين يقصدون هذه المصحات، يغريهم الاهتمام الكبير الذي يلقونه من الأطباء والطاقم الصحي، وكذلك نوعية البرامج العلاجية التي يفوق بكثير ما تقدمه الدول الأوروبية الأخرى، في حين ان الأجور التي يدفعونها في هذه المصحات تشتمل على كل شيء تقريباً، بما في ذلك السكن، وهي أجور مناسبة جداً لأي زائر عربي عادي. وتتسم معاملة العرب في المدن السياحية العلاجية بالاهتمام والعناية والاحترام، وهذه العلاقة ليست جديدة على التشيك، فتاريخها يمتد الى عقود طويلة من الزمن، اذ ساهمت العلاقات التجارية وكذلك المصالح المختلفة في اضفاء طابع ودي على نظرة التشيك الى العربي، ففي حين كانت حدود الدول الأوروبية الغربية مغلقة أمام المواطنين في العهد الشيوعي، كانت البلدان العربية تستقبل مئات العوائل والزوار الذين وفدوا اليها في تلك الفترة. وتلقى الخدمات السياحية العربية اهتمام التشيك سواء خلال المراحل السابقة أو الحالية وبصورة كبيرة، اذ اصبحت اللغة العربية تحتل موقعاً لا يستهان به لدى المتعلمين في جمهورية التشيك. وتظهر هذه الخصوصية في أوساط الاطباء وفي المصحات العلاجية خصوصاً، حيث تجني تلك المؤسسات ارباحاً كبيرة من تقاطر المرضى العرب، لا سيما القادمين من دول الخليج. واضافة للدوافع الانسانية فإن الدوافع التجارية تدفع بهؤلاء الاطباء نحو تعلم اللغة العربية لتسهيل التفاهم مع المرضى وكذلك لتقديم مزيد من الخدمات لهم تعزيزاً لدور مؤسساتهم الصحية. اما أسواق المدن العلاجية، فهي الأخرى تقدم خدمات تسهيلية للسياح والمرضى العرب، لأنها تستطيع من خلال هذه التسهيلات تصريف المزيد من بضائعها، وهي تقرن هذه التسهيلات بحسن المعاملة والاستقبال اللذين يلقاهما السائح العربي حينما يرتاد المحلات التجارية. تتوزع المصحات العلاجية في جمهورية تشيخيا على مدن عدة، وكل منها يتخصص بأمراض مختلفة. واشهر هذه المصحات "منتجع ماريانسكي لازني" و"كارلوف فاري" و"فرانشكوفي لازني". وهذه المصحات الثلاث تقع في منطقة "السوديت" غرب البلاد، وهي محاذية لألمانيا، واحتلها هتلر مطلع الحرب العالمية الثانية وضمها الى المانيا مدعياً انها جزء من المانيا. وهي لأهميتها السياحية والعلاجية، كانت المصدر الرئيسي لتعدين المواد المشعة لا سيما "اليورانيوم" الذي أصبح من حصة الاتحاد السوفياتي بعد هزيمة المانيا، وعودة هذه المنطقة الى السيادة التشيخية. ولأن أراضي هذه المنطقة السياحية الجذابة مليئة بالعناصر الاشعاعية فإن مياهها المعدنية تتسم بنوعية علاجية جيدة، وفيها عيون مياه باردة وحارة وبخارية. و"مريانسكي لازني" مدينة سياحية كبيرة، وفي وسطها تقع المنتجعات العلاجية وهواؤها نقي وطبيعتها جميلة للغاية، وهي مكتظة بالغابات، وكذلك الحال بالنسبة الى المدن الأخرى "كارلوفي فاري" و"فرانتشكوفي لازني". وتعالج مصحات مدنية "مريانسكي لازني" أمراض الكلى والمسالك البولية والإلتهابات المزمنة للبروستات وأمراض الجهاز الحركي كالروماتيزم والتهابات العمود الفقري وانزلاق الفقرات وحالات ما بعد الحوادث، اضافة الى المجاري التنفسية والالتهاب الرئوي والأمراض الغذائية كالسكري والسمنة الزائدة وزيادة نسبة الدهنيات في الدم، وكذلك الأمراض الجلدية والتناسلية، والاضطرابات المعوية. أما مصحات "كارلوفي فاري" فهي الأخرى تشمل هذه الأمراض وتخصصت بأمراض العظام والشلل وأمراض الدماغ والسمنة والأمراض النسائية. بينما تخصصت مصحات "فرانتشكوفي لازني" في معالجة حالات العقم عند النساء وانكماش الاعضاء الداخلية واضطرابات سن اليأس وعرق النساء. وفي المنطقة الشمالية اشتهرت مصحات مدينة "تبليتسة" بعلاج الأمراض التنفسية والمعوية وكذلك السمنة، وأمراض الدماغ، وهناك مصحات اخرى كثيرة في مناطق مجاورة لمدن براغ ويابلونتس وأوستي ناد لابم، وغيرها، وكل هذه المصحات تشترك في علاج أمراض كثيرة اخرى. وجهزت هذه المصحات بالخدمات كافة، وهي تستخدم انواعاً من العلاج المائي أو العلاج عن طريق الحمية، باعداد برامج غذائية محددة. والعلاج يشمل ايضاً حماماً بالكاربون، والعلاج بالطين والمساج تحت الماء وكمادات الغاز والمساج التقليدي والعلاج بالكهرباء والموجات الكهرومغناطيسية. وتهتم هذه المصحات بالتعرف على حالة المريض، وهي عادة تخصص مترجمين يرافقون المرضى العرب أثناء معايناتهم الصحية، وهناك اشراف جيد على سكن هؤلاء المرضى واقامتهم. يبقى ان هذه المصحات كسبت ثقة روادها، وحصلت على نتائج طبية مشهود لها، لذلك تتواصل نجاحاتها التي تعزز سمعتها في عموم العالم العربي، لجعلها تستقبل مزيداً من المرضى العرب كل عام.