كلمة... كلمة يا حبيب تأفهم عليك... هي الاغنية التي اختارتها اذاعة "صوت الغد" اللبنانية للاعلان عن الكاسيت الجديد للسيدة فيروز الذي طرح في الاسواق قبل ايام قليلة من انتهاء العام 2001. وكانت السيدة فيروز تريد ان تستقبل العام الجديد متخففة من وزر ماضٍ مجيد وتاريخ فيروزي طويل، فيروز في "ولا كيف" قررت ركوب الموجة السائدة، بغنائها للأغنية الشبابية بمعناها الدارج، ونمطها الذي اعتاد الشباب على الاستماع اليه من آلاف المطربين والمطربات الشباب ولكنه على ما يبدو يستنكر الاستماع اليه من السيدة فيروز لتمسكه بفيروز كرمز اخير للنقاء والشفافية، ولغياب فيروز التي يآلفها عن الشريط لصالح ابنها زياد الرحباني الذي لحن معظم اغنيات الشريط وأعاد توزيع بعضها الآخر. الكاسيت يضم عشر اغنيات جديدة تماماً، تمثل تجديداً وربما نقطة تحول في المسار الفيروزي، ولكنها تمثل استمرارية لتاريخ زياد الرحباني ولنهجه الذي اعتدناه في اعماله السابقة يسهل تقسيم الاغنيات العشر الى مجموعتين: في المجموعة الأولى يحضر زياد الرحباني تماماً وتغيب فيروز تماماً وفي المجموعة الثانية ينصهر الاثنان تماماً. الشريط يبدأ ب"ولا كيف" ذات اللحن السريع جداً، والجمل المحكية البسيطة، وفي "ولا كيف" يغيب صوت فيروز الملائكي تماماً، في و"لا كيف" تبدو فيروز متجردة من كل شيء سوى من عاطفة الأمومة تجاه زياد الابن. في "ولا كيف" تبدو فيروز وكأنها تحاول دخول القرن الواحد والعشرين بحلة جديدة تماماً تنسجم مع ما هو سائد. ومع رغبات ابنها زياد تبدو الاغنية وقد افلتت من شريط "مونودوز" الذي غنته سلمى مصفي بالمشاركة مع زياد. وفي "ولا كيف" أدت فيروز ولم تغن، والاغنية ظلمت فيروز وفق كل المقاييس. في شريطها "ولا كيف" غنت فيروز ايضاً صبحي الجيز عامل التنظيفات الشيوعي الذي قضى شهيداً، في صبحي الجيز استطاعت فيروز ان ترسم حالاً انسانية رقيقة وحزينة للغاية، بل ومثيرة للجدل في آن واحد، ففي صبحي الجيز لم تخرج فيروز عن انتمائها للطبقة المظلومة وعن تعبيرها الصادق عن آلاف المساكين ولكنها خرقت حال الانتماء التي طالما حرصت على تجسيدها خلال تاريخها الغنائي الطويل ودخلت حال الانتماء التي طالما حرص زياد الرحباني على تجسيدها في اعماله السابقة. "شو بخاف" و"تنذكر ما تنعاد" و"انشالله ما بو شي" هي عناوين بقية اغنيات الشريط التي جاء بعضها هادئاً، وبعضها الآخر جاء سريعاً يعتمد على جمل موسيقية بسيطة تتكرر كلازمة طوال الاغنية، وفي بقية اغنيات الشريط الكثير من فيروز الانسان، والقليل من صوتها السماوي، الذي ربما لم يشأ زياد الرحباني استغلال مقدراته كاملة، او ربما لادراكه ان السنوات السبعين بدأت تفعل فعلتها فيه. في "ولا كيف" غنت فيروز "يا مريم" التي غنتها سابقاً ضمن مجموعة من التراتيل الدينية، وخرجت بها من بوتقة الانتماء الديني لتجعل منها رمزاً انسانياً. فيروز اعادت طرح الاغنية القديمة بقالب جديد اعمق وأشمل، ولكن بمقدرات صوتية اقل بكثير من الماضي. في "ولا كيف" غنت فيروز لقضايا الشباب، ومشكلاتهم اليومية، عبرت عن بحثهم اللاهث عن الحب والمال والعمل، ورسمت بكلمات بسيطة ومقدرات صوتية شبه غائبة تناقضات الواقع الحياتي في بدايات القرن الواحد والعشرين. الشريط وان بدا غريباً عن التاريخ الفيروزي العتيد، فإنه منسجم ومتآلف الى حد ما مع حاجات جيل من الشباب الذي وجد ذاته في معظم اغنيات الكاسيت، وان كان قد افتقد الصوت الفيروزي في معظمها ايضاً. زياد الرحباني يعيد ما فعله والده عاصي الرحباني في عام 1952 عندما عمل مع فيروز على ألحان التانغو والرومبا وشباب الماضي شب على تلك الالحان وأحبها لاحقاً، ولكن هل يتحمل تاريخ فيروز وسنواتها السبعون تلك المخاطرة او المغامرة؟ ام ان الامر يبدو وكما يقول الجراحون في المستشفيات نجحت العملية ومات المريض، فقد نجح الشريط في معانيه، وأبدع زياد الرحباني الابن فيه، وسقطت فيروز الأم، ليولد لها ربما تاريخ جديد!!