سرت (ليبيا)، الجزائر - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - دخلت قوات الحكومة الليبية الموقتة مدينة سرت مسقط رأس الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي أمس السبت لكنها تعرضت لنيران قناصة كثيفة. وجاء دخول الثوار سرت في وقت أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل السبت خلال مؤتمر صحافي في بنغازي (شرق) أن الحكومة الانتقالية الليبية «ستعلن الأسبوع المقبل»، معترفاً بأن «هناك اختلافاً في وجهات النظر» بين أعضاء المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي أدى إلى تأخير إعلان هذه التشكيلة. كما أعلن عبدالجليل أن الثوار عثروا على أسلحة يُعتقد أنها محرمة دولياً قرب سبها وودان في جنوب ليبيا. وأوضح: «فعلاً هناك أسلحة يعتقد بأنها محرمة دولياً. هذه الآن تحت سيطرتنا نحن. سنستعين بالفنيين المحليين وبالمجتمع الدولي للتخلص من هذه الأسلحة بالطريقة المثالية». ويأتي ذلك بعد يوم من تأكيد الأممالمتحدة أن ليبيا أبلغتها في السابق أنها تخزّن مواد من اليورانيوم المركّز (الكعكة الصفراء) قرب سبها التي سيطر عليها الثوار قبل أيام. وتصاعدت أعمدة من الدخان الأسود في سماء سرت أمس في الوقت الذي احتشدت قوات المجلس الوطني الانتقالي في ساحة الزعفران التي تبعد نحو كيلومتر من وسط البلدة. وأمكن سماع دوي إطلاق نيران من وسط البلدة في الوقت الذي حرك مقاتلو المجلس الدبابات وقذائف المورتر صوب الساحة. وسارعت شاحنات صغيرة نصب على متنها مدافع آلية تحمل مقاتلين من قوات المجلس الوطني الانتقالي صوب المدينة. كما تقدمت قوات المجلس الانتقالي من جنوب سرت. وقال التهامي أبو زين المقاتل في قوات المجلس الانتقالي ل «رويترز» من موقعه في ساحة الزعفران: «لديهم قناصة فوق المساجد وفوق المباني. إنهم يستخدمون المنازل والمباني العامة». ولم يعقب حلف شمال الأطلسي على عملياته في سرت أمس السبت. وقال إن طائراته قصفت عدداً من الأهداف الجمعة شملت مستودعاً للذخيرة ومدفعاً مضاداً للطائرات. وقال مقاتلون من المجلس الانتقالي إن لديهم أوامر بعدم التقدم نحو وسط البلدة بسبب هجمات محتملة من جانب حلف شمال الأطلسي. وقال مقاتلون أيضاً إن سحابة ضخمة من الدخان تصاعدت نتيجة لهجوم على مستودع ذخيرة. وأعلن فاتح ضنيني الطبيب في مستشفى ميداني في مسجد غرب سرت سقوط قتيلين وأكثر من عشرين جريحاً في المعارك أمس، في حين كانت قافلة من سيارات الإسعاف آتية من خط الجبهة تنقل جرحى من المقاتلين. كما شوهدت عائلات عدة تغادر سرت مغتنمة فترة الهدوء الذي سبق بدء هجوم الثوار. وعند البوابة الغربية أطلق مقاتلون نيران مدفعيتهم نحو البلدة. وتبادل الجانبان الموالي للقذافي والمناهض له إطلاق الصواريخ. وسبق وأن تراجعت قوات المجلس الانتقالي من سرت وبني وليد المعقل الثاني الأخير للقذافي بعد أن قوبلت هجمات غير منظمة بمقاومة شرسة من جانب الموالين للقذافي. وفي بني وليد، قال الطبيب مبروك كرناف السبت إن ثلاثين مقاتلاً تابعين للمجلس الانتقالي قُتلوا منذ بداية المعارك قبل أسبوعين للسيطرة على هذه البلدة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من العاصمة الليبية. وقال قائد الجبهة الشمالية ضو صالحين الجدك إن خمسين من الثوار أصيبوا في المعارك. كما قال مراسل ل «فرانس برس» إن القوات الموالية للقذافي أطلقت صواريخ من بني وليد إلى خارجها على موقع للثوار على بعد نحو خمسة كيلومترات من وسط المدينة التي تبعد 180 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس. وكان مقاتلو المجلس الانتقالي شنوا هجوماً واسعاً على بني وليد في العاشر من أيلول (سبتمبر) لكنهم انسحبوا في الليلة نفسها بعد مواجهة مقاومة شرسة. ومنذ ذلك الحين يدور القتال في شكل متقطع غير أن المجلس يحجم عن شن هجوم جديد. وفي طرابلس، وقع انفجار كبير تلته سلسلة انفجارات في معسكر أبو ستة التابع للبحرية الليبية سابقاً والذي يبعد 6 كلم من وسط العاصمة. وشوهدت أعمدة دخان تتصاعد فوق موقع الانفجارات. وفي الجزائر (عاطف قدادرة)، أعلنت عائشة القذافي، إبنة العقيد الليبي المخلوع معمر القذافي، أن والدها «بخير» و «يقاتل»، وشنّت هجوماً شديداً على السلطات الليبية الجديدة واتهمتها ب «الخيانة». ويُحرج خروج عائشة عن نص «القيود» التي وضعتها الجزائر حول إقامتها برفقة عدد آخر من أفراد عائلتها، السلطات الجزائرية بعد ساعات فقط من إعلان وزير خارجيتها مراد مدلسي اعتراف بلاده بالمجلس الوطني الإنتقالي. وقالت عائشة القذافي في رسالة صوتية مساء الجمعة بثتها قناة «الرأي» التي تتخذ مقراً لها في سورية، متوجهة إلى الليبيين: «يحق لكم أن تفتخروا بقائدكم العظيم، هو بخير والحمد لله، معنوياته مرتفعة، يحمل السلاح ويقاتل هو وأبناؤه». وخاطبت من وصفتهم «الشعب الليبي الصامد» قائلة «اصبروا وانتفضوا، لا تسمحوا لمهزلة (تشكيل) حكومة جديدة». وحملت بعنف على مسؤولي المجلس الانتقالي، محذّرة الليبيين من أنهم «خانوا العهد فكيف لا يخونونكم». وتقيم عائشة القذافي برفقة أكثر من ثلاثين فرداً من عائلتها في الجزائر. وتخفي السلطات مقر إقامتهم، لكن مكوثهم على أرضها رُبط بشروط بينها عدم التصريح إلى وسائل الإعلام. وقالت مصادر جزائرية ل «الحياة» إن «التسجيل، إذا صح أنه لعائشة بنت القذافي، فهو تصريح مستفز للسلطات الجزائرية». وخصت عائشة بانتقاداتها رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي محمود جبريل الذي قالت إنه «قدّم الولاء والطاعة» لحكم والدها المخلوع، وكذلك رئيس المجلس العسكري للثوار في طرابلس عبدالحكيم بلحاج الذي قالت إنه «خان العهد ونكثه». وذكرت إن الحلف الأطلسي «في ليبيا وجد من يحمل السلاح في صدر أخيه». كما حملت على المسؤولين العرب قائلة: «الخزي والعار على الحكّام العرب الذين ساعدوا في ذبح الليبيين».