إنني أتوق لإقفال جهاز الكومبيوتر بعد نهار طويل ومتعب في المكتب، أنا مرهقة ويجب أن أعود الى البيت، فالساعة قاربت التاسعة مساء. لكن الأغنية التي أستمع إليها عبر الانترنت جميلة، أغلق عيني وأحاول أن أنسى الشاشة التي أمامي وأغنّي. "الحلوة الحاملة الجرّة مرّت بجنبي مرّة". "الحلوة الحاملة الجرّة"؟! يا إلهي إنهم يغنّون لحاملات الجرّة! أبتسم وأفكر بنفسي وبصديقاتي. ها نحن جالسات أمام شاشات الكومبيوتر نعمل على الشبكة العالمية طوال النهار. بل لقد استيقظت صباحاً على رنين رسالة قصيرة وصلت الى هاتفي المحمول ثم تأكدت من مفكرتي على جهاز الكومبيوتر الجيبي الذي يحتوي على برنامجي اليومي وبريدي الإلكتروني... حتى أمي أعطتني بضع طرق للطهو اليوم عبر برنامج الدردشة على الانترنت، وهي من مدمني لعبة سوليتير، تقضي ساعات طويلة تلعبها على الكومبيوتر وتحطم كل يوم الرقم القياسي الذي سجلته البارحة، بل أيضاً تقرأ الصحف احياناً على الانترنت وتتابع حال الطقس عبر المواقع المتخصصة. كما أخذت مؤخراً تحادث اختي على الفيديو عبر القارات. أكثر ما يضحكني هو الساعات التي نقضيها على برنامج الدردشة، عندما نكون ست او سبع صديقات وقريبات من لبنان ودبي وكندا والكاريبي، هذه تخبرنا انها غيّرت لون شعرها وتلك تعاني من زيادة وزنها وأخرى ترينا صور ابنها... لكن في الواقع ماذا تغيّر؟ ان الوسيلة جديدة وليست الغاية. فنحن اليوم نتحدث كما كنا خلال ايام الدراسة، حين كنا نقضي ايامنا نزور بعضنا بعضاً في بيروت ونتكلم في المواضيع نفسها. والأرجح ان لا شيء من دهذه الأحاديث كان تغيّر لو اجتمعنا حول عين الضيعة، كل منّا تحمل جرّتها... لكن ما من أحد يغني لحاملة الخلوي!