بدأ الطوق يلتف تدريجاً حول عنق الزعيم السابق لصرب البوسنة رادوفان كاراجيتش الذي اصبح المطلوب الاول في جرائم حرب ارتكبت في البوسنة، بعد اعتقال الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش المتهم باصدار الاوامر الى الاول تنفيذ مجازر بحق المسلمين البوسنيين. ودار في لاهاي جدل حول كيفية الوصول الى مخبأ كاراجيتش في بلدة فوتشا شرق البوسنة، بعدما طلبت المدعية العامة في محكمة الجزاء الدولية كارلا ديل بونتي من رئيس حكومة صرب البوسنة ملادن ايفانيتش خلال لقائهما امس، اتخاذ اجراءات ملموسة لتسليم كاراجيتش. وعبرت ديل بونتي عن عدم اكتفائها بابداء ايفانيتش استعداد حكومته لتسليم كاراجيتش والقائد العسكري السابق لصرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش الى لاهاي "في حال العثور عليهما". وفي المقابل، حذر رئيس حكومة صرب البوسنة من ان القوات التي تأتمر بامرته، لن تتمكن وحدها من القاء القبض على الاثنين، "ما يتطلب مساعدة قوات حفظ السلام في البوسنة التي يقودها الحلف الأطلسي". وافادت مصادر ديل بونتي انها رفضت ادعاء ايفانيتش انه لا يعرف مكان وجود كاراجيتش، وقدمت معلومات في حوزتها تشير الى ان السلطات في جمهورية صرب البوسنة على اتصال بملاديتش واحياناً بكاراجيتش. وقال مستشار ديل بونتي جان جاك جوري ان المدعية العامة لن تعبر عن ارتياحها قبل ان تقدم سلطات الجمهورية الصربية براهين ملموسة على تعاونها، مشيراً الى انه "منذ عشر سنوات وسلطات جمهورية صرب البوسنة تمثل العامل الاساسي وراء هرب ملاديتش وكاراجيتش، لذا فان تعاونها يعتبر اضعف الايمان". وترغب ديل بونتي في اعتقال كاراجيتش من اجل الحصول على ادلة بأن عمليات التطهير العرقي التي ارتكبتها قواته خلال حرب البوسنة والهرسك 1992-1995 وخصوصاً في سريبرينيتسا، نفذت باوامر مباشرة من ميلوشيفيتش، وذلك لتدعيم لائحة الاتهامات ضد الاخير وتعزيز فرص ادانته. وكان الاف المسلمين من سكان سريبرينيتسا قتلوا على ايدي القوات الصربية صيف 1995. وكان رئيس حكومة صرب البوسنة وصل الى لاهاي مساء اول من امس، مع مستشاره سينيسا جورجيفيتش ووزيرة العدل في حكومته بيليانا ماريتش، للاجتمع مع ديل بونتي ورئيس محكمة الجزاء الدولية كلود جوردا لتأكيد رغبته في "التعاون الكامل" مع المحكمة الدولية. وقال في تصريح لدى وصوله: "لم يعد هناك سبيل امام صرب البوسنة، سوى احترام القانون الدولي، الأمر الذي يعني القبض على المتهمين بجرائم حرب". وأشار الى أنه لا يعلم مكان اختباء كاراجيتش وملاديتش، وقال: "لو كنت مكان رادوفان كاراجيتش، لاستسلمت، ولما بقيت طيلة هذه الفترة الطويلة محاولاً الافلات". واعتبر ايفانيتش، ان تسليم ميلوشيفيتش "غيّر الموقف في البلقان، إذ أصبحت جمهورية صرب البوسنة، الجزء الوحيد مما كان يعرف بيوغوسلافيا السابقة الذي يبدو غير متعاون مع محكمة لاهاي". وافادت معلومات استخباراتية غربية ان كاراجيتش كان ينتقل باستمرار بين شرق البوسنة وصربيا والجبل الأسود، معتمداً على عناصر حمايته المدربين والمسلحين في شكل جيد، اضافة الى اختيار أماكن آمنة ووعرة. وتعتقد المصادر نفسها ان كاراجيتش لم يتمكن من مغادرة البوسنة في الفترة الاخيرة. أما ملاديتش، فقد كان الى وقت قريب في بلغراد، ويسود الاعتقاد انه لا يزال مختبئاً داخل صربيا، وان صحته متدهورة.