السويد من البلدان المتقدمة التي تحترم حقوق الإنسان ويلائم هذا قوانينها الإنسانية واستقبالها عدداً غير ضئيل من اللاجئين في كل سنة. وبلغ عدد الأكراد المهاجرين منذ بداية الستينات من القرن العشرين الى اليوم قرابة 30 ألف مهاجر علماً ان نسبة مجموع المهاجرين هي حوالى 9 في المئة من مجموع السكان البالغ 9 ملايين نسمة. وتشكل كل هجرة مجتمعاً يحمل في طياته خصوصياته القومية، ويؤدي ذلك الى بروز مشكلات وصدامات ثقافية في غاية الخطورة. فاضطرت الحكومة السويدية الى معالجة هذه الأمور من طريق حقيبة وزارية هي وزارة الدمج الاجتماعي. ولكن عملية الدمج الاجتماعي في السويد تواجه بعض المفاجآت غير السارة. وأعتقد انها تعود الى الأسباب التالية: - الدمج الاجتماعي مشروع مهم وعظيم شرط ان يحصل بآليات ايجابية وطبيعية، وبعيداً من اسلوب العملية "القيصرية" ان صح التعبير. - إن فكرة الدمج الاجتماعي تستدعي الاّ يشعر الآخر او المعني بها بالانصهار او الذوبان في مجتمع قوي وقاهر. فينبغي ان يشعر الآخر بأن العملية الجارية مع المهاجرين ضمن سياق التآلف والود والمساعدة في الاختلاط الاجتماعي الإيجابي في المجتمع السويدي. وحادثة قتل الفتاة الكردية فاطمة شاهيندال على يد والدها، بقصد الدفاع عن الشرف والكرامة، ليست هي الأولى في المجتمع الكردي. ولكن الشيء المستغرب في الموضوع هي مكان هذه الحادثة وجغرافيتها، مع العلم ان مثل هذه الجرائم خفت وتيرتها حتى في المجتمع الكردي في كردستان. والتبريرات التي قدمها والد القتيلة لم تكن كافية، ولا مقبولة حتى في المجتمع الكردي في السويد. لأن زواج فاطمة تم في عام 1998، ووفقاً للقوانين السويدية، وبعقد رسمي واضح. ولم يعد اختيار الفتاة الكردية، في المجتمع الكردي، فارس احلامها جريمة تعاقب عليها. فهي انتزعت حريتها النسبية اكثر من بعض المجتمعات التي تحكم الإنسان الكردي. ولكن والد فاطمة اعتقد ان العائلة برمتها اصبحت في خطر، وعليه واجب الدفاع عنها. وهذه الخلفية الثقافية التي يحملها كل مهاجر ترك دياره ووطنه قسراً تندرج في "ثقافة الخوف" التي زرعتها الأنظمة الاستبدادية والقمعية في نفوس هذا الشعب المظلوم بعد تقسيم وطنه التاريخي من جهة، وتفتيت المجتمع الكردي، من جهة ثانية، و"تغريبه" و"تفريسه" و"تتريكه". ان المهاجر الكردي في حاجة ماسة الى الحماية في المجتمع الذي اختاره، وعليه احترام قوانينه إذا أراد الإقامة فيه. وهذا ما اكده السيد ريناز احمد رئيس الرابطة الكردية في مدينة يفلن في كلمته عقب المسيرة الاحتجاجية على قتل فاطمة. وهو قال: لقد خسرنا سفيرة الملائكة، ايها السويديون الجدد المهاجرون لستم ضيوفاً في هذا البلد، وتحملوا مسؤولياتكم، وشاركوا في الحياة السياسية وابتعدوا عن التطرف. ساندفيكين السويد - عبدالقادر بدر الدين