تفتتح "طيران الامارات" في الثاني من آب أغسطس المقبل خطاً مباشراً إلى مدينة بيرث الاسترالية، في خطوة ستتيح توسيع شبكة خطوطها الدولية، وتجعلها في الوقت ذاته أسرع ناقلة جوية تربط القارة الاسترالية بأوروبا. وشهدت الشركة منذ بدء رحلاتها الى استراليا قبل ستة أعوام نمواً سريعاً ارتبط توسعه باستمرار بمدى تجاوب السلطات الاسترالية مع الطلبات التي تقدمت بها الناقلة الخليجية لفتح مزيد من الخطوط ورفع وتيرة الرحلات الحالية. ومن المنتظر أن يشهد التوسع المتواصل لرحلات "طيران الامارات" شرقاً وباتجاه النصف الجنوبي للكرة الأرضية تضاعفاً في عددها الى استراليا من دون أن يرتبط ذلك بطريقة بناء شبكة رحلاتها الحالية التي تعتمد على كل من سنغافوره أو كوالالمبور كمحطتي توقف. قال إدي ليم، مدير منطقة استراليا ونيوزيلندا في "طيران الامارات" ل"الحياة" إن شركته تنوي مضاعفة عدد رحلاتها الى استراليا في السنتين المقبلتين إلى أكثر من 28 رحلة أسبوعياً، وهو ما سيعني أن "الامارات" ستضاعف السعة المقعدية المتاحة على هذه الوجهة إلى نحو 450 ألف مقعد. ومن شأن هذا النمو في السعة المقعدية المتاحة أن يجعل "الامارات" إحدى أكبر الناقلات الجوية التي تعتمد عليها استراليا لوصلها بالعالم الخارجي. وتسيّر الناقلة الخليجية سبع رحلات أسبوعية حالياً إلى مدينة ملبورن، وأربعاً إلى مدينة سيدني. وكانت "الامارات" بدأت رحلاتها رسمياً إلى السوق الاسترالية في 25 حزيران يونيو عام 1996، وبمعدل رحلتين أسبوعياً إلى ملبورن. وسيّرت الشركة على هذا الخط طائرة "بوينغ 777" كانت تسلمتها لتوها، وشكلت تلك الطائرة الأولى من هذا الطراز التي تسيّرها ناقلة دولية إلى استراليا. وحرصت "الامارات" على إبراز تميزها في مجال الخدمات الجوية المقدمة للمسافرين إذ خصصت ستة ملايين دولار لتجهيز الطائرة التي تجاوز ثمنها 150 مليون دولار، ونصبت تجهيزات كانت فريدة من نوعها في عالم النقل الجوي آنذاك. كما أمنت مساحة داخلية رحبة في الدرجات الثلاث: الأولى والأعمال والسياحية. واعتبر الخط بمثابة مغامرة تقدم عليها الناقلة الجوية، نظراً إلى غياب الروابط التقليدية بين السوق الاسترالية والسوق العربية، وإلى كون البعد في المسافة بين دبيواستراليا نحو 13 ساعة طيران مع التوقف ساعتين في مطار سنغافوره يعني تخصيص طائرتين لكل خط بين دبيواستراليا تحتاج الطائرة بموجب القانون إلى التوقف عشر ساعات على الأرض لاراحة الطاقم. إلا أن "مغامرة التوسع شرقاً باتجاه النصف الجنوبي للكرة الأرضية نجحت وأكدت النتائج سلامة الخطوة التي أقدمت عليها "طيران الامارات" لتنشيط العلاقات بين محطتها الرئيسية في دبي وبين استراليا، إذ ارتفع عدد الرحلات إلى ملبورن في صورة تدريجية لتصبح يومية، في حين تمكنت طيران الامارات من الحصول على حق النقل الى سيدني منذ عامين". وأضاف ليم: "سنبدأ في الثاني من آب أغسطس المقبل تسيير رحلاتنا إلى مدينة بيرث، وبعد ذلك سنعمد إلى زيادة عدد رحلاتنا الى سيدني لتصبح يومية، وعقب ذلك سنقوم بافتتاح رحلاتنا إلى مدينة بريسبين في تشرين الأول أكتوبر 2003". وأضاف: "عندما نسافر إلى مدينة بيرث سنكون بدون منازع أسرع ناقلة جوية من استراليا إلى أوروبا". وتابع يقول: "أنا واثق، استناداً إلى تجربتنا في سيدني وملبورن، أننا سنتوصل الى تسيير رحلات يومية على هذا الخط، اعتماداً على حركة السفر المنطلقة من استراليا نفسها". وعزا نجاح "الامارات" في التوسع في السوق الاسترالية إلى ثلاثة عوامل قال إنها تختصر المزايا التي تملكها في مواجهة منافسيها وهي:"العمر الفتي للأسطول وطائراته التي تقدم آخر ما توصلت اليه صناعة الطيران من عناصر سلامة وراحة، والمنتج الجيد الذي هو خدمة مستدامة ذات معايير جودة مرتفعة وثابتة، والدعم الترويجي والتسويقي"، مشيراً إلى أن "الامارات" تخصص للسوق الاسترالية موازنة كبيرة للترويج ودعم الأنشطة الاعلانية تبلغ ثلاثة ملايين دولار سنوياً "لا سيما في مجال الرياضة التي يحبها الاستراليون الذين يولون أهمية كبيرة لأبطالهم الرياضيين". وأضاف: "سمعتنا عززت موقعنا في السوق. ونحن نبني على نجاحاتنا السابقة لنحقق مزيداً من التقدم، وفي الوقت ذاته نسعى إلى تطوير سعتنا المقعدية وزيادة معدل رحلاتنا". وقال إن "طيران الامارات ستحصل في أيار مايو العام المقبل على طائرات "ايرباص 500-340" البعيدة المدى الأمر الذي سيغير قواعد اللعبة وسيتيح نقل المسافرين دفعة واحدة من دون توقف من دبي الى المقاصد الاسترالية". واعتبر أن هذا التطور التقني ستكون له انعكاسات تتمثل في اختصار مدة الرحلة بنحو ساعتين على الأقل، وفي تسهيل انتقال المسافرين. وقال: "ستصبح المطارات الوسيطة مثل سنغافورة وبانكوك غير مجدية ولا ضرورية. وسيكون أسهل على المسافرين الطيران من دون توقف الى وجهتهم". وكانت شركة "كوانتاس" الاسترالية وهي الشركة الوطنية الوحيدة التي كانت تحتكر في استراليا حق تسيير رحلات دولية إلى الخارج تسيّر نحو 20 رحلة باتجاه لندن متوقفة في مطار المنامة، كمحطة تزود بالوقود. إلا أن إدخال طائرات "بوينغ 747" بكثافة إلى أسطول "كوانتاس" عام 1989 حملها على إلغاء محطة المنامة وتسيير رحلات مباشرة إلى لندن، مع الاكتفاء بمحطة توقف واحدة في سنغافوره. وكانت السعة المقعدية للشركات العربية الأربع التي كانت تسيّر رحلاتها الى استراليا وهي "مصر للطيران" و"طيران الخليج" و"طيران الشرق الأوسط" و"الامارات" تبلغ عام 1996، وهو العام الذي بدأت فيه "الامارات" تسيير رحلاتها الى هذه السوق، 156 ألف مقعد سنوياً. إلا أن السعة التي ستبلغها "الامارات" في مدى عامين من الآن ستعادل وحدها ثلاثة أضعاف السعة المقعدية التي كانت تملكها الناقلات العربية في السوق الاسترالية لدى دخول "الامارات" اليها. وقال ليم إنه، وكبار المسؤولين في "الامارات"، اقترحوا على المسؤولين في "كوانتاس" الاستغناء عن التوقف في سنغافوره، وتحويل الرحلات المنطلقة إلى أوروبا إلى مطار دبي كمحطة توقف رئيسية، "على اعتبار أن هذه الخطوة ستكفل التحليق في خط مباشر إلى أوروبا، وتوفّر الوقت والوقود". ومن شأن هذا التحول لو حدث أن يعزز أيضاً موقع "الامارات" في السوق الاسترالية، نظراً إلى أن الاتفاقات حول حقوق النقل الجوي تقوم عادة بين الحكومات وترتبط، كما هو الأمر في استراليا، بالمنافع المتبادلة لشركات الطيران الوطنية في كلا البلدين. وتسمح السلطات الاسترالية للخطوط السنغافورية بتسيير ثلاث رحلات يومية من سيدني، واثنتين من ملبورن، ما يعني 35 رحلة أسبوعياً. والسبب في هذا العدد الضخم هو التسهيلات التي تحصل عليها الشركات الاسترالية في سنغافورة، إضافة إلى أن "السنغافورية" تطير إلى السوق الاسترالية منذ فترة طويلة. وقال ليم: "نحن بحاجة إلى رفع عدد رحلاتنا الى استراليا لأن معدل الحمولة لدينا هو 75 في المئة، وهو ما يعني - نظراً إلى عدم تساوي الاقبال على مدار السسنة - أن الشركة التي تسجل متوسط عامل حمولة مرتفعاً يتجاوز 70 في المئة لا بد لها وأن تعمد، أحياناً كثيرة، إلى الامتناع عن قبول مزيد من المسافرين". ويبلغ حجم السعة المقعدية المتاحة حالياً على خطوط "طيران الامارات" إلى استراليا 185 ألف مقعد سنوياً. وقال ليم إن الفئات الثلاث الرئيسية من المسافرين تتوزع بين "65 في المئة من المسافرين الذين يتوجهون الى أوروبا، وعشرة في المئة من المتجهين الى دبي، وعشرة في المئة من المتجهين إلى بقية دول الشرق الأوسط". وكشف أن أكثر من ثلث دخل الشركة من خطوط استراليا يأتي من فئة الأعمال والدرجة الأولى، وقال إن هذه النسبة لم تتغير على رغم ما شهدته شركات جوية ووجهات أخرى من ركود، منذ الحادي عشر من أيلول سبتمبر، وما رافقه من إحجام الشركات ورجال الأعمال عن ركوب الطائرة، لا سيما في رحلات بعيدة المدى كما هي الحال مع وجهة استراليا، وتفضيل استخدام الفيديو لعقد الاجتماعات واجراء الاتصالات. وتابع يقول: "أنا فخور أن فئة مسافري الأعمال لدينا تدر 35 في المئة من دخلنا، فيما الهدف الذي حددته الشركة لنا يبلغ 20 في المئة". وأعرب عن ثقته بأن خط بيرث الجديد سيتمكن من تجاوز عامل الحمولة البالغ 75 في المئة في مدى خمسة شهور من افتتاح الخط. وأشار في الوقت ذاته إلى أن رحلات سيدني وملبورن تجاوزت الشهر الجاري معدل الحمولة الذي كانت عليه في الشهر المقابل من العام الماضي. وتقدم "طيران الامارات" لمسافريها المتوجهين الى استراليا خدمة الانطلاق في رحلاتهم من نقطة ثانية مغايرة لنقطة الهبوط، كأن يهبط المسافر في ملبورن ويغادر من سيدني، أو العكس. ومن شأن افتتاح خطوط الى كل من بيرث وبريسبين أن يفرض مسافات شاسعة يتعين قطعها بين المدن الأربع في حال قرر المسافر تغيير نقطة الانطلاق. وتستغرق المسافة بالطائرة بين سيدني وملبورن قرابة ساعة ونصف ساعة. إلا أن المسافة بين ملبورن وبيرث تبلغ أربع ساعات، وكذلك الحال بين ملبورن وبريسبين، إذ تستغرق قرابة ساعتين ونصف ساعة. وقال ليم إن الأمر سيحتم تسديد بدل اضافي لمن يهبط في مستهل رحلته، على سبيل المثال، في بيرث ويقرر المغادرة من ملبورن، مشيراً إلى أن "الزيادة ستكون نسبية، ولن تضر بقدرة المسافر على تحديد نمط رحلته ومسارها بمرونة". ويبلغ عدد سكان بيرث 3،1 مليون نسمة، وكذلك الحال مع مدينة بريسبين. وتتميز الأخيرة بأنها قريبة من منطقة الساحل الذهبي، التي تعتبر أجمل المصايف والمناطق الشاطئية في استراليا. وشهدت هذه المنطقة في الأعوام الأخيرة "غزواً" منظماً للمواطنين الكويتيين والاماراتيين الذين اشتروا فيها عقارات ومساكن وقاموا باستثمارات متنوعة فيها. أما بيرث فتتميز بوجود أكبر عدد من البريطانيين المهاجرين ممن اختاروا التوطن فيها. ومن شأن افتتاح الخط الجديد أن يسجل اقبالاً غير مسبوق على أي رحلة متجهة إلى استراليا، نظراً إلى أن الرحلة ستكون الأسرع التي تربط استراليا بالقارة الأوروبية. وقال ليم إن وكالات السفر بدأت منذ الآن حجز مقاعد على هذا الخط، مشيراً إلى أن هناك طلباً كبيراً على الرحلات، بما في ذلك رحلة التدشين الرسمية الأولى في الثاني من آب. وأشار من ناحية ثانية إلى تحقيق خدمة الشحن الجوي معدلات نمو مرتفعة بين دبيواستراليا. وتنقل كل طائرة من طراز "بوينغ 777" قرابة 370 راكباً بتوزيع الدرجات الثلاث، بالاضافة إلى 20 طناً من الشحن الجوي. ونوه إلى أن السلع والبضائع التي تنقلها "طيران الامارات" بين استراليا والعالم الخارجي تتضمن اللحوم المبرّدة، والمثلجة، والفواكه، وقطع غيارالسيارات وسلعاً أخرى متنوعة.