تضمر عطلة العيد الطويلة في الكويت هذه السنة استعدادات لدى أعضاء في مجلس الأمة البرلمان لاستجواب عدد من الوزراء بعدها مباشرة. وإذا كان كل ما يتردد من معلومات في أروقة البرلمان صحيحاً، فإن ستة وزراء على الأقل هم على قائمة الاستجواب، وعلى رأسهم وزير المال الدكتور يوسف الإبراهيم. وكان خمسة نواب وجهوا سلسلة من الأسئلة إلى الإبراهيم خلال الشهور الأخيرة، معظمها يتعلق بالهيئة العامة للاستثمار، الجهة المسؤولة عن إدارة الاستثمارات الخارجية للدولة والتي تقدر بستين بليون دولار، ما يجعلها أكثر مؤسسات الكويت الاقتصادية حساسية وموضعاً لاهتمام البرلمان ومراقبته. ويتوقع أن ينتهي هذا الزخم من الأسئلة إلى استجواب قوي يقوده نائبان هما مسلم البراك ممثلاً ل"التكتل الشعبي" والدكتور ناصر الصانع ممثلاً ل"التكتل الإسلامي". ويضم التكتلان نصف أعضاء البرلمان المنتخبين، ما يجعل مصير الإبراهيم محسوماً إذا تطور الاستجواب إلى تصويت على الثقة. وتركز انتقادات النواب على الإبراهيم في موضوع تعيين القياديين وأعضاء مجالس الإدارات التابعة للهيئة العامة للاستثمار، كذلك هناك شبهات حول عدد من الملفات الاستثمارية والمشاريع. وسيتحمل الإبراهيم، وهو ليبرالي التوجه، أيضاً كل الانتقادات الموجهة إلى مؤسسات خدمات مثل "المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية"، التي يشهد البرلمان خلافاً واسعاً على تعديلات مقترحة في قانونها. والوزير الآخر المعرض للاستجواب هو وزير التربية الدكتور مساعد الهارون، والذي على رغم علاقاته الحسنة مع الإسلاميين، قد يتعرض للاستجواب منهم، على خلفية قانون أصدره المجلس بضغط من الإسلاميين والمحافظين عام 1996 قضى بفصل الطلاب عن الطالبات في مقاعد الدراسة في جامعة الكويت. وانتهت المهلة التي منحها القانون لوزارة التربية لتنفيذه، ومدتها خمس سنوات، من دون أن تكمل الجامعة أبسط الاستعدادات لذلك، والسبب أن وزراء التربية السابقين تجاهلوا ذلك، وتصادف انتهاء المهلة مع حمل الهارون حقيبة التربية، ما يجعل استجوابه الطريق الوحيد أمام النواب لمحاسبة الحكومة على ذلك. وكان النائب الشيعي الدكتور حسن جوهر أعلن نيته استجواب الهارون بسبب عدم تنفيذ القانون، وتجاوزات يرى أنها حصلت في الجامعة ووزارة التربية. ودار لغط واسع أخيراً حول ثلاثة وزراء، جميعهم نواب منتخبون، وهم وزير الأشغال فهد الميع، ووزير الكهرباء والاسكان طلال العيار، ووزير التجارة صلاح خورشيد، بسبب ما اعتبره نواب أنهم "يديرون الوزارة لاغراض انتخابية"، أي أن قرارات التعيين والترقيات وترسية العقود تتخذ لمصلحة ناخبين في الدوائر الانتخابية التي ينتمون إليها. وعلى رغم جدية هذه الاتهامات يستبعد تصور استجواب لأحدهم ينتهي بسحب الثقة منه، لأن التعاطف من زملائهم النواب سيكون كبيراً. لكن استجوابهم متوقع - وربما بتحريض خفي من أقطاب في الحكومة - في إطار إصلاح الحكومة لنفسها بمبادرة من خارجها. وقد يمتد مسلسل الاستجوابات ليشمل وزراء تكنوقراط مثل الدكتور محمد الجارالله وزير الصحة. فهناك استياء عام في الكويت من أوضاع الخدمات الصحية، خصوصاً مع طرح الحكومة أفكاراً واقتراحات لفرض رسوم على تلك الخدمات ضمن قانون "الضمان الصحي"، ليشمل المواطنين الكويتيين بعدما شمل الوافدين. وقد يكون استجواب الجارالله أداة برلمانية لإجبار الحكومة على طي هذه الأفكار، بل وتخصيص مزيد من الأموال للخدمات الصحية. ومما سيشجع النواب على المضي في مسلسل الاستجواب، وجود حال من الجمود في القرار الحكومي، في ظل التشكيل الاستثنائي لمجلس الوزراء الذي يرأسه رسمياً ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح، ولكن يقوده عملياً نائبه الشيخ صباح الأحمد، وهو الجمود الذي رافق أزمة استقالة وزير النفط الدكتور عادل الصبيح وعطّل حتى الآن قرار تعيين بديل منه.