قبل أسابيع، نشرت "الحياة" مقابلة مع البروفسور اللبناني جورج بحر، حذر فيها من عودة الامراض الفيروسية الى تصدر قائمة الامراض خلال القرن 21. واستغرب بحر حال الاحساس بالأمان تجاه تلك الامراض، وخصوصاً الايدز وجنون البقر. ولم يتردد في وصف هذا الأمان بأنه "زائف تماماً". وقدم ارقاماً واحصاءات دعمت ذلك الرأي. وفي الاسبوع الماضي، وجدت هواجس بحر ما يبررها مجدداً. فقد أعلنت ايطاليا عن اكتشاف اول اصابة بمرض "جنون البقر"، والمصابة من سكان جزيرة صقلية في الخامسة والعشرين من العمر. وأثار الاعلان ذعراً هائلاً، اذ ان الاصابات البشرية بهذا المرض كانت شبه محصورة في بريطانيا، التي انطلق منها جنون البقر في الاصل. والمعلوم ان هنالك مئة اصابة بشرية في اوروبا، وتضم المملكة المتحدة الغالبية الساحقة منها. وما اثار الجزع في ايطاليا، اكتشاف 53 اصابة في الابقار خلال العام المنصرم، وذلك بفضل تشدد أجهزة الاتحاد الاوروبي في ارغام الحكومة الايطالية على تطبيق فحوص مرض البقر. وادى ذلك الامر الى ضعف ثقة الجمهور باداء اجهزة الصحة في ايطاليا. ولا يخلو الامر من عوامل كثيرة اخرى، مثل السياسة وغيرها. والمعلوم ان الاصابات الاولى بالمرض ظهرت في بريطانيا في عهد حكومة جون مايجور المحافظة. واظهرت الابحاث ان جذور الوباء ارسيت ابان حكم السيدة تاتشر التي اتبعت سياسة يمينية. وادى انفلات عقلية الربح الرأسمالي في ايام حكومة "السيدة الحديدية" الى ظهور العلف العضوي الملوث. فلزيادة الربح، عمد المستثمرون الى خلط الاعلاف الطبيعية مع بقايا الابقار النافقة وعظامها.