يصدر الخميس في باريس كتاب "السر" لعميل الاستخبارات المغربية السابق أحمد البخاري عن دار النشر "لافون". ويعرض البخاري في الكتاب تفاصيل اختطاف المعارض المهدي بن بركة واغتياله في تشرين الأول اكتوبر 1969. ويتضمن الكتاب الأول من نوعه لعميل في جهاز الاستخبارات المغربي معلومات بالأسماء والاماكن والتحركات في فترة الاحتقان السياسي في البلاد في مطلع سنوات الاستقلال في منتصف الخمسينات، ودوافع تصفية معارضي النظام وتورط شخصيات عسكرية ومدنية في تلك العمليات. لكن البخاري يؤكد انه تعرض لضغوط حالت دون تقديم تفاصيل اضافية في الكتاب، وعرض دور جهاز "الكاب واحد" في الحياة السياسية في البلاد، وذكر اسماء عملاء متورطين في قضية المهدي بن بركة الذي يقول ان جثته أذيبت في حمض الأسيد في معتقل سري في الرباط اسمه "دار المقري"، بعد نقله من باريس على متن طائرة عسكرية اثر حقن المعارض المغتال بمخدر قوي المفعول ما أدى الى وفاته في مرآب فيلا أحد العملاء الفرنسيين في ضواحي باريس. ويؤكد في غضون ذلك تورط الجنرالين الراحلين محمد أوفقير وأحمد الدليمي في الحادث. بيد ان افادات البخاري التي أثارت ضجة سياسية في البلاد ينظر اليها في بعض الأوساط بكثير من الارتياب، خصوصاً انه عرض أسماء عملاء استخبارات سابقين، قال ان الموت غيبهم، لكنهم على قيد الحياة، كما في حال السيد حسين جميل رئيس الاستخبارات المدنية السابق. ويتناول الكتاب محاولة اغتيال الملك الراحل الحسن الثاني حين كان ولياً للعهد في مطلع العام 1960 عندما دبر بنحمو الفواخري خطة لاغتياله. الا ان جهاز الاستخبارات وقتذاك نفذ سيناريو بديلاً من خلال اخفاء أشرطة سجلت عليها انتقادات الفواخري لنظام الملك الحسن الثاني وشخصه، اضافة الى وضع أسلحة في مزرعة يملكها المتهم بهدف اثبات تورطه واعتقاله. غير ان الملك الراحل الحسن الثاني تعرض للحادث في مذكراته "ذاكرة ملك" الصادرة في مطلع التسعينات، وأوضح ان تداعيات القضية تعود الى العام 1956 بسبب خلافات مع المعارض المهدي بن بركة في شأن ادماج جيش التحرير الذي كان يحارب الاستعمار الفرنسي في الجيش النظامي للمملكة. وتعرض الحسن الثاني وقتذاك الى محاولة اغتيال نظمها المدعو حجاج الذي تورط في مقتل المقاوم عباس المهدي احد القادة البارزين لجيش التحرير. واعترف حسب افادات العاهل الراحل بأنه كان يعتزم اغتيال ولي العهد بطلب من المهدي بن بركة. ويقول البخاري في أحد فصول كتابه في شأن القضية ان المقاوم المسعدي قتل على أيدي عملاء لمدير الأمن الوطني وقتذاك محمد الغزاوي، في حين يتردد ان المهدي بن بركة كان له دور في القضية. ويعزو البخاري ذلك الى ان مهمة الغزاوي كانت تطاول معاودة تنظيم جهاز الأمن المغربي وتجريد جيش التحرير من السلاح، ما أدى، حسب افادات البخاري، الى مقتل نحو 800 مقاوم في ظروف غامضة. ووصف تلك الفترة بأنها كانت سوداء في تاريخ البلاد، لكن البخاري يربط محاولات اغتيال بن بركة بتفاعل مع الصراع السياسي. وتطرق الى أربع محاولات لاغتيال المعارض بن بركة في سنوات 1957 و1962 و1963 و1965، قبل خطفه من باريس، ويعترف بأن جهاز "الكاب واحد" نظم عملية التحذير لبن بركة واقتياده من الجزائر حيث كان يقيم الى المغرب، لكنها باءت بالفشل، كما يضيف الى تفاصيل إفاداته السابقة اسماء اعلاميين وشخصيات سياسية ونقابية جندتها الاستخبارات المغربية ضد معارضي النظام.