اتهم رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي مصالح في الاستخبارات بمحاولات اتلاف خيوط الحقيقة في قضية اعتقال المعارض المهدي بن بركة في 1965. وقال في اجتماع اللجنة الادارية للاتحاد الاشتراكي في الرباط اول من امس "القضية ليست موضوعاً صحافياً يمكن الاتجار فيه، واستخدامه عن وعي او عن غير وعي لاتلاف خط الحقيقة او تعويمها في المناورات التي تحركها مصالح الاستخبارات التابعة لهذا الطرف او ذاك". واضاف: "انها قضية بن بركة اجرام سياسي لدول عدة ضلعت فيه بطريقة مباشرة او غير مباشرة". وكرر اليوسفي ان حزبه قدم شكوى في الرباط من اجل فتح تحقيق في الموضوع، في اشارة الى بيان للحزب صدر عقب افادات عميل الاستخبارات المغربي السابق احمد البخاري الذي اتهم عناصر في "الكاب" بالتورط في اختطاف بن بركة واغتياله في باريس. وقال اليوسفي الذي خرج عن صمته للمرة الاولى منذ ظهور معطيات جديدة في الملف ان "ملف اختطاف المهدي بن بركة واغتياله لا يمكن ان يطبّق عليه اي تقادم. ولا يمكن ان يخضع للطي" معتبراً "انه امر سياسي ان تتبين المسؤوليات بما فيها مسؤولية الدولة المغربية لانه يهم المغاربة ويهم شعوباً ويهم الشرعية الدولية". وابدى استغرابه "ان نسمع اتهامات واضحة لاشخاص واجهزة من دون ان نلفت نظر القضاء ليحقق في الامر". وخلص اليوسفي الى ان ذلك "اضعف الايمان" في دعوة لوزارة العدل الى فتح تحقيق في الموضوع. لكن المراقبين لاحظوا ان اليوسفي باعتباره رئيس للوزراء في امكانه ان يطلب من وزير العدل عمر عزيمان تحريك ملف المتابعة. وترد قيادة الاتحاد الاشتراكي بأنها لا تريد ان يحصل خلط بين "دوره السياسي للحزب ومسؤولياته الحكومية كي لا يقال انه يستخدم مركزه الحكومي في هذا المجال". الى ذلك اكد اليوسفي في مقابلة تلفزيونية بثت ليل السبت الاحد انه لم يبحث في قضية المهدي رسمياً مع العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني، لكنه جدد رغبته في الوصول الى الحقيقة وجاء كلام اليوسفي لجهة الاشارة الى تورط جهات اجنبية بمثابة ايضاحات جديدة لتكييف مسار التحقيق في القضية التي دخلت عامها السادس والثلاثين. وان كان لافتاً ان التحقيق الامني مع العميل البخاري ركز فقط على افادات في شأن احداث يوم 29 تشرين الاول اكتوبر 1965 في باريس، اي يوم خطف بن بركة، والاتهامات التي وجهها لعملاء "الكاب" خصوصاً محمد العشعاشي وعبدالقادر صاكا ومحمد المنساوي، حول الضلوع في التخطيط للخطف وتنفيذه وكان البخاري اكد على ان العشعاشي رئيس جهاز الاستخبارات "الكاب"، هو الذي خطط للعملية منذ آذار مارس 1965، بعد فشل خطة سابقة لخطف بن بركة في الجزائر، وكشف ان عشرات الاشخاص العاملين في الجهاز شاركوا في العملية، ان من خلال التنصت على مكالماته وفتح رسائله او تجنيد عملاء اجانب للمشاركة في الخطف وذلك تحت اشراف الجنرال محمد اوفقير ومساعده حينذاك العقيد احمد الدليمي اللذين انتقلا مع آخرين الى باريس يوم الخطف عبر طائرة عسكرية وعادوا الى المغرب في اليوم نفسه، قبل ان يسافروا في اليوم التالي الى باريس. الى ذلك لاحظت مصادر سياسية ان اجتماع اللجنة الادارية للاتحاد الاشتراكي تأخر انعقاده لفترة اسبوعين، وكانت عزت ذلك الى التصدع الذي وقع في الحزب اثر المؤتمر السادس، بعد انسحاب منشقين بارزين، في مقدمهم الزعيم النقابي نوبير الاموي. الا ان هناك من يذهب الى ان ارجاء الاجتماع كان بسبب تداعيات قضية بن بركة. خصوصاً ان محامي اسرة بن بركة في باريس اتهم الاستخبارات المغربية بتكييف افادات البخاري.