تسعى المملكة العربية السعودية الى تبني مفهوم "الحكومة الالكترونية" خلال السنوات الخمس المقبلة. ويعتبر هذا المفهوم من اهم المستجدات في العلاقة بين العلم والسياسة، وتحديداً بين تكنولوجيا الكومبيوتر والدولة. ويتوافق هذا السعي مع ما يحصل من تحديث في النظم السياسية واداءها في العالم اجمع. وفي أبسط قول، تمكن الحكومة الالكترونية القطاعات الحكومية المختلفة من التفاعل المباشر مع افراد المجتمع عبر شبكة الانترنت، ما يسرع الاداء الحكومي ويزيد من فاعليته. ويجري العمل حالياً على تحويل 12 وزارة صوب الحكومة الالكترونية، وبدأ بعضها اجراء بعض عملياته باستخدام الانترنت، مثل وزارة الحج ووزارةالمال والاقتصاد الوطني. ونُظمت الكثير من الندوات عن هذا الامر، ربما كان آخرها الندوة التي نظمها معهد الادارة العامة في الرياض الاسبوع الماضي بالتعاون مع البنك الدولي. يلخص الدكتور بسام الحمادي عضو هيئة التدريس في معهد الادارة العامة، مفهوم الحكومة الالكترونية ب"تبادل المعلومات بين الادارات الرسمية، وتقديم الخدمات الرسمية الى المواطن عبر شبكة الانترنت، مع ضمان سرية المعلومات المتناقلة وأمنها" . ويرى في الامر فوائد جمة مثل الدقة وسرعة انجازالخدمات والمعاملات الحكومية ، والغاء الواسطة والمحسوبية ، وخفض الانفاق الحكومي، وتعامل المواطن مع الحكومة بشفافية. تحديات الامن المعلوماتي ويتوقع الحمادي ان تتعرض الحكومة الالكترونية الى بعض التعديات والتجاوزات، ف "لابد من وضع سياسات امنية لتقنيات المعلومات، وكذلك صوغ قوانين العقوبات المتعلقة بالتعديات والمخالفات الامنية ، واستخدام البطاقة الذكية للمواطن". ويقول انه بعد تطبيق هذه المفاهيم يصبح لدينا دولة الكترونية ومواطن الكتروني، مضيفاً "ان الدولة التي لا تنتمي الى المنظومة التقنية العالمية ستخسر كثيراً اقتصادياً وعسكرياً نتيجة انعزالها". من جهته، يرى الدكتور محمد بن إبراهيم السويل، نائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث، ان المتطلبات الأساسية للحكومة الإلكترونية تتمثل في البنية التحتية للاتصالات والأنظمة والتشريعات ونظم المدفوعات الالكترونية. ويضرب أمثلة على تطبيقات الحكومة الالكترونية، مثل تقديم الطلبات واستخراج رخص قيادة السيارة وجوازات السفر، وتسجيل العقارات وبطاقات الاحوال المدنية ، والدخول إلى مصادر المعلومات الحكومية وغيرها. وفي المقابل، يلخص المعوقات في الخوف من التغيير، وتداخل المسؤوليات وضعف التنسيق بين الوزارات، وكذلك محدودية انتشاروسائل تقنية الكومبيوتر والشبكات بين الجمهور، وما الى ذلك. ويؤكد ان الانتقال من المعاملات اليدوية إلى الالكترونية لا يعني العودة إلى الصفر ونبذ كامل النظم اليدوية، وكذلك لا يعني فقدان سرية المعاملات بل ربما عززها بالوسائل الالكترونية الحديثة. سرعة نمو السوق السعودي ويشدد الدكتور فواز عبدالستار العلمي وكيل وزارة التجارة السعودية للشؤون الفنية ورئيس اللجنة الدائمة للتجارة الالكترونية، على ان السعودية حققت اكبر معدلات النمو في العالم في استخدام الانترنت. فقد بلغت نسبة الزيادة العام 2001 نحو 102 في المئة بالمقارنة مع العام 2000، كما تعد رابع دولة في نمو الحاسب الآلي بنسبة 32 في المئة سنوياً. على ان السوق السعودي يستحوذ على 40 في المئة من حجم اسواق تقنية المعلومات والاتصالات في المنطقة. ومن المتوقع ان يتضاعف عدد مستخدمي الانترنت على مدى الاعوام الثلاثة المقبلة ليصل الى 21 في المئة من عدد السكان. وبلغت واردات السعودية من تقينة المعلومات نحو بليون دولار العام الماضي، ما يعطي دليلاً على سرعة انتشارالوسائط الالكترونية. وقال إن الاطار العام لخطة عمل اللجنة يتضمن إنشاء البنية التحيتة الوطنية للمفاتيح العمومية، اي الرموز التي تستخدم على الانترنت للإشارة الى الفئة التي ينتمي اليها الموقع. كما يتضمن تطوير نظم المدفوعات اللازمة لتحصيل المدفوعات بأمان من خلال الوسائل الإلكترونية. وكذلك يتضمن تطوير البنية التحتية للاتصالات لدعم تقنيات التجارة الإلكترونية وتوفير خدمات نقل البيانات. والهدف هو توفير اتصالات تقدر على استيعاب النمو المستمر في حركة تبادل البيانات، وتيسر الحصول على خدمات الإنترنت، وبأسعار مناسبة. كما تتضمن الخطة ضمان أمن نظم المعلومات وحمايتها، وحماية خصوصية البيانات الشخصية. وقال العلمي انه "لا يوجد وقت محدد لدينا لتطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية في جميع الدوائر الحكومية، وقد شرعنا في تطبيقه فوراً. وقد بدأت بعض الوزارات والجهات الحكومية بالتعامل مع متطلبات الحكومة الالكترونية ومنها وزارة الحج في باب العمرة، وجزء من نظام القبول والتسجيل في جامعة الملك سعود، وامانة مدينة الرياض في ما يختص بمنح المواطنين ووزارة المال والاقتصاد الوطني. وتبذل حالياً جهود كبيرة لإدخال الحكومة الالكترونية في المشتريات الحكومية". يقول نائب وزيرالمال والاقتصاد الوطني الدكتور جبارة الصريصري ان الخطوة المقبلة هي تسديد جميع المبالغ المستحقة على الوزارة الكترونياً "بعد ان قمنا من طريق مؤسسة النقد بدفع الرواتب الحكومية الكترونياً".