قررت انقرةودمشق اتخاذ خطوة أبعد لتعزيز التطبيع بين الشعبين السوري والتركي عبر السماح لاهالي القرى الحدودية بتبادل الزيارات المنزلية خلال عيد الاضحى المبارك المقبل استجابة ل"توجيهات سياسية عليا". وكان اهالي القرى الحدودية فاجأوا حكومتيهما بمدى الود القائم بينهم خلال لقائهم عند بوابات حدودية فتحت في خمسة معابر حدودية حلب، ادلب، عين الدفلة، تشرين، الحسكة خلال عيد الفطر السعيد بهدف السماح للاقارب على جانبي الحدود بتبادل التهاني في اجواء احتفالية رسمية وشعبية حضرها المسؤولون المحليون وآلاف الاقارب في الطرفين. وقال والي انطاكيا التركية زكي شنل في لقاء صحافي عقده مع محافظ ادلب حسين علي الهدار ان السلطات في البلدين "ستعمل على ان يكون اللقاء الأسري بين العائلات التركية والسورية خلال العيد المقبل في المنازل بهدف تعزيز الاواصر الاسرية بين الجانبين"، فيما اشار الهدار الى ان ذلك يهدف الى "تعزيز اواصر الصداقة والعلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تنفيذا لتوجيهات قيادتي البلدين". وكان آلاف المواطنين السوريين غادروا الى منطقة "عين الدفلة" التركية لزيارة اقاربهم في الجانب التركي مدة يومين، علماً ان اللقاءات السابقة جرت في منطقة "باب الهوى" السورية. وعبر في منطقة الحسكة شمال شرق البلاد 1459 تركيا في اجواء احتفالية تضمنت رقصات شعبية وفولكلورية. كما عبر 2751 شخصاً الى سورية عبر بوابة "رأس العين" شمال البلاد. وكما في العيد السابق، فإن عدد الزائرين فاق التوقع بعدما أتى أبناء الجيل الثالث للتعارف على اقاربهم في الطرف الآخر، اذ جاء خمسة آلاف الى "باب الهوى" بدلاً من الف شخص. ويبلغ طول الحدود نحو 800 كيلومتر رسمت بعد انهيار الامبراطورية العثمانية في العام 1916 لتكون الحدود الشمالية بين تركيا والعالم العربي. ومرت عمليات تبادل المعايدات في ثلاث مراحل، اذ انها كانت ممنوعة نهائيا أثناء التوتر بين الطرفين قبل سنوات الى حد ان انقرة كانت "تعايد" السوريين بقطع مياه نهر الفرات عنهم على رغم التزامها رسمياً وجوب تصريف ما يزيد عن 500 متر مكعب في الثانية بموجب اتفاق سوري - تركي وقع العام 1987، بالتزامن مع اتهامات تركية لسورية بإيوائها زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبدالله اوجلان. وطرأ تحسن بسيط لدى سماح السلطات الرسمية للعائلات بتبادل التهاني من وراء الاسلاك الشائكة. لكن توقيع اتفاق أضنا الامني بين دمشقوانقرة العام 1998وخروج اوجلان من سورية أديا الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الطرفين والانتقال من مرحلة الشكوك المشتركة الى تعزيز الثقة المتبادلة وتطوير التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري. وتمت ترجمة ذلك عملياً بالسماح للاقارب بعبور الحدود للقاء في مناطق محددة ومحروسة، على ان يتم السماح لهم بعد نحو شهرين بالدخول الى المنازل خلال فترة الإذن المسموحة من السلطات المحلية. وبعدما كانت السلطات المركزية في البلدين تشك في اي قريبين يلتقيا بعد حصولهما على تأشيرات دخول رسمية بسبب عدم وجود اي ثقة بينهما، اخذت تشجعهما على اللقاء ومن دون تأشيرات وموافقات امنية. وكان البلدان وقعا في السنوات الاربع الاخيرة اتفاقات متعددة في المجالات الاقتصادية والثقافية والامنية، واتفاقاً عسكرياً لتبادل التدريب والخبرات وحضور مناورات عسكرية. كما ان قيمة التبادل التجاري ارتفعت الى اكثر من بليون دولار سنوياً. وكان متوقعاً ان يزور رئيس الوزراء السوري محمد مصطفى ميرو أنقرة في ايلول سبتمبر الماضي للتمهيد لزيارة الرئيس بشار الاسد رداً على مشاركة الرئيس احمد نجدت سيزر في تشييع الرئيس الراحل حافظ الاسد في حزيران يونيو عام 2000. لكن مرض رئيس الوزراء التركي السابق بولند اجاويد والانتخابات البرلمانية أديا الى تأجيل الزيارة الى موعد تحدده اتصالات ديبلوماسية.