ان عيد الفطر لعيد وحدتنا. فماذا علّمتنا الحياة، وماذا لقننا التاريخ - الذي طالبنا غير مرة بتوحيد كتابته - من عظات بليغات، تقينا شرَّ العثرات؟ ولطالما تعثرنا ونهضنا. وتصدّعنا وترممنا. ثم عصفت بنا رياح جامحات طاغيات، فسقطنا أشلاء متناثرين، سقطنا مغلوبين غير مستسلمين. وعانينا ما يعانيه الغافلون المتخاذلون. وماذا يقول العيد، بل التاريخ والتجارب الانسايية والوطنية، بل الحياة والواقعية، وكذلك الانتفاضات الموسمية؟ ماذا يقول التاريخ ومنطق الحياة والقوة؟ لا حياة بلا قوة، ولا قوة بلا وحدة، ولا وحدة بلا نضال، ولا نضال بلا حبّ، ولا حبّ بلا أيمان، ولا ايمان بلا انسانية شامخة، ومُثُل وطنية راسخة، وشعارات في الحياة باذخة. بالإيمان والوحدة والحب، انطلق العرب وتخطّوا الجزيرة العربية الى العالم الكبير الذي استقبلهم، وميزان العدالة في اليمين، منقذين، وهداة مصلحين. فنشروا رسالتهم الخالدة، وكانت معاركهم في البطولات البيضاء، أجلّ وأخلد منها في البطولات الحمراء. وعندما تخاذلوا وانشق بعضهم عن بعض، وتسعرت المواجد والأحقاد في الصدور، انهارت دولتهم السياسية، وتداعت قواهم المادية والمعنوية. أما دولتهم الفكرية، أما تراث الكلمة النورانية، فلم تقوَ عليهما غطرسة سلطان، ولا معول سكران، ولا جنون زمان رغم ما بان. انهما خالدان خلود الفكر والعرفان بيروت - د جهاد نعمان