خيط رفيع يفصل عادة بين الحوار الديناميكي الساخن الذي يتمكن فيه مقدم البرنامج من انتزاع الجديد والمختلف من ضيفه، وبين الحوار الذي ينحدر الى سقطات الاثارة المفتعلة التي قد لا تليق بشاشة عريقة ومقدم محترف لبرامج المنوعات... خيط قطعه برنامج "ساعة بقرب الحبيب" الذي تعرضه شاشة "اللبنانية للارسال" ويقدمه الزميل طوني خليفة. في نهاية الحلقة الماضية، سأل خليفة ضيفته المغنيّة أليسا عن مشاعرها في تلك الدقائق التي تشبك فيها ساقاً نصف عارية فوق اخرى على كرسي "لا يملأه عادة سوى كبار النجوم"!. سؤال يصح وصفه، على أبسط تقدير، بالاستفزازي. هل قصد المذيع "تمنين" ضيفته باستقدامها للجلوس على الكرسي "العريق"؟ هل اراد التلميح الى انه ندم على فعلته؟ ربما لا، ولا احد يهوى افتراض السيئ في النيات، لكن اجابة المغنية "المثيرة" دوماً للجدل تخطت في درجة الذكاء التي ميّزتها "ذكاء" السؤال ذاته و"لباقته". لم تتحرّج. ولم تناور في قواميس ديبلوماسية كلام غالبية الفنانين التي باتت تشبه، في لا جدواها، لغة خشبية تسيطر على خطابات رجال السياسة "ونسائها" في بلاد العرب. ردت أليسا على سؤال مستضيفها. اراحته. قالت تقريباً انها "لا شيء" مقارنة بمن سبق واستضافهم البرنامج، ان رغب احدهم بالمقارنة. قالت أيضاً في سياق الحوار انها "مغنية متواضعة الحال" في حسابات المقدرات الصوتية التي لمطربة كأصالة، اذا ما اصر هذا "الأحدهم" على اجراء المقارنات. لم تمانع حتى في اداء مقطع مؤثر من الاغنية الجميلة "مبقاش انا". قالت انها تحب هذه الاغنية وانها ما كانت لتهملها لو عرضت عليها قبل المطربة السورية. كشفت انها رفضت فكرة الدويتو مع عمرو دياب. لكنها تحب عمرو. لم تجد ضيراً في الاعلان انها، وكما الكثير من "مخاليق" الله "العاديين"، تفتح خطاً هاتفياً ساخناً للثرثرة منذ الصباح مع صديقتها. وأنها تفضّل صراحة ساعة من الماس على "ساعة بقرب الحبيب"، وهي لا تشاهد هيفا في الصباح لسوء الحظ؟. وأنها بشر عادي، تحركها الرغبات ويتحكم بها المزاج ولها شطحاتها التي لا تردعها عن "ارتداء" ملاءة سرير، ان ارادت ذلك يوماً. وحين يلمّح خليفة الى ان خيار "الشرشف" هو الذي امّن لها ميدالية فضية في "استوديو الفن"، لن تخاف أليسا من التشكيك بأهمية جوائز هذا البرنامج ومؤشراته التقويمية، بينما سيمون اسمر في غرفته الصغيرة يترقب ربما على مسافة امتار منها. هل كان عليها في تلك الحال ان تجامل؟ لم تفعل. السؤال الآن: كيف بامكان مقدم برنامج حواري ان يتصرف في العادة ازاء ضيف جريء لا يتورع عن الرد على اي سؤال قد يعتقد المقدم انه "ضرب به على الوتر". في العامية اللبنانية كلمة معبرة قد تصح للاجابة: في تلك الحال لن يفعل المذيع غير ان... "ينفنس". هكذا ظهر خليفة مبهوراً طوال الحلقة "لا... ما رح نقدر نطلع معك راس براس". لا لم يكن مبهوراً، لعله كان مستفزاً "انت شو اللي زاعجك هلق؟" تقول له اكثر من مرة. ربما كان تائهاً ازاء المغنية التي ردت ببراءة قاربت احياناً حد "السذاجة" بمعنى الطيبة على "هوسه" بمعرفة دقائق التفاصيل في حياة ضيوفه، ففوتت عليه افتعال جو الاثارة المبتغى فيما لو كانت تمنعت فسأل، تغنجت فألح، رفضت فاعترض... ربما كان خليفة يتأرجح بين كل تلك الامكنة. اما حين تقدم ليطبع قبلة عنيدة على وجنة ضيفته العتيدة، وحين صرّح عن رغبته بأن يرقص معها التانغو "فيدعس على قدمها ويكون لصيقاً بها"، وحين كان يرتبك ازاء كلمات الغزل التي كانت تفاجئه بها... حين فعل كل ذلك، من المؤكد انه كان... في مكان آخر!