دشّن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والعاهل المغربي الملك محمد السادس امس ساحة محمد الخامس في باريس خلال احتفال رسمي طغت عليه زغاريد وهتافات مجموعة من افراد الجالية المغربية الذين تجمعوا عفوياً قرب المكان. وقد لا تكون الساحة التي أُطلق عليها اسم محمد الخامس اجمل ساحات باريس، لكن موقعها، عند اسفل معهد العالم العربي على مقربة من جامع باريس وكنيسة "نوتردام" تجعلها من اكثرها رمزية. ورافق الرئيس الفرنسي خلال الاحتفال الذي حضره العديد من الوزراء والوزراء السابقين والسلك الديبلوماسي العربي، زوجته برناديت، وتبعه الى الوصول محمد السادس الذي رافقته هتافات الجالية المغربية "يعيش الملك". وبعد ازالة الستار عن اللوحة التي تحمل اسم محمد الخامس وعزف النشيدين الوطنيين المغربي والفرنسي، ألقى شيراك كلمة عرض فيها سيرة محمد الخامس والعلاقة الجدلية التي قامت بينه وبين فرنسا، والتطوير المتبادل الذي قام بينه وبين الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال شارل ديغول، الذي اعتبره من "رفاق التحرير" بعد الحرب العالمية الثانية وخصه دون سواه من زعماء الدول بدعوة الى باريس المحررة. وقال شيراك ان الارث الذي خلفه محمد الخامس اتاح للمغرب الالتزام بخيار الديموقراطية وتعزيز الحيز الاجتماعي في اطار نشاطه الاقتصادي، وان الانتخابات التي اجريت في ايلول سبتمبر الماضي والبرنامج الذي تعمل على تطبيقه حالياً الحكومة المغربية باشراف محمد السادس تشكل تعبيراً بارزاً عن هذا الميراث. واكد ان فرنسا ستبقى الى جانب المغرب لتعزيز هذا العمل المبني على القيم المشتركة وان اللقاءات العديدة المبرمجة بين البلدين في سنة 2003 ستسمح برسم اطار جديد للعلاقات المشتركة. وذكر ان الزيارة التي يعتزم القيام بها الى المغرب في السنة المقبلة تشكل امتداداً ملموساً للتوجه الذي يحكم العلاقات الودية والاخوية القائمة بين البلدين. وعبّر شيراك عن أمله بأن تساعد ساحة محمد الخامس الجيل الجديد على الادراك بأن الفروقات الثقافية ينبغي الا تكون مصدراً للخلافات وانما للتفاهم المتبادل بعيداً عن المواجهات الدينية والاثنية. وعرض محمد السادس في كلمته الطبيعة المميزة للعلاقات الفرنسية المغربية وقال انها تعكس تقارباً فكرياً وانسانياً على رغم المخاوف القديمة التي تنبثق من هنا وهناك في العالم وتحض على التقوقع. واستعرض بدوره تاريخ محمد الخامس وعلاقته مع فرنسا وايضاً العلاقات الوثيقة معها التي قامت في عهد والده الراحل الحسن الثاني، ورأى ان تدشين الساحة التي تحمل اسم جده يعد وفاء لواجب الذاكرة. والقى رئيس بلدية باريس برتران دولانويه كلمة اشار فيها الى ان البلدية وافقت على اعادة تأهيل الساحة واطلاق اسم محمد الخامس عليها بناء لاقتراح قدمه الرئيس الراحل لمعهد العالم العربي كميل كابانا. ووصف محمد الخامس بأنه منفتح وقوي القناعات وملتزم بقيم الكرامة والشجاعة في المحن، مشيراً الى ان رفضه تطبيق قوانين حكومة فيشي المناهضة لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.