وقع اليمن والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي خلال سنة 2002 اتفاقية اطارية تنظم عملية الانضمام الجزئي لليمن الى أربع مؤسسات خليجية، ما يمثل ترجمة لقمة مسقط مطلع السنة، وفي سياق التهيئة للانضمام الكلي لليمن في الوقت المناسب. وأثارت قضية انضمام اليمن جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والرسمية اليمنية التي حشدت قوتها لاظهار أهمية اليمن اقتصادياً وتجارياً لدول مجلس التعاون. رأى أكاديميون يمنيون أن انضمام اليمن الى مجلس التعاون الخليجي سيكون فرصة كبيرة للتكامل وتعزيز الشراكة مؤكدين أن اليمن يضم فرصاً غير عادية للاستثمار ومكملة من أجل البناء الاقتصادي الخليجي. وفي الاطار نفسه رأى محللون اقتصاديون أن اليمن يفترض الا يكون طرفاً سلبياً أو مجرد متلق للمساعدات بحكم المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها. وهم يؤكدون أن انضمامه الي مجلس التعاون وعلى رغم انخفاض مستوى دخل الفرد فيه ومعدلات البطالة المرتفعة، سيوفر عناصر التكامل الحقيقية لأنه يملك تجمعاً سكانياً كبيراً وفائضاً من القوى البشرية، كما يؤمن سوقا كبيرة تضاف الي أسواق المنطقة التي تضم 40 مليون مستهلك. وقال أكاديميون واقتصاديون يمنيون انه ينبغي على اليمن ألا يفكر مطلقاً في أن انضمامه الى أي تكتل اقليمي سيخلق له "مشروع مارشال" للاعمار والتنمية على كاهل الغير وانه يتعين عليه تحقيق نهضة اقتصادية وانمائية تنقله من مسار التخلف الى الانتعاش والتطور. وبلغ حجم التبادل التجاري بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي 140 بليون و 287 مليون ريال 823 مليون دولار عام 2000 ويمثل 34.74 في المئة من اجمالي المبادلات التجارية لليمن مع دول العالم. وتشير الاحصاءات الى أن الميزان التجاري يميل كثيراً لصالح دول الخليج، اذ بلغت الواردات اليمنية نحو 124.5 بليون ريال فيما بلغت صادراتها الخليجية 15.7 بليون ريال. وأقر مجلس الوزراء اليمني تشكيل لجنة وزارية رفيعة المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير المال علوي السلامي وتضم وزراء معنيين ستكون مهمتها درس الخطوات المقترحة لتسريع انضمام اليمن الى العضوية الكاملة لمجلس التعاون الخليجي. وتهدف اللجنة الى وضع العلاقات اليمنية الخليجية في اطار مؤسسي لتحقيق الشراكة والتكامل. وقال المستشار السياسي للرئيس اليمني والأمين العام للمؤتمر الشعبي العام الدكتور عبدالكريم الارياني ان "اليمن لاشك سيستفيد من خطوات الانضمام تدريجياً لكنه في الوقت نفسه ليس متلقياً سلبياً بل سيشكل دفعة مهمة في عمل المجلس ومؤسساته". وأكد الارياني أن ماينشده اليمن ليس المساعدات وانما الشراكة في العمل معاً استثماراً وتبادلاً تجارياً وشراكة اقتصادية، مشيراً الى ما يتمتع به اليمن من امكانيات بشرية وطبيعية وما يتوافر لديه من الثروات الزراعية والسمكية والمعدنية. مشكلة القات احتلت قضية مواجهة نبات القات في اليمن حيزاً واسعاً من اهتمام الحكومة اليمنية والأوساط الاقتصادية خلال سنة 2002. ونظمت وزارة التخطيط أول مؤتمر حكومي لمناقشة ظاهرة القات وأبعاده الاقتصادية والتنموية والثقافية والصحية والاجتماعية خلال الفترة من 3 الى 4 نيسان أبريل الماضي. ويشكل القات جزءاً أساسياً من الاقتصاد عموماً ومن القطاع الزراعي تحديداً وتقدر مساهمته بنحو 30 في المئة من الانتاج الزراعي ونحو 16 في المئة من نسبة العمالة. كما يوفر مصدراً للدخل لكثير من أبناء الريف وآلية للتحويلات النقدية اليه. وتشير التقديرات الرسمية الى أن الطلب على زراعة القات ارتفع خلال الاعوام الماضية وتمثل زراعته خطراً على المخزون المائي خصوصاً في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، اذ يتراجع جدول المياه بمعدل 3 6 أمتار سنوياً. قانون بديل للاستثمار اتخذ اليمن خلال سنة 2002 خطوات لافتة على صعيد التشريعات الاقتصادية، اذ صدرت تعديلات في قانون البنوك وقانون جديد لمكافحة غسل الأموال، لكن الأهم كان اصدار قانون بديل لقانون الاستثمار النافذ بغرض مواكبة التطورات العالمية والتماشي مع برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي والاداري. واشتملت التعديلات التي تعد الثالثة منذ اقرار القانون عام 1991 على نصوص يتحول بموجبها نظام الترخيص للمشاريع الاستثمارية الى نظام تسجيل ومعالجة الغموض الذي تحويه بعض النصوص واضافة تسهيلات وضمانات وتحسين المناخ الاستثماري لجذب المزيد من رؤوس الأموال العربية والأجنبية. وبموجب القانون الجديد ألغي العديد من البنود في قانون الاستثمار والتي أبدت الوكالة الدولية لضمان الاستثمار التابعة للبنك الدولي تحفظات عليها واعتبرتها معيقة وبيروقراطية. ونصت التعديلات على اعفاء المشاريع من ضرائب الأرباح لمدة خمس سنوات من بداية الانتاج واعفاء التوسعات الاستثمارية لمدة ثلاث سنوات فضلاً عن اعفاء المشاريع من ضريبة العقارات ورسوم التوثيق. وتضمنت التعديلات اعفاء فوائد القروض الممنوحة من البنوك المحلية والأجنبية العاملة في اليمن لتمويل المشاريع أو توسيعها بنسبة 50 في المئة من الضرائب المفروضة عليها. وبحسب التعديلات يتعين على الهيئة العامة للاستثمار بت طلبات تسجيل المشاريع خلال 15 يوماً بدلاً عن 30 يوماً كما في القانون السابق. برنامج التخصيص التخصيص كان واحداً من القضايا الرئيسية التي قطعت الحكومة اليمنية شوطاً حاسماً فيها خلال سنة 2002 مع وضع شروط استيعاب العمالة وتطوير المنشآت. وأعلن اليمن عن تخصيص صوامع الغلال في الحديدة ومنطقة كالتكس في عدن عن طريق البيع للمستثمرين المحليين والأجانب. ومن بين المؤسسات التي عرضت للتخصيص مؤسسة التجارة الداخلية والمؤسسة العامة للحوم والمؤسسة العامة للحفر ومقرها جميعاً في عدن. وأعلنت الحكومة اليمنية في وقت سابق عن برنامج لتخصيص نحو 70 مؤسسة خلال السنوات الخمس المقبلة عن طريق وسائل مختلفة كالتصفية وبيع المفردات والتأجير والمشاركة والاكتتاب العام وتوقعت أن يدر البرنامج عائدات لا تقل عن 500 مليون دولار. وتدرس لجنة حكومية تصفية مصنعي باجل والبرح لانتاج الأسمنت وتقديم تقرير فني عن البدائل المناسبة لتخصيص قطاع الأسمنت بشكل عام. وأعادت الحكومة النظر في قائمة المشاريع المعروضة للتخصيص، اذ أضيفت مؤسسات وتقرر تصفية مؤسسات أخرى بناء على دراسات علمية. وفيما يتعلق بقطاع المصارف، تجري حالياً المرحلة الأخيرة من قبل وزارة المال لتخصيص "البنك الأهلي اليمني" وسيطرح قريباً على مستثمرين استراتيجيين بعد اعادة رسملته لتصبح حصة الدولة فيه 40 في المئة فقط والمستثمر الاستراتيجي 60 في المئة. وقررت اللجنة العليا للتخصيص اعادة هيكلة الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب في شأنها وفتح المجال أمام القطاع الخاص للعمل في المطارات وخدمات الشحن والتفريغ. وفي القطاع السياحي، طرح "فندق عدن" للبيع الى مستثمرين محليين وأجانب وفي وقت لاحق قرر مجلس الوزراء اليمني تصفية المؤسسة العامة للتجارة الخارجية والحبوب نظراً لتحرير تجارة الحبوب وانعدام الوظيفة التي انشأت من أجلها مؤسسة التجارة الخارجية والحبوب خصوصاً بعد وضع آلية جديدة لتوزيع القمح والطحين يشارك فيها القطاع الخاص اليمني. وعلى صعيد المشاريع النفطية الاستراتيجية أقرت الحكومة اليمنية اتفاق المبادئ مع "الشركة المتحدة لخطوط أنابيب البترول السعودية" لدراسة اقامة خط انابيب للنفط او الغاز من أراضي المملكة العربية السعودية الى أحد شواطئ الجمهورية اليمنية في البحر العربي. ووقعت الشركة نفسها بالتعاون مع مستثمرين من الامارات اتفاقاً لانشاء مصفاة نفط في المكلا بكلفة 450 مليون دولار في المرحلة الأولى. مؤتمر باريس مع بداية الربع الأخير من سنة 2002 حصل اليمن في اجتماع مهم للدول والمنظمات المانحة عقد في باريس خلال الفترة من 16 - 18 تشرين الأول أكتوبر الماضي على موارد مالية تبلغ 3.5 بليون دولار منها 2.3 بليون دولار تعهدات جديدة أعلنها المانحون في باريس فضلا عن 1.2 بليون دولار التزامات حالية سبق التعهد بها. ومن أهم المانحين الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بمقدار 600 مليون دولار والصندوق السعودي 300 مليون دولار والصندوق الكويتي 227 مليون دولار والبنك الدولي 410 ملايين دولار وبنك التنمية الاسلامي 200 مليون دولار. وتعهدت قطر في مؤتمر المانحين بتقديم 90 مليون دولار والاتحاد الأوروبي 61 مليون دولار وصندوق النقد العربي 60 مليون دولار والبرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومصادره الاضافية 44 مليون دولار. كما تعهدت الولاياتالمتحدة بمبلغ 23 مليون دولار لسنة واحدة وتعهد برنامج الأممالمتحدة للسكان بمبلغ 7.5 مليون دولار وبرنامج الأمومة والطفولة 34.8 مليون دولار وصندوق منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك بنحو 10.5 مليون دولار. كما ستقدم المنظمات غير الحكومية مبلغ 20 مليون دولار. وذكر رئيس الوزراء اليمني عبد القادر باجمال أن نصف تعهدات المانحين سيخصص لتمويل برنامج التخفيف من الفقر فيما يخصص الجزء الآخر للمشاريع التنموية الرئيسية مثل المطارات والطرق والأنفاق والطاقة والحد من البطالة. وناقش المؤتمر الدولي ثلاثة محاور رئيسية عرضت لاستراتيجية التخفيف من الفقر وموارد تمويلها وخطة اليمن الخمسية الثانية 2001 - 2005 فضلاً عن عرض لمشاريع تطوير البنية التحتية ودعم القطاع الخاص وتحقيق الأمن. ليمبورغ غير أن فرحة الحكومة بنتائج مؤتمر باريس كدرتها تداعيات حادثة انفجار ناقلة النفط الفرنسية "ليمبورغ" قريباً من شواطئ حضرموت في المكلا في 6 تشرين الاول الماضي والتي كبدت الاقتصاد اليمني خسائر كبيرة في قطاعات عدة. وبدأت النتائج السلبية باعلان شركات التأمين العالمية رفع أسعارها على التأمين البحري والجوي الى اليمن بنسبة 100 في المئة عقب التأكد من أن عملية ارهابية وراء تفجير ناقلة النفط الفرنسية. وارتفعت أسعار النقل البحري والتأمين على السفن أيضا بنسبة 250 في المئة من قبل الشركات الخارجية، ما انعكس على زيادة الأقساط وأسعار البضائع المنقولة عن طريق البحر. انفجار سكاني نظراً لأن قضية النمو السكاني تمثل في اليمن مشكلة خطيرة تلتهم معظم الموارد، نظمت الحكومة اليمنية في 27 تشرين الأول الماضي "المؤتمر الوطني الثالث للسياسة السكانية" بمشاركة واسعة من الخبراء والمسؤولين. وناقش المؤتمر مكونات السياسة الوطنية للسكان وتشخيص مصادر النجاح والاخفاق وتعزيز فهم جماعي واسع بالتزام وطني سياسي عميق للمتطلبات المادية والفنية. ويتسم التوزيع السكاني في اليمن بوجود تباين كبير بين المحافظات وبين الريف والحضر، اذ يعيش 50 في المئة من اجمالي السكان في اربع محافظات فقط من اجمالي 20 محافظة. كما وصلت نسبة سكان العاصمة صنعاء الى 28 في المئة من اجمالي سكان الحضر في البلاد ويبلغ معدل نموها السنوي نحو تسعة في المئة. وتظهر الاسقاطات الحديثة أن عدد السكان بلغ 18.9 مليون نسمة في منتصف عام 2001 ومن المتوقع أن يصل الى 29.4 مليون نسمة منتصف سنة 2016 والى 35.3 مليون نسمة سنة 2025، وهذا يعني أن السكان في اليمن سيتضاعفون في فترة 24 سنة تقريباً. وفي أواخر شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي قبلت سكرتارية منظمة التجارة الدولية في جنيف مذكرة التجارة الخارجية التي قدمها اليمن ووزعتها على الدول الاعضاء كافة وهي خطوة مهمة في اطار التهيئة لانضمام اليمن الى المنظمة الدولية في غضون السنوات القليلة المقبلة.