كشفت التحذيرات التي اطلقها رئيس الحكومة الجزائرية السيد علي بن فليس خلال زيارته إلى تونس والتي انتهت أمس، حجم المخاطر التي أصبحت تهدد أمن منطقة المغرب العربي مع تزايد حجم الاعتداءات التي استهدفت دول المنطقة خلال الأشهر الماضية. وتعتقد أوساط جزائرية أن التحذير في شأن نجاح تنظيم "القاعدة" في التسلل إلى المنطقة يبقى وارداً في حال تأخر الدول المعنية في تدعيم علاقاتها الأمنية، سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف، ضمن هيكل الاتحاد المغاربي. وحذر السيد بن فليس خلال افتتاح اللجنة الجزائرية - التونسية، مساء الثلثاء، من مخاطر تحول المنطقة المغاربية من "موطن ثقافة التسامح والتعايش السلمي وملتقى الحضارات، إلى معقل لهؤلاء المجرمين القتلة الذين أرادوا للعالم أن يعيش تحت وطأة العنف والرعب والتخلف والتحجر". ودعا إلى "تقوية دعائم العمل المشترك" من خلال "تشييد جدار حصين في وجه الإرهاب الهمجي الذي لا مشروع له سوى مشروع التدجيل والتخريب والتقتيل، مستغلاً ديننا الحنيف والشريعة السمحة بريئة من أفعاله المقيتة". لكنه حض على أهمية اعتماد "الواقعية اسلوباً في العمل، والموضوعية قاعدة في التقويم، والمصلحة المشتركة أساساً للتعاون". وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول سياسي في دول المنطقة من "مخاطر" تهديدات الجماعات الإسلامية المسلحة النشطة في المنطقة. وجاء هذا التصريح بعد إعلان الجزائر انها قتلت قبل شهرين ونصف شهر "أبو محمد اليمني" مسؤول تنظيم "القاعدة" لمنطقة المغرب العربي ودول الساحل. وحتى الساعة تنحصر العلاقات الأمنية للجزائر بالأساس مع تونس فقط، في حين لا تزال العلاقات مع ليبيا ضعيفة، بينما يشهد التعاون الأمني مع المغرب حال الجمود منذ فترة طويلة بسبب قضية الصحراء الغربية. أما موريتانيا، فالعلاقات الأمنية معها محدودة على رغم محاولة الجزائر تحريك التعاون في إطار لقاءات وزراء داخلية الدول الأعضاء في منطقة الساحل. وتعتقد أوساط جزائرية مطلعة أن ضعف التعاون الأمني بين دول منطقة المغرب العربي بالإضإفة إلى الخلافات السياسية "أسباب يمكن أن تستغلها التنظيمات الإرهابية الناشطة في المنطقة لإعادة نشر عناصرها". وتقترح الجزائر "مبادرة اقليمية لتطويق هذه الآفة". وخلال عام 2002 فقط تعرضت تونس لاعتداء ارهابي نفذه عناصر من تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن. وأدى الاعتداء الذي نفذ في منتجع جربة إلى مقتل 21 شخصاً بينهم 14 المانياً فضلاً عن الحاق أضرار بتوافد السياح الأجانب على هذا البلد. كما ابطل المغرب اعتداءات وشيكة كان يجري التحضير لتنفيذها ضد المصالح الأميركية والأوروبية في مضيق جبل طارق. وأعلنت الجزائر قبل شهر ونصف الشهر عن مقتل مسؤول تنظيم "القاعدة" في المنطقة المغاربية.