سيبقى نفط الشرق الأوسط المصدر الأساسي للتزويد النفطي العالمي على المديين المتوسط والطويل. هذا ما أكده رئيس قطاع التنقيب والانتاج في مجموعة "توتال فينا الف" كريستوف دومارجوري، معتبراً أن كل ما يقال عن بدائل من الولاياتالمتحدة وروسيا وبحر قزوين وافريقيا ليس بالاحتياط الضخم والواعد الذي يمكنه أن يحل محل نفط الشرق الأوسط. هذا يعني أن على الدول النفطية في المنطقة، ومنها مثلاً إيران وليبيا، أن تسرع في تطوير قوانينها من أجل انفتاح يساعدها على التقدم والتطور. كما أن على الشركات النفطية العالمية أن تعي مسؤولياتها في التعامل مع دول نفطية كبيرة مثل المملكة العربية السعودية التي نجحت في تطوير شركتها النفطية الوطنية "سعودي ارامكو" التي أصبحت بمستوى شركة عالمية ضخمة تطور وتنتج 8 ملايين برميل من النفط يومياً. أما في إيران مثلاً، فإن القرار السياسي والتعقيدات السياسية فيها، جعلت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط تتأخر بنحو عشرين سنة عن زمنها، من ناحية الإدارة والكوادر والاستثمارات. إيران بلد نفطي كبير، ولديه مشاريع تطوير حقول الغاز بواسطة مساعدة تقنية من الشركات الأجنبية ستقدم له لدى اكتمالها على المدى الطويل بلايين الدولارات. إلا أن الشركة الوطنية، على رغم وجود كوادر نفطية إيرانية من مستوى عالمي، حسب العارفين، تفتقر للإدارة والأموال اللازمة للاستفادة من هؤلاء الكوادر. والقرار السياسي المعطل في البلاد يحول دون تغيير القوانين لتأمين قدر أكبر من الانفتاح. وهذا ما يؤخر تقدم المشاريع في إيران، حيث تولت الشركة الوطنية مثلاً المرحلة الأولى من مشروع تطوير حقل "ساوس بارس" للغاز من دون مساعدة أجنبية، مما لم يسفر حتى الآن إلا عن تقدم بطيء ، في حين أن المرحلتين الثانية والثالثة منه بدأتا بالانتاج بمساعدة "توتال فينا الف". وعلى غرار إيران، هناك ليبيا التي افسحت المجال أمام المشاركة الأجنبية في قطاعها النفطي، إلا أنها احتفظت لنفسها بالمناطق الأفضل للتنقيب، في حين أنه كان في إمكانها، مثل قطر والجزائر ودول نفطية أخرى، اعتماد المزيد من الانفتاح على الشركات الأجنبية والاستفادة من مشاركتها في تطوير ثروتها الوطنية من دون المساس بمصالحها الوطنية. في المقابل، على الشركات النفطية العالمية أن تفهم أن بعض الدول النفطية في العالم العربي نجح في تعزيز شركاتها الوطنية التي باتت تنافس الشركات العالمية الكبرى، ومن بينها "سعودي ارامكو". فالسعودية أرادت الانفتاح على الشركات الأجنبية بدعوتها للاستثمار في مشاريع متكاملة في حقل الغاز والكهرباء، إلا أن الشركات تهافتت سعياً إلى الاستفادة بأقصى إمكاناتها ارضاء لمصالحها الخاصة. في المقابل، فإن "ارامكو" شركة وطنية بحجم الشركات الكبرى، تنتج 8 ملايين برميل يومياً ولا تحتاج إلى شركة نفطية أجنبية لتساعدها في الحقول التي تعمل فيها. إضافة إلى ذلك، فإن "ارامكو" شريك في مشاريع مع "اكسون" في الصين، وهي على علم بمستوى عائدات هذا المشروع المشترك الذي يفوق ما تطلبه "اكسون" لمشروع مماثل في السعودية. وأثبتت "أرامكو" أنها من أنجح شركات النفط العالمية سواء على مستوى التقنيات أو الكوادر، وعندما رفضت الشركات اليابانية الشروط السعودية لتجديد عقد انتاج المنطقة المحايدة، برهنت الشركة أن بإمكانها أن تستمر بمفردها في الانتاج في تلك المنطقة. الخلاصة، أن الدول النفطية بحاجة إلى الانفتاح الأجنبي الجيد، وأن الدول التي تحتاج إلى هذا الانفتاح بشكل ملح، ينبغي أن تطور قوانينها بسرعة. أما الشركات النفطية العالمية، فعليها أيضاً أن تدرك وتراعي مصالح الدول التي ترغب في العمل معها، ليكون التعاون على أسس متساوية ومصالح متبادلة.