لم يكن مصمم الأزياء اللبناني بسام نعمة يسعى الى الشهرة، ولم يحاول الا تقديم خطوطه وأفكاره الجديدة ليماشي معها العصر والتطور. الا ان المصادفة قادته الى الفنانة نجوى كرم ليبدأ مسيرة جديدة في عالمه الخاص الذي بدأه قبل اكثر من عشرين عاماً. يقول بسام نعمة: "كنت دائماً في الظل، ولم تكن الأضواء ولا الشهرة تعني لي الكثير، بل حاولت ان أقدم دائماً أزيائي بصورة لائقة لأن مهنة تصميم الأزياء باتت كأنها مهنة الذين لا يجدون مهنة ثانية. في اواسط الثمانينات من القرن العشرين شاركت في تنفيذ المسرحيات الغنائية للرحابنة، وأذكر انني نفذت الثياب الخاصة لمسرحية "صيف 840" لمنصور الرحباني التي عرضت عام 1987 وذلك بعدما طلبت مني السيدة بابو لحود المشاركة في تنفيذ الأزياء، لكنني آثرت الابتعاد عن الأضواء. وأكملت مسيرتي بعيداً من الاعلام حتى قادتني المصادفة الى الفنانة نجوى كرم قبل ست سنوات بعدما عبرت لي عن مدى اعجابها بأزيائي، فشعرت للوهلة الأولى ان هذه الفنانة لا تشبه احداً لا في تفكيرها ولا حتى في تعاملها مع الناس، وهنا بيت القصيد الذي جعلني اتقرب منها أكثر، فصار كل همي ان اجعل من ازيائي التي ترتديها حالاً خاصة تزيد من نجوميتها لأنها انسانة تعرف التواضع". ثلاثون فستاناً في سنة واحدة ويتابع نعمة حديثه عن نجوى كرم: "نتشارك في بعض الأحيان في الافكار التصميمية، وقد تعرض عليّ فكرة لزي معين او تتصل بي ليلاً لتقول "شاهد هذا الفيلم التاريخي وتمعن بالثوب الذي ترتديه البطلة" لأضيف اليه فكرة تماشي العصر وتجعلها تطير على المسرح". أما في ما يتعلق بالألوان فالأبيض هو المفضل لديها اضافة الى الأسود. لا يعرف المصمم بسام نعمة عدد الفساتين التي صممها لنجوى كرم خلال ست سنوات ولكنه يقول: "لا استطيع احصاءها لكنني احتفظ بها جميعها عندي، وكنت أقدم لها نحو ثلاثين فستاناً خلال السنة لأنها انسانة انيقة وتحب ان تظهر بفستان في كل مناسبة". وعلى رغم خوضه مجال تصميم الأزياء لعشرين سنة وأكثر الا ان اسم بسام نعمة لم يعرف لأنه كان يفضل العمل وراء الكواليس كونه لا يحب الشهرة والأضواء. وعن حجب اسمه يوضح: "كنت أعمل لمصلحة عدد من المصممين وأبقى وراء الكواليس، وبعد دراستي وخبرتي قررت العمل لنفسي فقط وبقيت بعيداً من الأضواء ولكن اتضح لي انني كنت مخطئاً لأنه بسبب غياب اسمي والتضحيات المهنية التي قدمتها والثياب التي صممتها للمطربة نجوى كرم، صرح احد المصممين اللبنانيين انه من يصمم لنجوى وهو من يشرف على لباسها وأناقتها وهذا ادعاء وافتراء ولا أريد ذكر اسمه، علماً انني اصمم ازياء المطربة السورية هويدا منذ ثلاث سنوات كما صممت فستان المطربة الكويتية نوال الذي ارتدته في الفيديو كليب "جابني الشوق"، وبعد كل مجهودي تحملت مسؤولية اخطائي بالابتعاد من الاعلام، لهذا قررت التصريح عن كل ثوب اصممه لئلا يسرق اسمي وتنسب تصاميمي الى اخرين". ويضيف بسام نعمة: "كنت مقصراً بواجباتي الاعلامية تجاه عملي بسبب ظروف خاصة بي، علماً ان لدي خطوط موضة بارزة في الأثواب التي صممتها للكثيرات من سيدات المجتمع ايضاً، ولكنني لم اكن اسعى وراء الشهرة، بل فضلت المواظبة على العمل وتأمين مستقبلي، لذلك بعدت من الأضواء". وعن ابتكاره وأفكاره يقول نعمة: "من الخطأ ان يقول المصمم ان الوحي والأفكار تهبط عليه فيأتي بالتصميم المبتكر، هذا الأمر غير صحيح والدليل اننا نرى المصممين العالميين يعودون الى أزياء السنوات الماضية ويطورونها وفق الأقمشة والألوان التي تناسب العصر مثل الألوان الترابية في الموسم الحالي مع اضافة خطوط جديدة لتلفت اعجاب المرأة العصرية، لهذا نرى احياناً موضة الستينات وموضة السبعينات بصورة أكثر عصرية". وعن المصممين اللبنانيين الذين يصفون انفسهم بالمصممين العالميين يقول نعمة: "لا يوجد مصمم لبناني عالمي الا ايلي صعب، فمعظم المصممين اللبنانيين يعرضون ازياءهم في فرنسا وايطاليا تحت اسم Couturier، أي خياطين، ويأتي الواحد منهم ويصرّح في الصحافة انه عرض ازياءه في أوروبا، وأنا اتحدى هؤلاء المصممين أن يبرزوا اي اتفاق مع الشركات التي عرضت أزياءهم يقول انهم مصممون وليسوا خياطين، او اي ورقة تبرز ان لجنة دولية قالت انهم عالميون، وأنا لا اتحدث عن المصممين الذين يقدمون منذ سنوات طويلة جداً ازياءهم ضمن عروضات أوروبية بل عن مصممي هذه الأيام ممن يملكون المال الذي يمكنهم من السفر الى أوروبا واستئجار صالة في فندق خمس نجوم لعرض ازيائهم ويقولون للصحافة اللبنانية والعربية انهم وصلوا الى العالمية. صراحة لا أحد منهم يعرف شروط العالمية، وهنا أسأل الصحافة تحديد اسم احد المصممين غير ايلي صعب ارتدت ازياءه نجمات هوليوود او اميرات أوروبا". وعن شوائب مهنة تصميم الأزياء يقول نعمة: "بكل اسف اي شخص يدرس سنة او سنتين في معهد يطلق على نفسه اسم مصمم ويبدأ بعرض الأزياء او يفتح دار ازياء باسمه لأنه يمتلك المال اكثر من غيره، فلو تنظم نقابة مصممي الأزياء في لبنان هذا الأمر وتفرض على كل مصمم يمتلك شهادة تخصص في تصميم الأزياء ان يتدرج ليثبت مقدرته، لئلا يبقى في هذه المهنة شوائب، مثلاً بعدما يدرس الطبيب سنوات ويتخصص يعمل متدرجاً في المستشفيات ثم يتمكن من دخول النقابة وكذلك المحامي الذي يدرس اربع سنوات، يتدرج عند احد المحامين سنتين ليحق له دخول النقابة، اما مصمم الأزياء فيدرس في اي معهد لفترة ويعرض عشرة او خمس عشرة فستاناً فيطلق على نفسه اسم مصمم أزياء او مصمم عالمي".