تم حسم الجدل الداخلي الذي تشهده منذ شهور عدة شركة "جمبلوس"، وهي من الشركات الرائدة في العالم في توفير الحلول المرتكزة على البطاقات الذكية، وذلك عبر سلسلة اجراءات اتخذها مجلس إدارتها الاخير، أدت الى إعادة التوازن بين المحورين الاميركي والاوروبي اللذين تجاذبا الشركة، ووضع حداً ل"هيمنة المحور الاميركي عليها"، على حد قول عضو مجلس الادارة والمساهم، زياد تقي الدين، الذي تولى عملية إصلاح هذه الاوضاع. وفرضت عملية الإصلاح هذه نفسها بإلحاح لإخراج الشركة، التي تحظى بنسبة 34 في المئة من سوق صناعة البطاقات الذكية في العالم، من حال التخبط التي شهدتها ولوضع حد للخسائر التي تواجهها ويُقدر ان تصل الى 200 مليون دولار سنة 2002 بعدما كانت من أكثر الشركات ازدهاراً في مجالها. ومن الأسباب التي تبرر هذه الخسائر الزواج الصعب الذي تحقق في إطار الشركة، عندما قررت شركة "تكساس باسيفيك غروب" الاميركية، التي يرأسها ديفيد بوندرمان، المساهمة في "جمبلوس"، التي تتخذ من مارسيليا جنوبفرنسا مقراً لها، بنسبة 26 في المئة عام 1999. لكن بعد مضي ثلاثة أعوام على هذه الخطوة، ظهرت صعوبات التوفيق بين العقليتين الاميركية والاوروبية في مجال العمل، وبدأت تطغى على مجلس إدارتها أجواء من الريبة والشكوك والشكوك المضادة، ما أساء الى فعاليتها واستراتيجيتها. وعندما واجهت الشركة اولى خسائرها عام 2001، بادر رئيس مجلس إدارتها مارك لاسوس وأعضاء مجلس الادارة، الذين يشكلون المحور الاوروبي ومنهم تييري داسو وتقي الدين، الى إلقاء المسؤولية على بوندرمان. وفي مواجهة هذا الواقع، سجل المحور الاوروبي داخل الشركة خطوة لمصلحته تمثلت بإقدام مجموعة "ساجيم" الفرنسية لانتاج المعدات الالكترونية والدفاعية، ومنها بطاقات التعرف بواسطة البصمات، على شراء عشرة في المئة من أسهم "جمبلوس" بقيمة 65 مليون يورو، واشترى رجل الأعمال البلجيكي ألبير فرير ما يراوح بين 2 و3 في المئة من الأسهم. وفيما قدّم المدير العام ل"ساجيم" عملية الشراء هذه على انها تحالف صناعي، كون "جمبلوس" رائدة في مجال البطاقات الذكية، وشركته رائدة في تصنيع البطاقات المزودة بأنظمة التعرف بالبصمات، شكلت العملية بالنسبة الى البعض هجوماً أوروبياً مضاداً ومشروعاً لقطع الطرق أمام "أطماع تكساس باسيفيك غروب". وبعد أيام معدودة على عملية الشراء هذه 4 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، اتخذ مجلس إدارة "جمبلوس" مجموعة إجراءات نصت على اعتماد برنامج إعادة هيكلة متكامل وإدانة "تكساس باسيفيك غروب" على المخالفات التي ارتكبتها بحق الشركة وإعادة النظر بالعقد المالي الخاص بمديرها العام أليكس مانديل في اتجاه خفضه، نظراً الى الظروف التي تجتازها الشركة. واعتبر تقي الدين في تصريح ل"الحياة" ان هذه الاجراءات كفيلة بأن تريح أوضاع الشركة وتساعد على تنشيطها، وان تطبيقها سيضع الشركة مجدداً في الطريق الصحيح ويمكنها من استعادة استراتيجية صناعية واضحة. وقال: "ان مجلس الادارة نجح كذلك في مقاومة هيمنة المحور الاميركي على الشركة، التي لم تكن مشروعة، كون الأميركيين لا يملكون سوى 26 في المئة من الأسهم، ولم يقدموا شيئاً في السوق الاميركية". يذكر ان "جمبلوس" لها وجود ملحوظ في دبي ومنطقة الخليج، وحازت مع "ساجيم" على مشرع مهم في عُمان.