رأت مصادر سياسية في قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس خفض سن الاقتراع من 20 إلى 18 عاماً، دعوة صريحة للشباب إلى الإقبال على صناديق الاقتراع والانتظام في صفوف الأحزاب السياسية، خصوصاً في ضوء نتائج الانتخابات الإشتراعية في أيلول سبتمبر الماضي والتي أظهرت عزوفاً للشباب عن المشاركة في التصويت، إذ لم تتجاوز نسبة الاقبال 52 في المئة من بين نحو 14 مليون ناخب. وتبيّن من خلال مقارنة الانتخابات الأخيرة بعمليات الاقتراع السابقة تراجع واضح في نسبة الاقبال على التصويت. إذ تجاوزت نسبة 70 في المئة في أول انتخابات عرفتها البلاد العام 1963. لكن تزامن قرار العاهل المغربي مع الاعداد لانتخابات البلديات المقررة صيف العام المقبل يحمل على الاعتقاد بوجود مخاوف من استئثار التيارات الإسلامية بمقاعد أكبر في الانتخابات المحلية، خصوصاً ان قوانين تنظيم هذه الانتخابات لا تشترط في المرشحين الانتساب السياسي، على عكس الانتخابات الاشتراعية وإن كانت النسبة التي حصلت عليها قوائم المستقلين التي سُمح بها في اللحظة الأخيرة لم تقد الى حيازة ثقة الناخبين. ورجحت مصادر سياسية ان تعاود حكومة إدريس جطو إقرار النظام الانتخابي نفسه، مع تحديد نسب مرتفعة للنساء المرشحات. ويقول منتسبون الى أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي ان حيازة حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي نسبة كبيرة من المقاعد في الانتخابات الاشتراعية الاخيرة مردها عدم إقبال الناخبين، خصوصاً الشباب، على صناديق الاقتراع. لكن منتسبين الى "العدالة والتنمية" يرون ان لحزبهم غالبية من المؤيدين في صفوف الشباب. معركة قبل أوانها إلى ذلك، بدأت معركة الإعداد لانتخابات البلديات قبل أوانها. ودعا "العدالة والتنمية" الى اجتماعات لتنظيماته الحزبية في نهاية الأسبوع لدرس البرنامج الانتخابي، في حين أعلن فصيل إسلامي آخر هو "التوحيد والإصلاح" القريب إلى "العدالة"، عقد اجتماع رسمي يُعتبر الأول من نوعه يوم الجمعة في بوزنيقة، جنوبالرباط. كذلك أعلن حزب الاستقلال عقد مجلسه الوطني في الوقت نفسه. ودعا الى الخطوة ذاتها حزب التقدم والاشتراكية. وأفادت مصادر في "الاتحاد الاشتراكي" انه بصدد الانفتاح على تيارات يسارية وفاعليات أبدت استياءها من مؤتمره الأخير. ويقول سياسيون انه على رغم الطابع المحلي لانتخابات البلديات المختصة في تدبير الشؤون المحلية، فإن اختيار عدد من المستشارين في الغرفة الثانية في البرلمان من ممثلي الجماعات المحلية والمركزيات النقابية ورجال الأعمال، يُضفي عليها بُعداً سياسياً، كون مجلس المستشارين يملك بدوره صلاحية الرقابة على الحكومة واطاحتها، كما يملك صلاحية تشكيل لجان تقصي الحقائق. ولاحظ مراقبون انها المرة الأولى التي تجري فيها الانتخابات الاشتراعية قبل المحلية، ما يدفع الفاعلين السياسيين الى استخلاص دروس الانتخابات السابقة، خصوصاً بالنسبة إلى تزايد حضور الإسلاميين. ويُرجّح ان يُحقق الإسلاميون أيضاً في الانتخابات المحلية حضوراً مهماً على اعتبار انها مرتبطة بشؤون الأحياء والمدن. وفي هذا المجال، بدا ان الفصيل الإسلامي "التوحيد والإصلاح" يريد الانفتاح على مناصري جماعة "العدل والإحسان" من خلال دعوة زعيمها الشيخ عبدالسلام ياسين الى حضور مؤتمره. وقال خصوم للتيارات الإسلامية ان مناصري الشيخ ياسين صوّتوا لمصلحة "العدالة والتنمية" في الانتخابات الإشتراعية الأخيرة.