يجب ان نتذكر دائماً، ونحن نرى جحافل الجيوش الغربية تتجه الى الشرق، ونسمع أميركا تلوح بالسلاح النووي، انها هجرت الديبلوماسية والسياسة وملت الحرب وخسائرها البشرية فيها، وتاقت نفسها الى الاسراع الى حكم العالم وحدها. وها نحن نرى دعاة وعلماء جدداً، انشقت الأرض وانبتتهم، رجالاً ونساءً، يشاركون في برامج دينية بملابس لا تناسب وقار العلم. ويأتي سيل من الفتاوى، من غير المؤهلين، واجتهادات وكتب وأسماء لفقهاء وعلماء وجدوا لهم مكاناً في القنوات الفضائية. وأخيراً وليس آخراً دعاة من دون مؤهل علمي أو ديني، ساحوا في البلاد، يغرقونها بالمحاضرات، في كل أسبوع أكثر من سبع محاضرات، مكتوبة جاهزة في جيوبهم، في الوقت الذي لا يلقي أكبر عالم في رحلاته أكثر من محاضرتين. وظهر داعية إسلامي يحمل دبلوم تجارة، يستميل الشباب بالنكتة والغمز واللمز. والشباب المسلم يعاني من القهر، ويميل الى بعض التسلية. ففتن بعضهم به. وفي احدى محاضراته دعا الى جمع المال كهدف نبيل من أجل انشاء مصنع لتشغيل بعض العمال. ولما كانت قضية فلسطين هي السلعة لكل من يريد ترويج بضاعته، فإن العزف على هذا الوتر يساعد على دس الأفكار المريضة التي تصرف الشباب عن تعاليم الدين الصحيح، وأهدافه السامية، وهي أبعد ما يكون عن جمع المال والتجارة. ان الإعلام العربي، من دون أن نشعر، قد يتحول الى اعلام ضدنا، وضد عقيدتنا وهويتنا. وفي أحد البرامج قال مثقف عربي ان اللغة العربية لغة مريضة، غير صالحة للإبداع، وان من يتمسك بها كاتب مريض. وبعض المثقفين العرب، بوجوههم الحليقة والعقال على رؤوسهم، يصرخ ويستنكر، يذكرنا بفيلم "لورنس العرب" أو "ابن الشيخ". إنهم أمريكان أكثر عولمة من أكثر الأمريكان. بيروت - رضية إحسان الله