بطلب من مؤسسة جوزف ولور مغيزل، وفي خطوة تكريمية للراحلة لور مغيزل، التي ناضلت من اجل المرأة والانسان" حوّلت الإعلامية ايمان شمص شقير قلمها من الصحافة الى التأليف. فكان كتاب "نساء في امرأة، سيرة لور مغيزل" عن "دار النهار" للنشر. تصف شقير تجربتها الأولى في التأليف "بالتحدي"، كونها تدخل مضماراً آخر من الكتابة مختلفاً عن الكتابة الصحافية التي تمتهنها. "فالكتاب مسؤولية ويفرض عملاً متواصلاً ومترابطاً بين كلمة واخرى وفكرة واخرى" على حد تعبيرها، "كما ان المادة الكبيرة والغنية التي كانت متاحة، ان من خلال أرشيف لور مغيزل الخاص أو من خلال كتابي "جوزف مغيزل، سيرة الحب والنضال" لنقولا ناصيف و"لور مغيزل، نصف قرن دفاعاً عن حقوق المرأة في لبنان" الذي جمع فيه انطوان مسرة وثائق من ارشيف مغيزل، وغيرهما من المقابلات المرئية والمسموعة... صعبت مسألة الكتابة، اذ كان عليّ اختصار الكثير على أهميته في كتاب. فكنت اقرأ كل الملفات حتى اصغر القصاصات فيها واجعلها تتداخل وتترابط بهدف ايفاء لور مغيزل حقها". وهكذا مرت سنة ونصف السنة قبل ولادة الكتاب، الذي هو الأول عن مسيرة مغيزل - المرأة، الانسانة: في القانون والسياسة والاجتماع... ولأنها برعت وحاربت على أكثر من جبهة، اختارت شقير عبارة "نساء في امرأة" كعنوان للكتاب، مشيرة الى انها "عبارة رددها اكثر من شخص قابلته وقد عايش لور، فهي كانت الأم والزوجة والمحامية والمناضلة لحقوق المرأة والانسان...، حتى ان رفيقها في الحزب الديموقراطي سامي نصار قال عنها: "كان يمكن لكل من يرى لور في حال من الحالات ان يعتقد انها لا تفعل سوى ما هي عليه في هذه الحال". وانطلاقاً من هذا العنوان، رسمت شقير مغيزل، صورة لمرأة عاشت تجربة مهمة وبارزة في حقول وميادين مختلفة، كالحقل القانوني والحزبي... ترجمتها في عمل ميداني، متسلحة بمتابعة يومية للقضايا بتفاصيلها وبدراسات وبراهين: "لم تكن تطالب بقانون أو تعارض على آخر، من دون ان تقدم، قبلن دراساتها وملاحظاتها والحيثيات العملية لتطبيقه، فكانت تدهش من حولها بما تملكه من براهين تدعم مواقفها"، تقول الكاتبة. وهكذا تنساب قصة لور مغيزل في سبعة فصول، من طفولتها حتى زواجها، ومن دخولها حزب الكتائب الى تأسيسها للحزب الديموقراطي، مروراً بنضالها النسائي والانساني في المحافل الوطنية كما في المحافل الدولية، في المجلس النسائي اللبناني وحركة اللاعنف والجمعية اللبنانية لحقوق الانسان واللجنة الدولية لحقوق الانسان. اضافة الى الانجازات وما يبقى لانجازه "من اجل تنزيه التشريع اللبناني للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة" كما عنونت شقير لتنتج بذلك كتاباً لا يروي سيرة لور مغيزل فحسب، بل يوثق تاريخ جمعيات وحركات نسائية وانسانية وقوانين معدّلة. كل هذا، كتبته شقير في لغة صحافية، ارتكزت في أساسها على الكثير من العبارات المقتبسة من ارشيف لور مغيزل ومقابلاتها وصحف وافراد قابلتهم الكاتبة. فعن البيت الأبوي تحدثت الشقيقة وعن الامومة تحدث الاولاد وعن الحزب تحدث رفاقها، وعن الجمعيات تحدثت نساء عاصرنها... وبهذا الخصوص تقول الكاتبة: "لا يمكن كتابة سيرة أو عمل بحثي في صيغة روائية، وقد فرضت الصيغة الصحافية نفسها كون العمل ليس مادة قانونية جافة. من ناحية اخرى شعرت بأنها الصيغة الأفضل للتوجه الى شرائح مختلفة من الناس خصوصاً ان الكتاب يمكن ان يقرأه الطالب كما المحامي كما اي امرأة تهتم بالعمل النسائي... وهو للرجل كما للمرأة لأن لور مغيزل كانت احدى الرائدات في تحقيق الشراكة بين الرجل والمرأة في المجتمع. ومن المهم الاطلاع على سيرة امرأة لم تقارن يوماً، لا في كلماتها ولا في خطبها الرجل بالمرأة، وقد دفعت بالمسيرة النسائية خطوات كثيرة الى الأمام. بينما تخلو الساحة اليوم من شخصية تناضل من اجل نيل المرأة اللبنانية كامل حقوقها من الضمان الاجتماعي أسوة بالرجل". "نساء في امرأة، سيرة لور مغيزل" كتاب يعرّف بامرأة ناضلت بالفعل اكثر منه بالكلمة من اجل الحق، ويوثق سيلاً من القوانين التي فعّلت دور المرأة في المجتمع، ويقدم رسالة ارادتها الكاتبة من خلال شخصية الكتاب: "باستطاعة كل انسان ان يضع مدماكاً ولو صغيراً في مسيرة المجتمع".