} "جرائم الشرف" والزواج المدني الاختياري وقانون العمل اللبناني والمرأة العاملة وواقع النساء في السجون، مواضيع عالجتها ورشة عمل نظمها معهد الدراسات النسائية في العالم العربي بالتنسيق مع منظمة العفو الدولية بهدف جعل حقوق المرأة واقعاً معيشاً، في حرم الجامعة اللبنانية - الاميركية في بيروت. يرفض الأمين العام ل"مؤسسة جوزف مغيزل" الدكتور في الحقوق فادي مغيزل التسليم بالرأي القائل "ان احداث التغيير يجب الا يُفرض عبر نصوص القانون انما يأتي نتيجة طبيعية للفهم والادراك". فهو اذ يقرّ بان التعديلات القانونية التي تتصادم بعمق مع التقاليد المتجذرة لا يمكن تحقيقها الا بصعوبة كبيرة، يؤكد في الوقت نفسه ان القانون يجب الا يكون مجرد انعكاس لعادات المجتمع وممارساته، خصوصاً عندما تنتهك مثل هذه الممارسات حقوق الانسان، و"جرائم الشرف" مثل فاضح على الحاجة الماسة الى احداث تغيير في القانون لوقف هذه الممارسة المميتة". ويشير مغيزل الى "ان المادة المتعلقة ب"جرائم الشرف" والمنصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني موروثة من القانون العثماني في العام 1840 ومأخوذة بدورها من قانون العقوبات الفرنسي في العام 1810، وهي تمنح عذراً تخفيفياً للزوج الذي يفاجىء قرينته وهي ترتكب فعل الزنى في المنزل الزوجي، علماً ان فرنسا أزالت مثل هذا التدبير في العام 1975". وكان وزير العدل السابق بهيج طبارة وفي الذكرى الاولى لوفاة السيدة لور مغيزل العام 1998، تقدم بتعديل على المادة تنص على ان "الشخص الذي يفاجىء قرينه أو احدى قريباته في الاصول أو الفروع أو شقيقته ترتكب الزنى أو الجماع غير القانوني وقتلها أو تسبب بجرحها من دون سبق التصميم يمنح عذراً تخفيفياً". وقال مغيزل ان مثل هذا التعديل الذي ينتزع من القاتل احتمال تبرئته أو تخفيف مدة العقوبة في ضوء الموقف المشكوك فيه، هو خطوة أولى في الطريق الصحيح الا ان الهدف الأبعد هو الغاء هذه المادة بأكملها. ويشير مغيزل الى ان المادة المتعلقة ب"جرائم الشرف" يستفيد منها الازواج والابناء والاحفاد والاجداد وآباء الاجداد والاشقاء، واذ يتساءل هل تستفيد الزوجات منها كون من ذكر فيها هو "القرين" لا الزوج، يعتقد مغيزل ان الزوج هو على الارجح المستفيد الوحيد كون النصين العثماني والفرنسي يستفيد منهما الزوج فقط. ويسحب التمييز في حق المرأة نفسه على فعل الزنى وعقوبته. فالرجال يُعتبرون مذنبين اذا ارتكبوا هذا الفعل في المنزل الزوجي في حين ان النساء مذنبات بغض النظر عن مكان ارتكاب الفعل، اضافة الى ان العقوبة المتخذة في حق النساء هي أقسى مما للرجال، فهي تتفاوت ما بين ثلاثة اشهر وسنتين للزانية. وشهر واحد وسنة للزاني الى جانب صعوبة توافر عناصر البرهان على الرجال كما هو الامر بالنسبة الى النساء. الزواج المدني الاختياري وتعتقد عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت رئيسة لجنة حقوق المرأة في الاتحاد الدولي للمحامين عليا بارتي زين ان لبنان، على رغم مصادقته على الاتفاق الدولي للقضاء على كل اشكال التمييز ضد المرأة الى جانب عشر دول عربية و153 دولة اخرى، تحفظ عن مواد تتناقض مع قانونه الداخلي وأهمها المادة ال 16 من الاتفاق المتعلق بالمساواة في الحقوق والواجبات في العلاقات الزوجية والعائلية، اذ ان قوانين الاحوال الشخصية تحتفظ باستقلال تشريعي وقضائي خاص بها، ويتسبب هذا الامر بلامساواة في بعض القواعد القانونية، اذ ان قسماً منها يطبق على جميع المواطنين، فيما يطبق القسم الآخر على افراد طائفة معينة، ما ينسف المبدأ العام بتساوي جميع المواطنين أمام القانون. وتشير بارتي زين الى بروز حاجة، في ظل التمييز واللامساواة بين مواطني البلد الواحد، الى توحيد أنظمة الاحوال الشخصية في ظل قانون مدني اختياري يحفظ لكل مواطن حرية المعتقد وينظم شؤون الاسرة والارث. وقالت "ان مشروع الزواج المدني المطروح الآن والذي تعارضه في شدة غالبية المراجع الدينية، معترف به قانوناً في لبنان منذ العام 1936، شرط ان يعقد في دولة أجنبية ثم يسجل في دوائر الاحوال الشخصية اللبنانية ويعترف بمفاعيله القانونية وفقاً لاحكام قوانين البلد الذي عقد الزواج فيه. ومن القواعد الاساسية التي يكرسها مشروع قانون وتكرس المساواة بين الرجل والمرأة ان لا تطليق بارادة الرجل ولا تعدد زوجات ولا أفضلية حتمية للرجل في شؤون العائلة، وكل من الزوجين ملزم حيال الآخر الامانة والاخلاص والتعاون، وهما متساويان في حراسة الاولاد والاشراف على تربيتهم. ويشترك الزوجان في الإنفاق على العائلة بنسبة مواردهما المالية، والولاية الجبرية على القاصر هي للاب وتنتقل الى الام في حال وفاة الأب أو جنونه أو اعتباره مفقوداً. وألغى المشروع قاعدة عدم التوارث في حال اختلاف الدين ومنح المحاكم المدنية صلاحية النظر في بقايا الارث والوصية. الا انه لم يضع نظاماً موحداً للارث للذين اختاروا الزواج المدني، بحيث تلزم المحاكم المدنية تطبيق قوانين الاحوال الشخصية. في هذا الشأن، اما بالنسبة الى الطلاق فاسبابه واحدة للرجل والمرأة، وحق طلبه بواسطة القضاء المدني يعود الى الرجل والمرأة على حد سواء، مع واجب مراعاة مصلحة القاصر لدى اقامة الدعوى. أما الطلاق بالتراضي فهو ممنوع. ومن اسباب الطلاق ارتكاب الزنى من احد الزوجين أو اذا حكم أحدهما بعقوبة شائنة أو ضرب أحدهما الآخر أو أصيب احد الزوجين بجنون مطبق أو في حال هجر أحدهما الآخر من دون مبرر، أو غاب احد الزوجين غيبة غير منقطعة أو في حال اضطراب الحياة الزوجية الى درجة تجعل الاستمرار في العيش المشترك مستحيلاً. وتعود رعاية الاولاد القاصرين بعد الطلاق الى الزوج البريء مبدئياً. المرأة العاملة والقانون أما وضع المرأة في قانون العمل اللبناني فهو مساوٍ للرجل في الأجر تحديد الحد الأدنى للأجور وتعويض غلاء المعيشة، ثم ان قانون العمل نص على تدابير قانونية ترمي الى حماية العمال والعاملات بل خصّ المرأة اكثر كما تقول رئيسة رابطة المرأة العاملة في لبنان المحامية اقبال دوغان والمطلوب التساوي بينها وبين الرجل، مشيرة الى ان التمييز بين الجنسين كان وما زال يحصل في تطبيق قانون العمل نتيجة عقلية المجتمع وقدرة النساء على اثبات كفايتهن ومقدرتهن في المهن والاعمال التي يقمن بها. ولاحظت دوغان ان التمييز حاصل في قانون الضمان الاجتماعي لجهة التقديمات، مطالبة بضرورة افادة المضمونة من التعويضات العائلية والضمان الصحي عن اولادها خصوصاً اذا كان زوجها لا يتقاضى هذا التعويض من أي جهة بما فيها الصندوق الوطني، وعن زوجها اذا كان عاطلاً من العمل من دون شروط اخرى. وترى نائبة رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية السيدة عزة مروة ان الغبن اللاحق بالمرأة في تطبيق قانون العمل ينبع من ثغرات أو نقص في النصوص القانونية، فتحشر المرأة العاملة والاحداث جنباً الى جنب ويتم اخضاع هاتين الفئتين لعدد من التدابير المشتركة ما يعكس نظرة دونية للمرأة العاملة، ومن الغبن اخضاع النساء العاملات لضريبة الدخل من دون افادة المتزوجات من الخفض الضريبي أسوة بالمتزوجين. وتشير الى اشكال اخرى من التمييز في قوانين الموظفين والاجراء وانظمتهم، اذ يعطى الموظف حق الاستفادة من تعويض عائلي عن افراد عائلته من دون شروط محددة في حين هناك شروط بالنسبة الى الموظفة كأن يكون زوجها عاجزاً أو تكون أرملة أو مطلقة، ولا يستفيد افراد عائلة الموظفة المتقاعدة المتوفاة من المعاش الا اذا كان الزوج عاجزاً عن كسب العيش ولا يحدد هذا الشرط لاستفادة الزوجة. أوضاع السجينات ولا تكاد أوضاع النساء السجينات تختلف عن أحوال السجناء الا في ما يتعلق باوضاعهن النفسية نتيجة ترك الاطفال للمجهول. وكثيرات من السجينات، كما أوضحت المداخلات التي قدمتها الجمعيات الاهلية التي تعنى بموضوع السجون، يلجأن الى المهدئات أو ينزلقن الى حالات الاحباط واليأس، والمشكلة الأبرز التي تواجه السجينات فقدان الامكانات المادية لتوكيل محام أو دفع كفالة مالية بسيطة. واذا كانت المعونة القضائية تحاول سدّ ثغرة العجز عن تأمين الوكلاء للدفاع عن الموقوفات فان المحامين المنتدبين طوعاً قد لا يتعاطون جدياً مع دعاوى الموقوفات. والامر نفسه ينطبق على الموقوفين. والسجينة لا تشكل الاهمية الأولى للمحامي المتطوع الذي قد لا يتكبد اي جهد لحضور جلسات المرافعة أو حتى لزيارة السجن لاطلاع موكلته على مجريات الدعوى. واذا كانت المعونة القضائية أمنت للمحامين تغطية النفقات الادارية فانها تمتنع عن منح بدل أتعاب أو بدل نقليات. تبقى الاشارة الى ان في لبنان اربعة سجون للنساء في بيروت وبعبدا وزحلة وطرابلس وكلها تعاني أوضاعاً مزرية وتحصر فيها نحو 250 سجينة.