"عندما علمت بالعرس الجماعي الأول الذي عقد العام الماضي، أعجبتني الفكرة وجعلتني أعيد النظر في فكرة الزواج في حال التقيت الفتاة المناسبة. وكنت صرفت النظر عن هذا الموضوع بسبب ظروفي ووضعي المادي اللذين لا يسمحان لي بالزواج. إذ أنني كنت احتاج الى خمس سنوات على الأقل لأعتمد على نفسي". قال أحمد الصويطي 30 عاماً عن الزواج الجماعي للأشخاص ذوي التحديات الحركية. وفي الشهر الماضي تشرين الأول أكتوبر كان أحمد واحداً من الأزواج الخمسة الذين عقد قرانهم في ثاني عرس من نوعه في الأردن وخصص هذا العام لذوي التحديات الخاصة الناتجة من مشكلات خلقية أو حوادث. أحمد يعمل بدوام جزئي في قسم التجليد في مطبعة وطنية، وهو يعرج بسبب قصر رجله اليمنى بسنتيمترين ونصف السنتيمتر عن الأخرى. "تعرفت إلى زوجتي من طريق الأهل قبل أكثر من شهر من موعد العرس واستأجرت شقة من أحد الأقارب ونتعاون أنا وزوجتي في تأمين تكلفة المعيشة، فهي تعمل في مهنة الخياطة". وزوجة أحمد تعرج أيضاً ولكن في شكل أخف. وأوضح أحمد أنه يمارس حياته طبيعياً، وأنه لم يدع العرج يؤثر في حياته. ولكنه اشتكى من غلاء المهور وتكاليف الزواج التي "أصبحت عائقاً لدى الكثيرين من الناس في بلد يعاني الفقر والبطالة". وتبنت الجمعية الأردنية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة فكرة الزواج الجماعي العام الماضي، عندما لجأ عدد من الأشخاص الذين التقوا من طريق العائلات وفي نوادٍ رياضية واجتماعية خاصة بالمعوقين ويعانون عوائق مادية وتحديات حركية، الى الجمعية وطلبوا دعماً لتنظيم حفلة زفاف جماعية. وأوضح محمد الحياصات رئيس الجمعية التي تعمل تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية ان الجمعية "استحسنت الفكرة وقدمت المساعدة في تنظيم حفلة الزفاف، كما شاركت بذلك جهات عدة من خلال تأمين جزء من الأثاث المنزلي. وكان هؤلاء الأشخاص يعانون مشكلات عدة اجتماعية ونفسية". وأضاف: "هذا العام لم نستطع تقديم سوى هدايا بسيطة، لأن الزفاف الماضي استنزف كل قدراتنا المادية، ولم تستجب سوى مؤسستين من المؤسسات الكبيرة التي توجهنا اليها لتساعدنا في دعم هذا الحدث ولم نحظ سوى بأربعمئة دينار ما يعادل حوالى 620 دولاراً ولذلك لم نستطع تزويدهم إلا بقليل من الأدوات المنزلية، وتأمين مبلغ شهري أقل من 50 دولاراً لبعض منهم من صندوق المعونة الوطنية". وقال الحياصات: "ان الجمعية ساعدت على كسر حاجر الخوف من الإقدام على الزواج وانها لم تركز على نوعية الاعاقة التي يعانونها. وشدد على ان الجمعية تهتم بالمضاعفات التي قد تترتب نتيجة الزواج في حال الانجاب، وانه يتم رفض بعض الحالات في حال وجود خطر من ذلك. وقال ان الجمعية تقوم بزيارة الأزواج لتطمئن الى أحوالهم. وهذا العام كان من بين الأزواج شخص مقعد، وآخر كفيف وواحد يعاني ضعفاً في السمع وآخرون لهم أطراف اصطناعية وحال من التقزم، وقد سكن ثلاثة منهم عند الأهل واستأجر بعضهم شقة. تجدر الإشارة الى ان الجمعية مثقلة بأعباء مادية، إذ انها جمعية خيرية تعمل بدعم من الاتحاد العام للجمعيات الخيرية، وتدير مركز نجارة لتدريب وتأهيل ذوي الاعاقات الحركية وحالات من الشلل الدماغي حيث ينتجون أدوات منزلية خشبية خفيفة، ويعمل قسم على النول والتطريز وتعرض البضائع في مقر الجمعية في منطقة صويلح. وتستمد الجمعية دعم المشاريع من مؤسسة الاغاثة السويدية لفترة ثلاث سنوات الى ان تعتمد على نفسها. وتشير دراسة حديثة أجراها المستشفى الإسلامي الى أن نحو 57 في المئة من الأشخاص الذين يواجهون تحديات حركية ما يعادل 500.000 من عدد السكان اعاقتهم ناتجة من زواج الأقارب. وينص القانون الأردني الخاص بالمعوقين الصادر عام 1993، على ادماج 2 في المئة من ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل، ولكن حتى الآن لا توجد عقوبة للذين يتجاهلون تطبيق هذا القانون.